استيقظ محمد ذات يوم وتوجه إلى المزرعة ليأخذ البيضتين من ذهب اللتين تعوّد على أن يجد دجاجتيه تضعهما له من دون جهد، فوجد إحدى الدجاجتين وقد ماتت، ولم يتبق له إلا بيضة واحدة يومياً !!
هذه هي قصتنا مع النفط: جاءنا من دون جهد وتبخر نصف سعره بلمح البصر !! ولنا وقفات مع هذا الوضع:
أولاً: إن هذه دلالة واضحة على أن الحياة الدنيا لا مستقر لها ولا ضمان بل هي تتقلب بأهلها كما تشاء، ترفع من تشاء وتخفض من تشاء وتعز وتذل من تشاء والركون إليها والاطمئنان بها هو عين الجهل والغباء «حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت، وظن أهلها أنهم قادرون عليها، أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كما لم تغن بالأمس».
ثانياً: إن أهل الكويت يستحقون ما حصل لهم لأنهم لم يستفيدوا من جميع المؤشرات والإنذارات التي تحذرهم من الاطمئنان إلى الأوضاع الاقتصادية التي كانت سائدة قبل أشهر عدة، وتبين لهم بأن الاعتماد على سلعة واحدة قابلة للزيادة والنقصان هو عين الجهل لاسيما وأن تقلبات الاقتصاد وتذبذب الأسواق هو صفة دائمة لا يمكن الاطمئنان إليها!!
ثالثاً: لابد أن تتحمل جهة من الجهات المسؤولية عما حدث وألا يتم تسجيل القضية ضد مجهول – كالعادة – وإن كان من جهة تتحمل المسؤولية فهي الحكومة الكويتية التي فرطت في القيام بدورها، ولذلك شواهد كثيرة منها:
1 – حققت الكويت فوائض مالية كبيرةا 15 عاماً على التوالي فاقت الـ 16 مليار دينار سنوياً، ومع ذلك لم تستطع إنجاز أي مشروع من المشاريع الحيوية التي ينتظرها الناس بفارغ الصبر.
2 – وضعت الحكومة خطة طموحة وتركت الشعب ينتظر تحقيقها، ثم خرجت عليهم في نهاية سنوات الخطة لتعلن بأن خطتها قد فشلت بالرغم من توفر الأموال المطلوبة لها.
3 – ارتفعت الرواتب والأجور بمعدل أربعة أضعاف ما كانت عليه في عام 2004/2003، وتمثل الرواتب والأجور والدعم نحو 75 في المئة من إجمالي المصروفات، وليت هذا الارتفاع كان متساوياً بين جميع شرائح الموظفين، لكن وجدنا بأن التقارب كبير جداً جداً بينهم، فالقطاع النفطي الذي لا يزيد عدد موظفيه عن 20 ألف موظف وصلت رواتبه إلى مليار وثلاثمئة مليون دينار بمعدل راتب شهري للموظف يبلغ 5476 ديناراً.
بعدها بدأت الحكومة بالحديث عن البديل الاستراتيجي لتعويض من لم يحصل على جزء من تلك الكيكة ولكن يبدو بأن الوقت قد فات وعظم الله أجر من لم يحصل على الزيادات !!
4 – بالطبع فإن القياديين لهم نصيب الديناصور من تلك الزيادات في الأجور فقد فتحت لهم الحكومة أبواب التنفيع عن طريق العلاوات والبدلات وغيرها في القطاع الخاص قد تم ايصاده بالطوب والصلبوخ، فمن هو المجنون الذي يرضى بالتحول إلى القطاع الخاص وهو يرى أمامه حكومة توزع المال على الناس بالهبل ثم لا تطالبهم بالعمل مقابل ذلك المال، بل وسابقت الحكومة الشعب في توزيع العطل المجانية وتشجيع الناس على عدم العمل، فرزقهم مكفول ورواتبهم مضمونة.
رابعاً: لا نرى حلاً ممكناً لهذا الوضع المتردي أقل من أن تقوم السلطة بتسريح جميع رجالات الحكومة وتعيين حكومة جديدة تقوم على رجالات يؤمنون بوجوب الجدية في معالجة مشاكل البلد، وعدم التساهل في إنفاق الأموال، أو شد الأحزمة للخروج بالكويت من تلك الأزمة التي تكاد تعصف بجميع مقدراتها وترجعها إلى نقطة الصفر.
وبالطبع فإننا بحاجة لمجلس أمة على مستوى الأحداث بدلاً من هذا المجلس المترهل الذي فشل في معالجة أبسط الأمور، وأسلم قيادته لحكومة فاشلة وزايد على تبديد الأموال في أيام الرخاء !!
د. وائل الحساوي
wa************@ho*****.com