مرة أخرى يضرب الإرهاب خلال العام الحالى بجذوره دول العالم ضربات غادرة يوجع بها قلب الأوطان، ويخطف من بين أحضانها كوكبة من أبنائها الأبرياء، ورغم إختلاف الاماكن يبقى الألم واحد، لا يفرق بين دولة متقدمة لديها الامكانيات والقدرة على مكافحة الإرهاب، وأخرى تفتقر لتلك الوسائل والأدوات، والمحصلة أن خطره بات محدقا بالبشر عاما بعد عام ٠
قراءة فى واقع هذا العام، تؤكد أن الإرهاب عدو قبيح الوجه لنواميس الحياة، وإنه كان أكثر عداء لها خلال عام ٢٠١٦، وأن المعركة ضده لم تحسم بعد، فهو ظاهرة من أشد الظواهر المهددة للأمن والاستقرار العالمى، والمعركة ضده ليست معركة اليوم أو الغد القريب فحسب، وإنما هي معركة الحاضر والمستقبل ايضا، خاصة مع توحشه واستفحاله بظهور الإرهاب الإلكترونى الذى يتعاظم خطره في العالم، لسهولة تحركاته وسرعة تنفيذ هجماته الموجعة عبر الإنترنت، حتى أصبح هاجسا يخيفه، وقد سعت العديد من الدول إلى اتخاذ التدابير الاحترازية لمواجهة هذا السلاح الخطير لكن جهودها لم تكلل بعد بالنجاح.
الإرهاب والقتل والتخريب وإثارة الفتن والنزاعات المحلية والإقليمية، والترويج لها والتحريض عليها والتمويل للحرب بالوكالة، عوامل جعلت من الإرهاب عدوا قبيحا لناموس الحياة، ولهذا فقد حفل هذا العام بالتفجيرات والهجمات الإرهابية، والجرائم والمذابح والصراعات، مخلفا أعدادا لا حصر لها من الضحايا والمصابين والمشردين، خراب ودمار لحق بالعديد من المدن فى مختلف الدول التي وقع الاختيار عليها لتكون مسرحا لمخططات وأهداف المدبرين والإرهابيين، والدعم والارتباط بين الإرهاب والمحيطين الإقليمى والدولي يعطى قبلة الحياة للتنظيمات الإرهابية عند وصولها لمرحلة الاحتضار.
تطورات متلاحقة للإرهاب ملامحها واضحة أمام الجميع، استفحلت وأستشرت نتيجة غياب المشاركة والتنسيق الدولي الفاعل لاحتواء هذه الظاهرة ومعالجة أسبابها، فطل الإرهاب بوجهه القبيح ساعيا لزعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، مهددا دولا كثيرة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط، وأخرى عالمية فى أوروبا والولايات المتحدة، وثالثة وراح يلف نيرانه حولها.
تفجيرات متكررة فى اسطنبول التركية بميدان السلطان أحمد ومطار أتاتورك، وتفجيرات فى العاصمة الاندونيسية جاكارتا، وهجوم واجادوجو ببوركينا فاسو، وتفجيرات بروكسيل ببلجيكا، ولاهور فى باكستان، واحتجاز رهائن فى دكا، وتفجير الكرادة بالعراق، وتفجير كويتا غرب باكستان، اعقبه هجوم كلية الشرطة فى كويتا ايضا، وتفجيرات بالاردن، وتفجير الكنيسة البطرسية بمصر، واغتيال السفير الروسى فى تركيا، وهجوم برلين وهس الأبرياء.
تحديات هائلة تواجه دول العالم فى مواجهة ومكافحة ظاهرة الإرهاب التي ضربت دولا عدة، فجعلت منها المهمة الأصعب فى العالم، ووضعت الدول أمام حتمية تكثيف التعاون فيما بينها لمواجهتها، وتعزيز إجراءاتها الأمنية لإفساد أي عملية إرهابية محتملة، إجراءات ضرورية اتخذتها الكثير من الدول ومنها تبادل المعلومات الاستخباراتية وتجفيف مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، وتكوين أئتلاف دولى ضد الإرهاب، ويتوقف نجاح أى استراتيجية لحماية الدول من التهديدات الإرهابية على مدى التعاون بين مختلف الحكومات ودعمها للقرارات السياسية والأمنية الدولية، وكذلك على التفافها حول جهود التصدى لواحدة من آفات العصر البغيضة.