الرئيسية / كتاب وآراء / أعوام وأرقام ، بقلم: صالح الشايجي

أعوام وأرقام ، بقلم: صالح الشايجي

الأعوام تلبس أرقاما ولكل عام رقمه الذي يعرف به، والناس يعدون أعوام أعمارهم وأعوام الحياة الدنيا، يحتفلون باستقبالها ويقيمون الأفراح والزينات، كلما خلعوا من أعمارهم أو من عمر الحياة عاما ليستقبلوا القادم الجديد.

ونحن اليوم في توديع عام لم يبق منه سوى أيام معدودات واستقبال جديد لن يطول استشراف هلاله.

تعوّدنا أن نكسو كل عام راحل بأردية المذمة والمعايرة ورجمه بالسوء حامدين الله على رحيله غير المأسوف عليه، وفي الوقت ذاته مهللين للعام الجديد مرحبين به بحرارة تذيب الحديد، داعين مبتهلين أن يكون خيرا من سابقه الذي مضى مرجوما ملعونا مدحورا.

أرقام الأعوام وعدّها اختراع بشري لا علاقة للطبيعة به، فالناس هم الذين ابتكروا الأرقام وكسوا بها أعوام دهورهم وأزمنتهم، بينما الأعوام أيام تتشابه وتتطابق من حيث الطول والقصر ولا تتغير ولا علاقة لها بما يفكر به البشر، ماضية بإرادة مكونها ومدير شؤونها ومدبّر حركتها.

المشكلة ليست في الأعوام ولا في أرقامها، إنما هي في البشر الذين يوكلون سوءهم وتقصيرهم الى الأعوام وأيامها ولياليها، متحللين بذلك عن تقصيرهم وسوء ادارتهم لشؤون الحياة وشؤونهم هم في الحياة.

ما أسهل أن نقول ارحل يا عام 2014 فلم نر منك ولا فيك خيرا، وأهلا بك يا عام 2015 مقدمين لمجيئه الزهور في أوان براقة زاهية ومقيمين له الزينات، وكأنه الفارس المخلص الذي سيبتر شأفة ما نحن فيه من مرّ ومرار وعجز وخور وما يجثم على صدورنا من ثقيلات الهموم، حتى إذا ما شارف على نهايته، فعلنا به ما فعلنا بسابقه، وهكذا فنحن نجيد الترحيب ونبالغ فيه كإجادتنا التوديع وكيل السباب للراحل المسكين!

لن يتغير من أمر الأعوام شيء، فهي في حركة دورية مقدرة ومحكومة ومنظمة، ولكن ما يمكن تغييره والتحكم فيه، هو الانسان ذاته فهو سيد الأرض وبانيها، فاما أن يكون لبنة إضافية في سورها أو يكون معولا لهدم هذا السور.

لا تشغلوا أنفسكم بأخلاق الأعوام وما إذا كانت حميدة أو سيئة، لأن الأعوام لا أخلاق لها، وليس لها عقل، بل أنتم الذين لكم عقول وأخلاق فابحثوا في أنفسكم، ودعوا الأعوام، لا تعلقوا عليها سوءكم وتقصيركم وفشلكم!

 

 

ka******@gm***.com

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*