جديد الحقيقة
الرئيسية / كتاب وآراء / حسن العيسى متحسرًا: ما ذنب صيته وغير صيته؟

حسن العيسى متحسرًا: ما ذنب صيته وغير صيته؟

كلمة “ينبغي” هي التي يدخل منها شيطان الظلم، وأصل الموضوع أن عدداً من المغردين عرضوا بالأمس مأساة الصغيرة “صيته” وهي ابنة الزميل سعد العجمي الذي سُحِبت منه الجنسية، حسب القانون، أي المادة 21 مكرر (أ)، التي توجب سحب الجنسية “إذا أعطيت بغير حق بناءً على غشٍّ أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة”، مثلما صورت لنا السلطة في سندها لسحب الجنسية عن عائلة سعد وعدد من أفرادها، بينما قد يكون الواقع أن سحب الجنسية في مثل حالة سعد العجمي عقوبة سياسية، في فعل انتقائي كردِّ فعل على مواقفه السياسية باعتباره أحد الناشطين السياسيين.
لنتوقف هنا عند جبروت وطغيان هذا النص، ونتذكر أنه لا هذا النص ولا بقية نصوص قانون الجنسية يُسمَح للقضاء بالنظر فيهما، حسب قانون أعوج ليس له أي سند من الدستورية… ولنعُدْ إلى الصغيرة “صيته” التي تعاني إعاقة محددة، وكان من المقرر أن تجرى لها عملية في الخارج، وقد تُشفى من إعاقتها إذا عولجت، لكن كلمة “ينبغي” التي وردت في نص المادة السابقة توجب سحب الجنسية “ممن يكون اكتسبها عن حامل تلك الشهادة بطريقة التبعية”! ولا يهم هذا النصَّ المرعب أن تكون ذرية هذا المسحوبة جنسيته قد وُلِدوا في الكويت، وتعلموا هنا، وترعرعوا، أو يكونوا قصّراً، أو غير ذلك، طبيعيٌ لا يهم إن كان منهم المريض أو المعاق والذي يستلزم علاجه في الخارج… فلا جنسية، ولا جواز سفر، ولا هوية، ولا وجود إنساني.
 ما ذنب صيته وغير صيته مثل ابنة أحمد الجبر التي بدورها تخلفت عن موعد عملية لها في الخارج بعد سحب جنسيتها بالتبعية لسحب جنسية والدها، كعقوبة موغلة في القسوة لمواقف سياسية لم تتقبلها السلطة؟! وبأي حق دستوري يُمنَع القضاء من النظر في قوانين تُناقض الدستور الذي يقرر مبدأ “شخصية العقوبة”، بمعنى أن أثرها لا يمتد إلى غير مرتكب الفعل، ليُضرَب عرض الحائط بأبسط مبادئ العدالة!
 هناك من يقول إن مثل تلك القوانين “الدراكونية”، والتي لا يتناسب فيها الفعل المجرم مع العقوبة لا يجوز الاعتداد بها كقوانين، وفي حالات أخرى مشابهة قضت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية عدة مرات بعدم مشروعية بعض القوانين لدول أوروبية موقّعة على ميثاق المحكمة، ضعوا كلمة “أوروبية” بين قوسين، والتي يمكن تصور جملة قوانينها وإجراءاتها على أنها رحمة وتمثل قمة العدل قياساً إلى قوانين دولنا العنترية… فإذا كان القانون، الذي يحظر على القضاء النظر في مسائل الجنسية محل شك في دستوريته، فماذا نقول عن نص المادة 21 مكرر (أ) وكلمة “ينبغي” الواردة بها، والتي ولج منها الشيطان وقيد الطفلة “صيته” بسلاسل الظلم؟!

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*