لافت هذا الانفتاح الحكومي على الشعب وفق المنظر الظاهر، من خلال ما تابعناه وقرأناه، من أخبار لقاءات للوزراء مع المواطنين أو استضافات لهم في دواوين وندوات.
فعلى أكثر من شهرين دأب محافظ الفروانية الشيخ فيصل المالك على تنظيم لقاءات للوزراء، كل على حدة مع مختاري ووجهاء المنطقة في ديوان المحافظة، كان آخرها لقاء وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح، يوم الثلاثاء الماضي، وكانت فرصة للوجهاء والمختارين لطرح قضايا المحافظة، بحثا عن الحلول التي وعدهم الوزراء بحلها والعمل على تلافيها.
كما أن الوزير الجديد يعقوب الصانع، عمل على عقد لقاءات شعبية مع الوزراء، فنظم الأسبوع الماضي ندوة في ديوان كتلة الوحدة الدستورية «كود» التي كان يرأسها، بحضور ثلاثة وزراء هم الوزيرة الصبيح، ووزير الكهرباء والماء وزير الأشغال عبدالعزيز الابراهيم، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله، حيث نوقشت مجموعة من القضايا الخدمية والاجتماعية والسياسية، وتولى الوزراء شرح وجهة النظر الحكومية تجاه ما تم طرحه.
هذا إضافة إلى أن الوزير الصانع نفسه، عمل منذ توليه حقيبة وزارتي الأوقاف والعدل، على عقد اللقاءات الصحافية والظهور الإعلامي حتى رأيناه الأسبوع الماضي في ظهورين، كان اقواهما مؤتمره الصحافي الذي عقده في مبنى وزارة الأوقاف، معلنا ضم مركز الوسطية إلى مكتبه، وعزمه تشكيل لجنة «من عناصر حيادية وذات مصداقية» على حد وصفه، لإعادة صياغة مبادئ وأهداف المركز، وقبله إعلان إلغاء مجلس وكلاء وزارة الاوقاف، الذي كان يشكل ــ وفق إفادات بعض الزملاء من موظفي الوزارة ــ دولة داخل دولة، وكان عبارة عن «لوبي» لا يستطيع أي وزير اختراقه أو مخالفته.
ولأننا في هذا المقام لا نناقش خطوات وزير بعينه في وزارته، فلن نخوض فيما صدر من قرارات وزارية في وزارة الأوقاف، وحسبنا أن ندلل على سياسة جديدة في العمل الوزاري، وصفته الوزيرة الصبيح في معرض حديثها خلال فعاليات كثيرة ظهرت فيها الأسبوع الماضي بأن الحكومة ترفع شعار الشفافية في عملها.
وهنا نسأل وماذا بعد الشفافية والانفتاح؟ هل يقف الأمر عند هذا الحد دون أن يكون هناك شيء ملموس على الأرض؟ فهل سجلت ملاحظات ما تلقاه الوزراء من الناس في لقاءاتهم وكلفوا وكلاءهم بالعمل على معالجتها وتقديم الحلول لها؟ أم أننا سنفعل كما كانت تفعل الأنظمة الشمولية التي سقطت، حيث يلتقي المسؤولون بالقاعدة الشعبية ويستمعون للمشكلات ويعدون بالحل، ثم يغادرون ويرمون تلك الملاحظات في أقرب سلة مهملات تصادفهم؟
ما نرجوه مع هذا التوجه الحكومي الجديد، أن يرافقه جزء آخر هو التنفيذ، فسهل أن تجتمع مع الناس وتستمع لمعاناتهم وشكواهم، وسهل أيضا أن تسجل تلك الشكاوى وتضع الورقة في جيبك أو تسلمها لسكرتيرك المرافق، ولكن الصعب أن تبقى تلك الملاحظات قائمة أمامك وتعمل على تنفيذها إبرارا للوعد الذي قطعته للناس في لقائك بهم، تلك هي رسالتنا لوزراء الانفتاح الشعبي ومن استمعوا للشكاوى وسجلوها. وننتظر منهم الخطوات التنفيذية، حتى تكتمل أركان الشفافية في العمل، لا أن تكشف الجانب السهل، وترخي الستار على الجانب الأهم.
وماذا عن الاستجواب المزمع مناقشته غدا لوزير التجارة والصناعة؟ هل حصّنت الحكومة وزيرها من مقصلة طرح الثقة؟ أم أنها تركت الأمور لمجريات الأحداث وما ستتكشف عنه؟
استقراء الواقع يقول إن الوزير غير مرغوب به عند عدد لا بأس به من النواب، وهو مصر على صعود المنصة وتفنيد ما جاء في الصحيفة، ولكن هل ضمن عواقب ما بعد المناقشة والتفنيد؟
مسألة تحتاج إلى تفكير مليّ قبل الوصول إلى المنصة، سواء من الوزير أو رئيس الوزراء، إلا إذا كانت «الثقة في المخبى» كما يروج البعض في ظل التأثير الحكومي على عدد كبير من النواب، وهذا ما سنتابعه غدا إن شاء الله.
h.********@ho*****.com
Dr_alasidan@