يرسم كبير المحللين للتصنيفات السيادية لدى «موديز» ستيفن ديك صورة حذرة بعض الشيء للاقتصادات الخليجية في 2017، حيث تأثير أسعار النفط الذي يمول الجزء الأكبر من ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي مقابلة مع «أرقام»، يتوقع ديك أن يشهد العام الجديد المزيد من الإصلاحات الجذرية لمعظم دول مجلس التعاون على الصعيد الاقتصادي، مع توقعات بمزيد من الرفع لأسعار الطاقة المتدنية على مراحل، خصوصاً في الدول الأكثر عرضة لتقلبات الأسعار على غرار البحرين وعمان.
ويرى أن الإنفاق الحكومي في دول الخليج سيتحسن في 2017 في ما يتعلّق بمشروعات البنية التحتية، مع تعافي أسعار الخام التدريجي، وتوقعات لتوجه الحكومات الخليجية نحو تسييل الأصول المملوكة لها بالخارج، أو إصدار أدوات دين بالأسواق العالمية، لتلبية احتياجاتها التمويلية الداخلية وتنقيد العجز في ماليتها العامة.
ويقيم ديك أداء الاقتصادات الخليجية في 2016، قائلاً: حاولت الدول الخليجية تفادي تأثير تقلبات أسعار النفط وواصلت الإنفاق هذا العام، وهو ما انعكس بالسلب على موازنات تلك الدول، من حيث ارتفاع نسبة العجز، فيما عدا قطر والكويت، الأكثر صلابة من وجهة نظري لمواجهة الهبوط الحاد في أسعار النفط. فعلى سبيل المثال يمثل القطاع الهيدروكربوني في قطر نحو %50 من الناتج المحلي، ولديها كم هائل من استثمارات خارجية في الأصول، ساعدت بشكل كبير على تفادي تأثير تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد. والأمر ذاته في الكويت، ولكن بدرجة أقل، حيث نتوقع أن يظهر تأثير انخفاض إيرادات النفط.
وأضاف: عام 2017 سيكون حازماً في ما يتعلّق بترشيد الإنفاق وإصلاح أنظمة دعم الطاقة وإصلاح النظام الضريبي لدول مجلس التعاون، فالأسعار التي تقدمها الحكومات الخليجية لمواطنيها من بين الأقل عالميا على صعيد أسعار الطاقة. مثلا.. رأينا كيف حررت الإمارات أسعار الوقود واعتمدت السعودية زيادات جديدة مع الإعلان عن موازنتها للعام الماضي.. سيشهد هذا العام المزيد من الإصلاحات.. أرى رغبة حكومية حقيقية في دول الخليج من أجل الإصلاح لتحقيق النمو المستدام.
وحول أسعار النفط، قال ديك: نعتقد في «موديز» أن تتعافى الأسعار قليلا في 2017 عند مستوى 65 – 70 دولارا للبرميل لخام برنت على وجه التحديد.. وهذا التعافي سيعطي الحكومات الخليجية فرصة للمناورة وعدم فرض الإصلاحات كلها مرة واحدة. ولكن تلك الإصلاحات تنبع ضرورتها من الرغبة الحقيقية لتلك الدول لتقليل اعتماد الاقتصاد على الموارد الهيدروكربونية، فتعافي الأسعار هنا سيعطي فرصة لوضع جدول زمني مرن لتطبيق تلك الإصلاحات وليس لإبطائها.
وأوضح أن سلطنة عمان ومملكة البحرين سيكونان الأكثر تأثراً بين دول مجلس التعاون بهبوط أسعار النفط، إذ ستتأثر معدلات النمو في البلدين، حيث ينتظر أن تبلغ نحو %3.5 في المتوسط هبوطا من مستويات بلغت نحو %4.5 منذ مطلع العقد الجديد، مبيناً أن على مسقط والمنامة أن تسرعا وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وتقللا الإنفاق الاجتماعي وتتوجها لتحرير أسعار الطاقة بصورة تامة.
وحول طرق الدول الخليجية أبواب أسواق الدين العالمية مرة أخرى في 2017، قال ديك: هذا أمر يعتمد بدرجة كبيرة على أسعار النفط والسياسات المالية المتبعة لدول الخليج، فلجوء دولة بحجم السعودية إلى أسواق الدين العام الماضي ربما يعطي الضوء الأخضر لمزيد من الإصدارات في دول مجلس التعاون بوجه عام، مع الشريحة الواسعة من المستثمرين التي اجتذبتها السندات السعودية. ولكن وجود بيئة مواتية لأسعار أعلى للفائدة العالمية قد تجعل الدول الخليجية تفكر قبل العودة لأسواق الدين مرة أخرى، وفي تلك الحالة من الممكن أن تلجأ إلى تسييل الأصول المملوكة لها لتنقيد العجز وضبط ماليتها العامة.
وعن توقعاته للتقييمات السيادية للدول الخليجية العام المقبل، لفت ديك إلى أن «موديز» تضع في الاعتبار في تلك التقييمات الاحتياطيات الجيدة وأصول الثروة السيادية التي كونتها الدول الخليجية في أوقات ارتفاع أسعار النفط، والتي تستخدم كدرع واقية تحميها من تقلبات الأسعار، مؤكداً أن تقييمات الوكالة في العام الجديد ستعتمد بشكل رئيسي على وتيرة الإصلاحات والمرونة التي ستبديها الحكومات الخليجية في التعامل مع تسريع وتيرة الإصلاح، إذا ما استمر الاتجاه الهبوطي القوي لأسعار الخام.
وختم حديثه قائلاً: في المطلق، هناك فرصة لثبات تقييمات دول السعودية والكويت والإمارات وقطر، فيما يبقى تقييم البحرين وسلطنة عمان الأكثر عرضة لتقلبات أسعار النفط.. ومن وجهة نظري، فإن التصنيف الكويتي هو الأكثر مرونة وصلابة في مواجهة التقلبات الحادة لأسعار الخام.