يشهد العالم طفرة تكنولوجية كبيرة وزيادة في أعداد الأجهزة المتصلة بالإنترنت، حيث لم تعد الحواسيب والهواتف الذكية هي الوحيدة التي تتصل بخدمات الإنترنت بهدف تبادل المعلومات مع الخوادم، بل أصبحت العديد من الأجهزة الذكية تحتوي على هذه الخاصية، مثل الأساور الرياضية وكاميرات المراقبة، والثلاجات، وحتى فرشاة الأسنان، كلها أجهزة أصبحت تندرج ضمن هذا النوع الجديد من الوحدات المتصلة بالإنترنت، والتي أصبحت تعرف بمصطلح إنترنت الأشياء (Internet of Things).
ويرى الخبراء أن إنترنت الأشياء سوف يشكل الجيل القادم من الشبكة العنكبوتية، نظراً للخصائص الجديدة التي تحتوي عليها، كقدرتها على إرسال البيانات وأداء وظائف محددة، من خلال شبكة الإنترنت والتفاعل الذكي، وتنفيذ عدة مهام دون الحاجة إلى تدخل الإنسان، حيث من المرتقب أن يصل عددها إلى 26 مليار جهاز بحلول سنة 2020.
وعلى الرغم من إيجابيات إنترنت الأشياء، والمتمثلة في الأساس في أتمتة المنازل وجعلها أكثر ذكاء، إلا أن بعض سلبياتها أصبحت في الواجهة، وتنذر بنوع جديد من الحروب والهجمات الإلكترونية يكون لها دور أساسي فيها.
ولعل حادث 21 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم – والذي تسبب في تعطيل عدد كبير من المواقع بعد تعرض خوادم شركة Dyn لهجوم الحرمان من الخدمة الموزعة DDOS- أعاد إلى الواجهة المخاطر الأمنية للشبكة العنكبوتية. ويتمثل هذا الخطر في استغلال ملايين من الأجهزة المتصلة حول العالم من طرف الهاكرز، والقيام بهجمات على مواقع محددة، دون عِلم مالكيها بالأمر.
وقد أشارت تقارير تم نشرها بعد الحادث على شركة Dyn، وهي من بين أكبر مزودي الإنترنت بخدمات النطاقات (DNS Provider)، أن الهاكرز استخدموا فيروساً سريع الانتشار يحمل اسم «مايراي بوتنيت»، يستهدف أجهزة إنترنت الأشياء مثل كاميرات المراقبة التي تحتوي على كلمات سر افتراضية معروفة، بحيث أن بعض الشركات المصنعة لها تترك كلمات سر موحدة في جميع أجهزتها، الأمر الذي يسهل عمل الهاكرز.
وينتشر الفيروس إلى جميع الأجهزة التي تحتوي على نظام حماية ضعيف، والبقاء فيها دون تعريضها للضرر، ليتمكن الهاكرز بعد ذلك من جمع قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على عدد هائل من الأجهزة المتصلة بالإنترنت، واستغلالها في الوقت المناسب للقيام بهجوم الحرمان من الخدمة الموزعة DDOS.
وعلى الرغم من أن هذا النوع من الهجوم لا يقوم بالاستيلاء على البيانات الموجودة على الخوادم، ولا يعرض أي معلومة للخطر، إلا أنه يقوم بإيقاف إمكانية الولوج للمواقع، بسبب تعرض خوادمها لعدد كبير من الطلبات في نفس الوقت من طرف ملايين الأجهزة التي اخترقها الهاكرز.
إن هذا النوع الجديد من الهجمات أدى إلى ظهور عصابات إلكترونية تتاجر في قوائم تحتوي على الأجهزة المخترقة، كما تقوم العصابات بعرض خدماتها لإسقاط وتعطيل مواقع مقابل مبالغ مالية تصل إلى آلاف الدولارات.