الرئيسية / جرائم وقضايا / الحكومة تطلب «رد» جميع أعضاء الهيئة القضائية في دعاوى بطلان «أحكام القضاة»!

الحكومة تطلب «رد» جميع أعضاء الهيئة القضائية في دعاوى بطلان «أحكام القضاة»!

مشروع ازمة يطفو على السطح بين السلطتين القضائية والتنفيذية وتنذر بتدهور العلاقة بينهما اقدمت الحكومة صباح امس ومن خلال ممثلها القانوني «الفتوى والتشريع» بتفجير مفاجأة من العيار الثقيل من خلال طلبها «رد» جميع اعضاء الهيئة القضائية التي ستفصل في دعوى البطلان على الاحكام الصادرة لمصلحة القضاة والمرفوعة من الحكومة نفسها! في الجلسة التي شهدت حدثا تاريخيا وغير مسبوق تمثل في احتشاد اكثر من 100 مستشار وقاض وعضو نيابة ليسجلوا اعتراضهم واستياءهم مما وصلت اليه الامور متمثلة بعدم تنفيذ الاحكام الصادرة لصالحهم لحوالي 6 أشهر حيث اصابتهم الدهشة من الطلب وما نتج عنه من تشكيك بالأحكام النهائية الصادرة لصالحهم في حين تم ارجاء الجلسة الى تاريخ 18 ديسمبر الجاري لنظر طلب الرد.
وفي التفاصيل: شهد قصر العدل صباح امس سابقة تاريخية هي الاولى من نوعها تمثلت في تجمع قرابة الـ100 مستشار وقاض وعضو نيابة لتسجيل اعتراضهم واستيائهم من الموقف الحكومي المتمثل في رفض تنفيذ احكام نهائية صادرة لصالحهم وأقرت مبادئ جديدة واجبة النفاذ، وجاء هذا التجمع الكبير لحضور الجلسة الاولى المخصصة للنظر في دعاوى البطلان المرفوعة من وزارة العدل لابطال الاحكام النهائية الباتة الصادرة لصالح 190 من اعضاء السلطة القضائية والتي اقرت حقوقا ومزايا لهم وأرست مبادئ جديدة في شأن استقلالية قرارات مجلس القضاء، الا ان المفاجأة بتقدم دفاع الحكومة ممثلاً بالفتوى والتشريع بطلب «رد» جميع اعضاء الهيئة القضائية الذين سيفصلون في الدعوى وسط استغراب وامتعاض من قبل القضاة الحاضرين من هذا التصرف لاسيما مشيرين ان هذه الدعوى المنظورة مرفوعة من الحكومة نفسها فكيف تقوم وتطلب «رد» جميع اعضاء الهيئة القضائية التي ستفصل فيها؟
في الوقت الذي تدخلت فيه النيابة العامة بالدعوى وانتهت في رأيها الى عدم قبول دعوى البطلان التي رفعتها الحكومة ضد الاحكام الصادرة لمصلحة القضاة، وجاء رأي النيابة في مذكرتها التي حصلت «الوطن» على نسخة منها بأن احكام التمييز واجبة الاحترام فيما خلصت اليه سواء اخطأت ام اصابت، فهي خاتمة المطاف ولا تقبل التعقيب او التعديل او التبديل وهو ما ذهب اليه المشرع من عدم جوازية الطعن على احكام التمييز سواء بالطرق العادية أو غير العادية لما استهدفه من تأمين دواعي استقرار الروابط القانونية التي تقتضيها المصلحة العامة ووضع حد للتقاضي لاسيما وان هذه الاحكام صادرة من محكمة تستوي على القمة بحكم تشكيلها العالي وما وسد اليها من جليل الاختصاص وعظم المسؤولية وقدر الامانة ولم يضع المشرع من هذا الاصل الا استثناء واحدا خوله لمحكمة التمييز من حق سحب الاحكام في حالة وحيدة وهي قيام سبب من اسباب عدم الصلاحية بأحد قضاتها الذين اصدروا الحكم، وهو ما انتهت اليه النيابة في مذكرتها بأن اعضاء المحكمة لم يلحق بأحد منهم سبب عدم الصلاحية المحدد في صحيفة البطلان المرفوعة من الحكومة وبالتالي فان تعقيبها يكون غير جائز.
وفي هذا الصدد اعربت مصادر قضائية مسؤولة لـ«الوطن» وبلسان 190 مستشارا وقاضيا وعضو نيابة عن بالغ استيائها مما تقوم به الحكومة ممثلة بوزاراتها واداراتها المعنية والمختصة بتعطيل تنفيذ هذه الاحكام، مؤكدين بان الشيخ محمد العبدالله وزير العدل بالوكالة السابق حضر اجتماع المجلس الاعلى للقضاء الذي انعقد بتاريخ 22 يوليو 2014 وأكد دعم القيادة السياسية ودعمه هو شخصيا لجميع الاحكام الصادرة لمصلحة القضاة ورغبته بتنفيذها وقد تم تدوين هذا في محضر اجتماع المجلس الاعلى للقضاء وما لقي استحسانا من اعضاء السلطة القضائية.
واضافت المصادر انه ومع مرور الوقت وتأخر تنفيذ تلك الاحكام ذهبت مجموعة من القضاة بتاريخ 16 اكتوبر الماضي الى وزير العدل بالوكالة الشيخ محمد العبدالله ليستفسروا منه عن سبب التأخير وتفاجأوا بابلاغهم بأنه سيرفع دعوى بطلان ضد الاحكام وهو ما اثار علامات تعجب واستفهام لديهم خصوصا، وذهبوا الى ان ما تقدمت به الحكومة في جلسة اليوم من طلب «رد» لجميع اعضاء هيئة المحكمة يثير الغرابة.
واكدت المصادر القضائية بأنهم يمتلكون شهادة بعدم تنفيذ الاحكام سالفة الذكر وقد انتهت المهلة القانونية المحددة بناء على الانذارات القانونية التي وجهوها الى وكيلي وزارتي «العدل» و«المالية» وبالتالي فان بامكانهم ان يتقدموا بشكوى الى النائب العام بالعزل والحبس ضدهما في اي وقت الا آثروا عدم تقديمها طيلة هذه الفترة لشعورهم بالمسؤولية الكبيرة التي تحتم عليهم التروي في اتخاذ اي اجراء قانوني من هذا القبيل ولثقتهم بأن الامور ستحل قريبا من المراجع العليا، وايمانهم الكبير بأن الاحكام النهائية الصادرة باسم صاحب السمو واجبة النفاذ وهو ما يجعلهم يتمسكون وحتى الآن بما يوجبه عليهم القانون كونهم رجال دولة.
واشارت المصادر الى أن ما يحدث يعد انتهاكا لدولة المؤسسات وضربة تهز صرح القضاء الشامخ وتخلخل ثقة المواطنين والمقيمين على حد سواء في تنفيذ الاحكام.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*