الرئيسية / عربي وعالمي / إشارات متناقضة من ترامب إلى الشرق الأوسط

إشارات متناقضة من ترامب إلى الشرق الأوسط

التوجهات المحتملة لإدارة دونالد ترامب يتردد صداها في الشرق الأوسط، وتحدث حالة من القلق والتوقعات بحدوث تغيرات حقيقية.
ولم يكن ترامب أثناء حملته الانتخابية، محدداً ازاء خياراته في السياسة الخارجية باستثناء التوعد بتحطيم المسّلمات التقليدية وتحقيق الانتصار في حروب اميركا وسحق «داعش» وتحميل الحلفاء – مثل الناتو ودول الخليج – اعباء اعتمادها على حماية القوة العسكرية الأميركية.
وتطرح اشادة ترامب بالقادة الاقوياء، أمثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب اردوغان، تساؤلات حول مدى تبنيه لرؤى ومواقف هذين الزعيمين على نطاق عالمي.

بداية حقبة جديدة
لقد غيرت سنوات حكم أوباما الثماني علاقات أميركا مع تركيا وإيران وافغانستان، ولكن هل تواصل أميركا عزلتها ام يعود مبدأ التدخل؟ وما الركائز الاساسية الجديدة للسياسة الخارجية في عهد ترامب؟ وهل يمكن لتراب تحسين العلاقات المتوترة مع تركيا؟ لقد كان أردوغان من أوائل الزعماء الذين هنأوا ترامب ودعاه الى عقد اجتماع معه «في أقرب وقت ممكن».
وتحدث أردوغان للصحافة بعد ساعات من فوز ترامب قائلا:ً ان هذا الحدث «يمثل بداية حقبة جديدة وعلاقة إيجابية».
وكانت العلاقات بين البلدين قد شهدت حالة من التدهور خلال عهد أوباما، بسبب اتهامات البيت الأبيض لاردوغان باتباع نهج سلطوي، وتسبب الدعم الأميركي لأكراد سوريا، واتخاذ تركيا اجراءات عسكرية قاسية ضد المتمردين الأكراد.

لغة واحدة
ويقول المحلل التركي بهلول اوزكان، من جامعة مرمرة، إلاّ ان هناك نقطة ايجابية وأخرى سلبية بالنسبة لأردوغان من فوز ترامب، «فهو لن يزعج اردوغان بالحديث عن حقوق الانسان وحبس الصحافيين والاكاديميين، الأمر الذي سيكون مصدر ارتياح لحزب العدالة والتنمية، ولكن المجموعات المسلحة التابعة لتركيا في سوريا ستواجه أوضاعاً صعبة، ولن تحصل على مساعدات أميركية بسهولة».
ولكن الرجلين يتحدثان بلغة واحدة، وكلاهما ينتميان الى اقصى اليمين، وكلاهما يعشقان الانشاءات، واردوغان مهووس ببناء الجسور والعقارات والمطارات، كما يقول اوزكان.
فماذا تريد تركيا من ترامب؟ التوترات تفاقمت بين البلدين بعد المحاولة الانقلابية في انقرة في الخامس عشر من يوليو الماضي، التي أدت الى تطهير 11 ألف موظف من مؤسسات الدولة، وإعلان حالة الطوارئ وزيادة المشاعر المناهضة للولايات المتحدة.
ويقول مسؤولون أتراك ان الأولوية بالنسبة لأنقرة هي تسليم رجل الدين التركي المعارض والمقيم في بنسلفانيا، فتح الله غولن، الذي تحمله انقره المسؤولية عن المحاولة الانقلابية.
وربما يكون هذا الحلم أقرب مع انتخاب ترامب، وقد وصف الجنرال مايكل فلين، المرشح لمنصب وزاري رفيع، تركيا بانها «أقوى حلفائنا ضد داعش»، ودعا الى تسليم غولن لتركيا، الى الحاجة، والى الحاجة الى «تعديل السياسة الخارجية باتجاه منح الأولوية للعلاقة مع تركيا».

مثالية أم واقعية؟
وهل يتبع ترامب نهجاً مثالياً أم واقعياً مع إيران؟ العلاقات بين الولايات المتحدة وبعض الدول شهدت تغيرات كبيرة في عهد أوباما مثل العلاقة مع ايران. وفي حين ما زالت ثمة لهجة خطاب ساخنة بين المتطرفين من البلدين، تمكنت إدارة أوباما وحكومة الرئيس حسن روحاني من توقيع الاتفاق النووي في يوليو 2015.
ولكن ايران تتساءل الآن، أي ترامب ستواجه؟ هل هو رجل الأعمال المنفتح الذي تذمر قبل سنوات من أن «أحدا لا يتحدث الى ايران» والمرشح الذي امتدح قتل الايرانيين لداعش؟ أم المرشح المتطرف الذي طالب بتعديل الاتفاق النووي «الكارثي» وتعهد بعدم السماح لإيران باحتجاز وإهانة بحارة أميركيين مرة أخرى؟ أم أن ترامب سيظهر كرجل أعمال براغماتي ستتغلب معه الدبلوماسية على الايديولوجيا؟

لا استفزازات
المسؤولون في ايران يبدون الانفتاح، فبعد يومين من انتخابه، تبادلت طهران إشارات مع فريق ترامب بأن «الاتفاق النووي لا يمثل الأولوية بالنسبة لهما»، كما يقول المحلل الايراني عباس قيداري من مركز الدراسات الاستراتيجية الايراني قريب الصلة بالرئاسة الايرانية. واضاف ــ موضحا أنه يمثل نفسه وليس المؤسسة التي يعمل بها ــ ان «تركيبة إدارة ترامب ليست واضحة بعد، ولذلك ستكون تحركات طهران حذرة حتى تعرف بدقة توجهات الإدارة الجديدة على الصعيدين السياسي والدفاعي. بمعنى آخر، لن تبادر طهران الى اختبار ترامب بأعمال استفزازية».

نقطة تحوّل
ولكن الانتصار غير المتوقع الذي حققه ترامب قد يكون ايضا «نقطة تحول لإنهاء آمال للنخبة السياسية والاكاديمية الايرانية ذات الميول الغربية» كما يقول مجتبي الموسوي، مؤسس موقع IRANVIEWS ذي التوجهات المحافظة.
ويضيف الموسوي «إنهم كانوا شبه واثقين من فوز هيلاري كلينتون وبأنهم سيكونون قادرين على التعامل معها. ومن جهة أخرى، فإن خطاب ترامب المتشدد سيعزز فكرة المرشد الأعلى والمحافظين بأن التعاون مع الولايات المتحدة أمر غير ممكن».
والسؤال المطروح بالنسبة لأفغانستان أيضا، هل يمكن لترامب إنهاء الحرب هناك؟ لقد كان الرئيس أوباما ينوي إنهاء أطول حرب تخوضها أميركا على الاطلاق، ولكن استمرار العنف ضد القوات الأميركية وقوات الناتو التي تدعم الحكومة الأفغانية أجبر أوباما على وقف خططه. وما زالت الولايات المتحدة تحتفظ بــ 8 آلاف جندي هناك.
ومن النادر أن تعرَّض أي من مرشحي الرئاسة الأميركيين الى افغانستان على الرغم من استمرار الحرب هناك منذ 15 عاماً، وتكاليفها التي بلغت المليارات من الدولارات ومقتل عشرات الآلاف.
ويقول المحلل السياسي أليكس يوسوبوف «إن تحديد تواريخ محددة للانسحاب من افغانستان ــ كما فعلت إدارة أوباما ــ ستكون له نتائج كارثية، ويمكن أن يكون الوضع معقولا في افغانستان الآن، ولكن إذا تجاهلتها أي إدارة أميركية، فسوف يحدث الانهيار».

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*