استطاع البرنامج التلفزيوني «كل يوم» الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب على قناة «أون تي في» أن يفتح الأبواب الموصدة أمام منى السيد التي انتشرت صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي لتحظى بكثير من التعليقات والمشاركة بين روادها، بينما تجر عربة «تروسيكل» محملة بالبضائع لمسافة 7 كيلومترات يومياً. فالسيدة البالغة من العمر 40 سنة، وعلى رغم جسدها النحيل، تمتعت بعزيمة صلبة دفعتها للسعي وكسب العيش الشريف من دون ضجر أو تذمر عبر القيام بعمل شاق نادراً ما تمتهنه النساء. وتمكن فريق عمل البرنامج من الوصول إليها، وإجراء مداخلة معها ثم إنجاز تقرير تلفزيوني داخل منزلها يتناول يوماً في حياتها، وانهمرت عقبها المساعدات لمنى ولعائلتها، ثم كان هناك طلب رئاسي لمقابلتها، ليتضح أن القناعة هي أبرز سمات السيدة الكادحة، عندما سألها أديب ماذا ستطلب من الرئيس عند مقابلته فأجابته: «الستر».
أكدت منى أنها أمضت نصف عمرها في هذه المهنة الشاقة بين الرجال، تحمل عبوات السلع الغذائية وتوزعها في منطقة المنشية وبحري وسط الإسكندرية، وتعيش مع أخيها وزوجته، بعدما فقدت والديها قبل سنوات طويلة، وأكدت أنها تتمتع بحب من حولها وتشجيعه، ورفضت البقاء دون عمل.
وصرح أحد أعضاء فريق إعداد البرنامج محمد بهنس، الذي استطاع الوصول إلى منى قائلاً: «تابعت انتشار صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي وتتبعتها حتى توصلت إلى مكان إقامتها في منطقة بحري في الإسكندرية، وتواصلت عبر أصدقاء مع أحد الأهالي هناك، فأكد لي أن هذه السيدة معروفة في المنطقة. لم تكن تمتلك هاتفاً فتواصلت معها عبر ابن أختها الذي رفض في البداية إجراء أي مداخلات او الحديث عن الموضوع، وأبدى استياءه الشديد من سخرية بعضهم من صورتها، ويبدو أن انتشار الصور على مواقع التواصل الاجتماعي جعل العائلة مسار سخرية في المنطقة». وتابع بهنس: «أقنعته بضرورة المداخلة وأن عليه ان يفخر بها وبعملها، وبالفعل أجرينا المداخلة معها، وعقب ذلك تواصل مع البرنامج اثنان من رجال الأعمال رفضا الإفصاح عن هويتهما، أحدهما تبرع بمبلغ 100 ألف جنيه، والآخر تبرع بمواد غـذائـيــة كي تتــاجر بها وتتجنب عناء جر عربة «التروسيكل» وتوزيع المواد الغذائيـة على المدارس. وهناك من تــبرع لها بــرحلة عمرة، وعقب بث التقرير التلفزيوني، تلقينا اتصالاً من مكتب الرئيس للتأكيد أنه سيستقبلها (أمس الأربعاء)، وستكون ضيفــة شرف مؤتمر الشباب المقبل في (ديسمبر)، وسيسعى لتلبية متطلباتها».
ويبدو أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يتابع ملياً البرامج التلفزيونية، وهو ما أكدته مصادر رئاسية لـ «الحياة» قائلة: «يتابع الرئيس كل وسائل الإعلام سواء الصحافة أم التلفزيون أم مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب التقارير التي ترفع له».
يذكر أن السيسي أجرى مداخلات هاتفية مع برامج تلفزيونية: اثنتين عبر برنامج الإعلامي أسامة كمال على قناة «القاهرة والناس»، الأولى في كانون الأول 2014، حين فاجأ البرنامج بتلك المداخلة التي تحدث خلالها عن أصحاب الاحتياجات الخاصة واستجاب لدعوة أحدهم (منعم سعد الدين) الذي كان ضيفاً في البرنامج وطالبه بحضور افتتاح البطولة الأوليمبية الإقليمية لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما وافق عليه الرئيس. والثانية مع البرنامج ذاته في (يناير) 2016، ليعلن الرئيس دعمه مجلة «نور» التي تصدر للأطفال، ثم كانت المداخلة الثالثة في (مارس ) 2016 مع الإعلامي عمرو أديب خلال برنامجه «القاهرة اليوم «على شاشة قناة «أوربت» متحدثاً عن التحديات التي تواجه الدولة، ووجه حديثه الى الشباب وأكد أن صدره لا يضيق بهم فهم بمثابة أبنائه، معلناً أنه سيلتقي وفداً من مشجعي كرة القدم «الألتراس» لكشف ملابسات «أحداث استاد بورسعيد» التي وقعت في العام 2012 وسقط خلالها عشرات الضحايا من مشجعي كرة القدم.
كانت السمة السائدة لمداخلات الرئيس كونها مفاجئة من دون ترتيب مسبق، لتشي باهتمامه ومتابعته وسائل الإعلام، على رغم انتقاده أداءها مرات، كان آخرها في (أكتوبر) الماضي خلال انعقاد المؤتمر الوطني للشباب حين توجه بحديثه الى الإعلاميين مطالباً إياهم بتحري الصدق في ما يقدمونه، قائلاً: «أتحدث إليكم كمسؤولين عن البلاد وليس مجرد إعلاميين، فأنتم تتسببون بالضرر لمصر من دون قصد». وأضاف: «فقدنا علاقات الصداقة مع بعض الدول بفعل تلك الأخبار الملفقة، ولم يحدث يوماً أن وجهت إعلامياً كي يوجه سهام الهجوم ضد أي شخص أو جهة أو دولة، وأتمنى عدم اللجوء للإساءة الإعلامية لأي طرف حتى وإن أساء الينا».