تتناول المستشرقة الأوكرانية يانا كوروبكو البنية النفسية للمسلم وتركز على الأمراض النفسية التي تصيب بعض المسلمين نتيجة للظروف الاجتماعية المحيطة بهم.
وفي كتاب ألفته بعنوان “العرب تحت العلاج – تطوير نظام الصحة النفسية والتحليل النفسي في العالم العربي والإسلامي” تقول كوروبكو في حوار أجرته معها “بوابة الأهرام” المصرية: دافعي لتأليف كتابي هذا “تبلور بعد كشفي لدى علاجي مرضى عربا ومسلمين عن انعدام ثقافة رعاية الصحة النفسية ومعالجة المشاكل النفسية المتزايدة” في المجتمعات العربية، مشيرة إلى أن كتابها “يركز على المسلمين العرب”، لأن لديها خبرة العمل معهم خلال عملها في عدد من الدول العربية.
وأضافت: هناك عاملان رئيسان يشكلان الهوية العربية هما الإسلام والصحراء، كما أن الهوية العربية تتميز بالدلالات المرتبطة بالمفهوم البدوي المحارب المؤمن بالقضاء والقدر والصبر والقبلية المثالية، مؤكدة أن “الفرد المسلم لا يمثل كيانا مستقلا، بل أن وجوده قائم على علاقته وارتباطه بالجماعة، أي الأسرة والقبيلة.
كما أوضحت أن تفسير الأحلام يعد إحدى أدوات التحليل النفسي “إذ نجد الأحلام تختلف من شخص لآخر، وأن تحليل النفس يتم كذلك بتحليل زلات اللسان، وذكريات الطفولة والدوافع الغريزية والليبدو والتداعي الحر وتعديلاتها، والنتيجة طبعا هي الحصول على التحرر التدريجي من المعاناة”.
وعن أهم المشاكل النفسية لدى المصريين اليوم، أفردت الكبت والهيستيريا، ولا سيما عند النساء، إضافة إلى القلق والأمراض الرئيسية الأخرى المعتادة.
وبصدد الحروب التى تهدد العالم الآن تقول كوروبكو: إن الحروب الآن تدار بوسائل غير تقليدية، بل بوسائل جديدة تشمل الحرب النفسية المرتبطة بتشويه صورة الإسلام، والمعلومات التي نحصل عليها عبر وسائل الإعلام الغربية.
وأضافت أن هناك تعصبا نفسيا قويا ضد العالم الإسلامي وصورا ومشاهد مزيفة تسيء للإسلام، معيدة للأذهان أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الذي قاد الحرب على ما سماه محور الشر، وتجسد حسب منهجه في إيران سوريا وكوريا الشمالية، الأمر الذي عبّر عن انطلاق حرب علنية ضد الشرق، وبداية لما نسميه بالحرب الحديثة، التي تستخدم فيها أسلحة مختلفة عن الحربين العالميتين الأولى والثانية.
ومضت تقول: أعتقد أن الحديث عن صراع الحضارات حديث مغلوط، لأن الأمر متعلق بصراع على الموارد الطبيعية والإنسانية والاجتماعية، وخاصة على العالم الإسلامي بثرواته التي يحتاجها الغرب الذي سيتآكل ويجد نفسه في أزمة حقيقية، بل سيحكم عليه بالفناء بعد قرون من الزمن.
وتابعت: كنت أهتم بالعالم العربي منذ طفولتي فقد قرأت قصص ألف ليلة وليلة، وكانت هي كتابي المفضل، وما زلت أعتقد أن شهرزاد محللة نفسية على درجة ممتازة فهي استطاعت أن تحلل شخصية شهريار وتعامله كالطفل، وتسبر أغواره وتروضه، وتعالجه أيضا.
وعن قرارها اعتناق الاسلام، قالت إنه كان “قرارا شخصيا، فقد بدأت تعلم اللغة العربية منذ عشر سنوات وعشت في العالم العربي ودرست بشكل عميق الحضارة الإسلامية.
وأضافت أنها أدركت الحقيقة التي كانت تبحث عنها لتعيشها يوميا، مؤكدة أنها تؤدي كل الفروض من صوم شهر رمضان والصلوات الخمس.
واستطردت قائلة: أدرس كل شيء عن الإسلام فأنا عشت في العديد من دول العالم، وأتحدث ثماني لغات أجنبية بطلاقة هي العربية والصينية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية وغيرها.
وعن علاقتها بوالديها وأصدقائها بعد قرارها اعتناق الإسلام قالت، إن هناك “حبا متبادلا بيني وعائلتي، وحينما اعتنقت الإسلام فوجئ والداي كثيرا بهذه الخطوة، لكنهما الآن يتقبلانني كما أنا، فمثلا في شهر رمضان حينما كنت في أوكرانيا أستيقظ مع الفجر لأصلي صلاة الفجر، أدركا أن هذه هي الحقيقة كما أعيشها، بخاصة أنهما يعرفاني جيدا.
وعن الجماعات المتشددة، تقول: إن هؤلاء لا يترجمون الدين الإسلامي بشكل حقيقي، كما جاء في القرآن ولن يستطيعوا الحصول على أهداف بواسطة هذا الاستخدام أبدا، مهما كان حجم التمويل الذي يتلقونه.
وأضافت أن هذه الجماعات ليست من مصدر إلهي، فليس هناك ما يدعو إلى سفك الدماء، وهم يحسون بأنهم غير مقدرين في هذا العالم، وأن هذه الجماعات متطرفة وفي آخر المطاف، فإنها لن تنال أهدافها، لأن الخير دائما هو الذي ينتصر.
وعما تسمعه من أغنيات وتفضله من مطربين، قالت: “أنا أستمع وأستمتع بالأغاني الكلاسيكية، وأحب فيروز وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وكل الأغاني الكلاسيكية، ومنها المغربية أيضا والخليجية”.
كتاب كوروبكو يبحث في الحالة النفسية للمتطرف، ويحتوي على ثلاثة أجزاء: الأول يكشف عن وجود علم النفس منذ عهد النبي محمد (ص) حسب المؤلفة، والثاني يتناول العوامل المعنوية التي تتأثر بها نفسية المسلم.
وتتخصص كوروبكو في علاج الكثير من الظواهر والأعراض النفسية التي تحملها مواقف الحياة المتكررة كالقلق والصدمة النفسية وعدم الاستقرار العاطفي وتقلبات المزاج والفقدان والمعاناة والألم وسكرة الموت والعدوانية والتعلق العاطفي المرضي، وعلاقة الإدمان والخوف من الموت.