أن يكون المسؤول في أي جهة – رسمية أو غير رسمية – رجل مجتمع…دراسةً وفهماً وحياةً، فهذا يعني أن النجاح سيكون حليفه في كل خطوة يخطوها، وفي كل قرار يتخذه، لأن هذا الرجل يفهم – بقدر دراسته ومعايشته للواقع – طبيعة مجتمعه، ومتطلباته الحياتية.
فما بالك لو كان هذا الرجل يتحمل مسؤولية وأعباء وزارة التربية والتعليم العالي…بكل تأكيد ستتبلور المصلحة المنشودة، وسنرى في المقبل من الأيام إنجازات كثيرة ستتحقق.
وتحكي السيرة الذاتية لوزير التربية والتعليم العالي الدكتور بدر حمد العيسى أنه وصل إلى مستويات عالية في العمل الاجتماعي، بداية من البكالوريوس في العمل الاجتماعي والتي حصل عليها في جامعة حلوان في جمهورية مصر العربية عام 1978. ثم درجة الماجستير في العمل الاجتماعي في جامعة تولين الأميركية عام 1980 وموضوع الرسالة حول فعالية ممارسة العمل الاجتماعي في الادارة، وصولا إلى درجة الدكتوراه في (العمل الاجتماعي) في جامعة منيسوتا الأميركية عام 1985، وموضوع الرسالة تركز حول مشكلة الاسكان في الكويت. وبالتالي توالت المسؤوليات التي تحملها العيسى خلال رحلته مع العمل المهني والاجتماعي من تطوير المناهج العلمية، وإعداد البرامج المتخصصة في الدرجات العلمية، والعمل على لجنة متخصصة في الرعاية الأسرية والطفل وغيرها الكثير.
ومع كل هذه الخبرات التي مارسها العيسى دراسة وعملا وتفاعلا في حقل العمل الاجتماعي، فإننا نرى – من خلال وجهة نظرنا – أن وزارة التربية والتعليم العالي ستشهد في عهده طفرة مهمة، خصوصا في مسألة التعاطي مع مخرجات التعليم بكل أشكاله.
وهو تعاطي أعتقد أنه سينتصر فيه العيسى لمفهوم المجتمع والعمل على توفير كل السبل الناجحة من أجل تطويره.
فالكويت – للأسف – تعاني منذ عقود من مخرجات التعليم التي – في معظم الأحوال – لا تلبي متطلبات المجتمع وحاجة العمل، وغالبا ما تكون مخرجات أشبه بتحصيل حاصل، فهناك طلبة يتخرجون في الجامعات والمعاهد بكل تخصصاتها، إلا أنهم لا يساهمون في تطوير المجتمع بالشكل المطلوب، ويصبحون عبئا على مؤسسات الدولة الرسمية، وبالتالي ظهرت ما يطلق عليها البطالة المقنعة، فهناك موظفون خريجو جامعات ومعاهد، إلا أنهم لا يتمكنون من تطوير أنفسهم ويظلون في وظائفهم لفترات طويلة، حتى تطولهم الترقيات بالأقدمية وخلافه، لكن ملكة التطوير غير موجودة لديهم، وهذا ما تعاني منه الكويت بالفعل – كما ذكرنا – منذ عقود.
ومن ثم فإن المسؤوليات الملقاة على عاتق وزير التربية والتعليم العالي الآن كثيرة، تلك التي نعتقد أنه سيكون على قدرها، وسيحرص على تحملها وتكريس كل خبراته العلمية والمهنية في العمل الاجتماعي من أجل الوصول بشباب الوطن إلى مستويات علمية وفكرية وثقافية راقية، وذلك من خلال تطبيق مفاهيم تربوية وعلمية جديدة، تكرس للعمل المجتمعي الخلاق، والبعد عن مسألة شحن ذهن الطالب بالمعلومات، التي بدوره يفرغها على ورقة الإجابة في امتحانات نهاية العام، وبعد ذلك نجد أن المحصلة لديه تكاد تصل إلى الصفر.
وفي حقيقة الأمر استبشرت خيرا بتولي العيسى مسؤوليته كوزير للتربية والتعليم العالي، خصوصا بعد اطلاعي المستفيض على سيرته الذاتية، وانسجامي مع كونه صاحب خبرة عالية في العمل الاجتماعي، الذي هو – في اعتقادي – السبيل الحقيقي لنجاح أي مسؤول.
وسنورد مثالين بسيطين للتأكيد على أن العيسى يعمل من منظور اجتماعي الأول إصداره قراراً بشأن اعادة تشكيل لجنة وضع ضوابط لإطلاق أسماء بعض الشخصيات البارزة على المدارس، والثاني اجتماعه بأعضاء جمعية هيئة التدريس في جامعة الكويت في حضور رئيسها الدكتور محمد جاسم الخضر ونائبه الدكتور ناصر الشمري، وموقفه الايجابي بشأن موضوع الطلبة البدون.
د.صباح السويفان
* رئيس تحرير مجلة «البيان» وأكاديمي بجامعة الكويت