مثّل “العقال” بالنسبة للزي الخليجي سمة مميزة، حيث يعدّ أحد أهم أجزائه، لاعتباره رمزاً للأصالة والانتماء، ولما يحمله من قيمة كبيرة؛ فهو بمثابة التاج للرأس، حتى إن الرجل إذا أراد فعل شيء أو أخذ ثأر أو إرجاع حقوق، يرمي عقاله على الأرض، ويقسم أنه لن يرتديه إلا بتحقيق ما أراد.
كان استعمال قطعة من القماش كعصابة وربطها على الرأس، من الأمور المتعارف عليها عند العرب قديماً، إذ إن ارتداءها مهم بحكم طبيعة الصحراء الرملية وحرارة الشمس في المنطقة، وهو ما جعلهم يعتمرون العقال فوق “الغترة أو الشماغ” من أجل تثبيتهما، ليتطور بعد ذلك ويأخذ الشكل الحالي.
عادة ما كان يُصنع “العقال” من مواد خام من خيوط منسوجة من صوف الأغنام والماعز، حيث يُستخدم في بداية تصنيعه القطن الأبيض، ثم يضاف إليه القطن الأسود، ويغلف بالحرير أو الصوف؛ ومع تطور أسلوب النسيج أصبح لـ”العقال” أشكال وألوان عدة يُلبس بعضها في المناسبات والاحتفالات الوطنية.
ومن أشهر أنواع “العقال” العقال المقصب أو الشطفة، وسمي المقصب لكونه يقصّب بخيوط ذهبية أو فضية، ويصنع من وبر الجمال، ويرتديه الأمراء والملوك ووجهاء القوم، وأشهر من عُرف بهذا “العقال” هو الملك السعودي الراحل عبدالعزيز آل سعود، وابنه الراحل أيضاً الملك فيصل.
ومنه “العقال الأبيض”، ويعرف به العلماء وأئمة المساجد، ومن أراد الذهاب إلى الحج والعمرة، وهو مصنوع من الصوف.
و”العقال المرعز” وهذا النوع يكون مصنوعاً من الصوف، ويحرص غالبية الشباب على شرائه، وخصوصاً المصنّع محلياً لاعتباره من أجود الأنواع.
و”الخـزام” ويصنع من الصوف أو الوبر على شكل حبلين طويلين، لهما نهايتان تدخل إحداهما فيما يشبه العقدة لتثبيته على الرأس، ويُصبغ باللون الأسود، ولا يزال بعض المسنين من البدو يستعملون حبلاً من الليف تربط به الغترة على الرأس، في حين تشتهر دولة قطر بعقال “أبو هدبة” الممتد خيطه إلى منتصف الظهر.
وإذا ما ذُكر “العقال” ذكرت معه الحوادث والطرائف، ففي جلسة مايو/أيار 2015 اضطر النائب في مجلس الأمة الكويتي حمد الهرشاني لاستخدام عقاله، بعد تطاول النائب عبدالحميد دشتي على المملكة العربية السعودية وعملية “عاصفة الحزم” في اليمن، وقد عرض مغردون سعوديون على “تويتر” مبالغ وصلت إلى أربعمئة ألف ريال سعودي مقابل “العقال” الذي ضُرب به النائب دشتي.
وكذلك، يذكر أستاذ كلية الآداب بجامعة الملك فيصل، الدكتور محمد بن أحمد الدوغان في قصيدته الظريفة “لماذا العقال؟”، فوائد عديدة وخصالاً جليلة ومنحاً كثيرة لهذا الزي.
تجدر الإشارة إلى أن الباحث في تاريخ “العقال” ونشأته، يجد روايات عدة وإجابات متعددة؛ لعل أبرزها أن الاسم مشتق من عقال البعير “الحبل الذي يعقل به البعير”، وكيف أن العربي في أثناء امتطاء بعيره كان يعقده على رأسه.
ومنهم من يرجعونه إلى زمن سقوط الأندلس، حيث كان الجنود يضعون رابطة بيضاء حول الخوذة، حولوها بعد هزيمتهم في الأندلس إلى اللون الأسود حزناً وتحفيزاً على العودة، حسبما ذكر الكاتب والأديب السعودي الراحل محمد صادق دياب.
ولم يعرف “العقال” كلباس على الرأس في منطقة الخليج إلا في فترة متأخرة، وقبل ذلك كانت العصابة هي المستعملة، ويعتقد أن “العقال” وصل إلى الخليج عبر بلاد الشام، حيث أصبح زياً تقليدياً تتوارثه الأجيال.