رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 0.75% من 0.5%، لتلحق البنوك الخليجية بقرار رفع الفائدة، وليعلن «المركزي الكويتي» بعد دقائق من اعلان الفيدرالي رفع سعر الخصم ربع نقطة مئوية من 2.25% الى 2.5%.
وجاء قرار المركزي الأميركي برفع الفائدة بعد تحسن مؤشرات الاقتصاد وسط توقعات جديدة تشير إلى تسريع وتيرة زيادة الفائدة العام المقبل بعد أن اقتصرت على مرة واحدة هذا العام لتزيد التوقعات بمزيد من قرارات رفع الفائدة بالكويت نتيجة الارتباط الوثيق والتاريخي بين رفع الفائدة أميركيا وكذلك محليا. ورغم اختلاف الوضع الاقتصادي بين الكويت وأميركا، فإن ارتفاع الفائدة محليا يأتي في وقت يعاني الاقتصاد من تباطؤ وتتخم البنوك بالسيولة والودائع، ويعاني العقار من شبح الركود، كما تعاني الشركات من عدم القدرة على الاقتراض وستكون زيادة الفائدة مؤلمة لها، وهذه الملفات كلها ستصعب الوضع اكثر فأكثر.
ويرى مراقبون ان انعكاس قرار زيادة أسعار الفائدة على البيئة التشغيلية المحلية سيضع السياسة النقدية في موقع ردة فعل في الفترة المقبلة، ويمكن رصد تأثيرات زيادة الفائدة كالتالي:
1- إقراض القطاع الخاص
وتشكل زيادة تكلفة الإقراض الهاجس الأكبر للقطاع الخاص الذي يواجه تحديات كبيرة في بيئة الأعمال خلال الفترة الماضية، فقرار رفع الفائدة وتوقعات بمزيد من الزيادة تعني أعباء مالية إضافية في الوقت الذي تشير فيه التوقعات بقرب حقبة الضرائب على الأرباح.
وعلى الجانب الأخر، سيؤدي رفع الفائدة إلى مزيد من المتاعب على صعيد نمو الائتمان الذي يسجل تباطؤا منذ عام 2015، فخلال سبتمبر 2016 سجل الائتمان الممنوح من قبل القطاع المصرفي الكويتي نموا خجولا لم يتخط النقطة المئوية، بسبب القروض المقسطة والاستهلاكية التي تشهد تباطؤا ناتجا عن تدابير ومتطلبات رقابية.
وبحسب مراقبين فإن زيادة الفائدة ستجذب مزيدا من الودائع إلى البنوك في الوقت الذي تشهد فيه تخمة ونموا متتاليا من الودائع الحكومية التي بلغت في سبتمبر 6.81 مليارات دينار تعادل 16.5% من إجمالي الودائع لدى البنوك، وعلى الجانب الأخرى تشهد ودائع القطاع الخاص (غالبيتها ودائع شبه نقدية) أداء متذبذبا منذ بداية العام ولكنها تميل إلى الارتفاع، حيث بلغت مستوى قياسي في مارس عند قرابة 35 مليار دينار.
 2- السندات الدولية
وستواجه مساعي الكويت نحو اصدار سندات بقيمة 10 مليارات دولار في الأسواق الدولية لسد عجز الموازنة تكلفة أكبر حيث ان تسعير السندات في الأسواق الدولية يكون فوق السندات الأميركية المماثلة للشرائح التي ينوي طرحها وتلك السندات سجلت بنهاية الأسبوع الماضي مستويات قياسية عند 2.6% وهي اعلى مستوى وصلت اليه منذ سبتمبر 2014.
وبالمقارنة مع السعودية التي كانت آخر الدول الخليجية المصدرة للسندات الدولية، فإن تكلفة الاقتراض الخاصة بسندات الكويت ستزيد بقيمة تتراوح بين 250 ـ 300 مليون دولار وهذا في حال إذا ما استقرت الأسواق خلال الفترة المقبلة ولم يباغت المركزي الأميركي بزيادة جديدة قبل توجه الكويت الى الأسواق الدولية.
ويذكر ان تسعير السندات السعودية التي أصدرت في أكتوبر الماضي كانت لأجل 5 سنوات عند 160 نقطة أساس فوق السندات الأميركية المماثلة، لتأتي بحدود 3% والسندات لأجل 10 سنوات فجاءت عند 185 نقطة أساس، لتكون عند مستويات 3.6%، وفيما يتعلق بسندات الـ 30 عاما، فجاءت عند 235 نقطة فوق السندات الأميركية لتبلغ نحو 4.87%.
3-  السندات المحلية
ويشير المراقبون الى ان تسعير السندات المحلية التي يصدرها البنك المركزي لصالح وزارة المالية سترتفع بعد زيادة سعر الخصم بواقع ربع نقطة مئوية خاصة مع تصاعد الإصدارات التي بدأت منذ ابريل الماضي لسد عجز الموازنة والمتوقع لها ان تستمر مع بقاء أسعار النفط عند مستويات 50 دولارا وهو الأمر الذي يرجح استمرار تكبد الموازنة العامة عجزا يحتاج معه إلى صيغ تمويلية منها السندات المحلية.
ومنذ ابريل الماضي تخطى حجم إصدارات الدين العام المليار دينار من أصل ملياري دينار بهدف تمويل عجز الموازنة البالغ وفق تقديرات الحكومة 9.5 مليارات دينار، حيث تشكل البنوك الغالبية الكاسحة من حيازة تلك السندات المحلية ذات المخاطر التي تكاد تكون منعدمة.
ووفقا لآخر بيانات صادرة عن البنك المركزي الكويتي، فإن الفائدة على السندات المحلية تبلغ 1.25% لأجل عام و1.5% لعامين و2% لأجل ثلاثة أعوام و2.5 و3 و3.5 لآجال خمسة وسبعة وعشرة أعوام وتلك المستويات مرشحة للزيادة.
4-  متطلبات تمويلية للبنوك
وهناك عدد من البنوك الكويتية في طريقها لدخول سوق السندات خلال الفترة المقبلة من أجل استيفاء المتطلبات التنظيمية، حيث يبلغ معدل كفاية رأسمالها أقل من اشتراطات البنك المركزي الكويتي وأخرى ستطرح سندات وصكوكا بسبب متطلبات تمويلية وتواجه تلك البنوك حاليا مستويات مرتفعة من العوائد على السندات وتعني تكلفة إضافية ومزاحمة للحكومات في أسواق الدين.
ويسعى بنك وربة الى اصدار صكوك بنحو 250 مليون دولار، فيما تشير وكالة بلومبيرغ الى ان البنك الأهلي بصدد الحصول على موافقات من الجهات الرقابية لطرح سندات بقيمة 500 مليون دولار.
وبحسب «رويترز» فقد قفز العائد على سندات بنك برقان من 7.25% في سبتمبر 2014 إلى 11.525% في الثالث من فبراير الماضي، بالإضافة إلى سندات بنك الكويت الوطني أكبر البنوك الكويتية من حيث الأصول التي ارتفع عائد سنداته من 5.75% في ابريل 2015 لتبلغ 5.92% في مطلع 2016 إلى أن قفزت لنحو بلغ 7.27% مع نهاية يناير الماضي، وفيما يخص سندات بنك الخليج البالغة 100 مليون دينار فيبلغ متوسط معدل الفائدة عليها نحو 6%.
5-  التضخم
ونظريا تبدو زيادة أسعار الفائدة احدى أدوات السياسة النقدية التي تستخدم لكبح جماح التضخم الذي وصل في الكويت الى مستويات كبيرة بلغت 3.8% بعد رفع أسعار البنزين، إلا ان ارتفاع الدولار الجنوني خلال الفترة الماضية ووصوله إلى أعلى مستوى في 8 سنوات أمام الدينار الكويتي يفقد تلك الأداة تأثيرها، حيث ان غالبية احتياجات الكويت يتم استيرادها. ويساهم ارتفاع الدولار في تآكل القوى الشرائية للعملة الكويتية الا ان هناك عاملا إيجابيا وحيدا من ارتفاع الدولار يصب في اتجاه تعويض جانب من تراجع الإيرادات النفطية التي تشكل 90% من جملة الإيرادات في موازنة الكويت.
6-  العقار
ويتوقع خبراء ان يواجه مستثمرو العقار مصاعب أكبر من التي يواجهونها خلال الفترة الحالية بعد رفع الفائدة، حيث ستصبح تكلفة الاقتراض أكبر من العائد المحقق في وقت يشهد العقار الاستثماري حالة ركود تضرب القطاع بالإضافة إلى زيادة مقبلة في رسوم الكهرباء والماء بدءا من شهر مايو المقبل وهو ما يتوقع ان تؤثر بشكل كبير على حركة القطاع خلال 2017. الأمر الذي سيوجه بوصلة سيولة العقار نحو البنوك التي تعاني تخمة أصلا في الودائع.
ووفقا لمؤشر مؤشر بنك الكويت الوطني لأسعار المباني الاستثمارية، فإن المؤشر سجل خلال شهر أكتوبر تراجعا بواقع 13% عن العام السابق. وبقي المؤشر متراجعا على مدى سبعة أشهر متتالية. وبلغ التراجع أوجه في الأشهر الثلاثة الأخيرة المنتهية في أكتوبر، وفيما يخص المبيعات الإجمالية لقطاع العقار فقد وصلت المبيعات حتى أكتوبر إلى 1.84 مليار دينار منذ بداية السنة المالية متراجعة بواقع 26% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
منقول عن جريدة الأنباء