“ملتزمون بأمن الكويت” عبارة قالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في ظل تحرش عراقي وتهديد ميلشيات عراقية للكويت، مصدره بالأساس “إيران” التي كانت أيضا المحور المشترك لاتصالات ترامب مع عدة دول خليجية، وسط تناقضات أميركية فجة ومثيرة للشكوك حول حقيقة النوايا الأميركية، فواشنطن، هي من جرأ إيران وميليشياتها في العراق ومكن نظام ولاية الفقيه من الهيمنة على مؤسساته الأمنية والعسكرية والسياسية في أعقاب الاحتلال الأميركي للعراق.
واشنطن نفسها هي من دفعت بالحرب الإيرانية العراقية في ظل صدام حسين، وأعطته ضوءا أخضر لغزو الكويت، وهي الآن تعيد السيناريو نفسه بأشكال أخرى لتغذية الصراعات المذهبية لاستنزاف الخليج وتسهيل نهب ثرواته، وقد تمهد لاستغلاله لشن حرب أميركية بالوكالة ضد إيران، لصالح تل أبيب بحسب محللين.
ترامب وأمن الكويت
تلقى أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح اتصالا هاتفيا أول من أمس من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأكدا على أهمية تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف، وأكد ترامب الالتزام بأمن الكويت واستقرارها.
واشنطن وتغذية الصراعات المذهبية
العبارة التي خرجت معها مخاوف من تمهيد واشنطن لحروب جديدة بالمنطقة وتوريط دول الخليج تحت ذريعة “حماية أمن الخليج”، فواشنطن لها تاريخ أسود في صناعة العداوات والصراعات بالمنطقة.
فقد أكد فاروق القدومي – رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية – أنه قد “اندلعت حرب الخليج الثانية بعد دخول الجيش العراقي إلى الكويت وبضوء أخضر من سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ببغداد، دُمّرت قوة الجيش العراقي بعد تكالب قوى الغرب وفي مقدمتها أميركا”.
وأضاف في تحليل بعنوان “شهادة للتاريخ” نشر في 13 فبراير 2014 بـ”رأي اليوم “: “أصبحت الولايات المتحدة تتحكم في هذا العالم، فهي دفعت بالرئيس صدام حسين لخوض حرب ضروس على إيران، حرب قاسية وظالمة استمرت 8 سنوات كلّفت العراق أكثر من مليون قتيل وجريح، دمّرت اقتصاده وبنيته التحتية وقدراته العسكرية”.
أميركا وصناعة “صدام”
وأكد الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك في مقال في صحيفة الإندبندنت البريطانية بعنوان “الديكتاتور الذي صنعته أميركا ودمرته” أن الولايات المتحدة صنعت صدام حسين ثم قامت بتدميره حين رفض الاستمرار في الانصياع لأوامر واشنطن، متسائلاً: “من الذي شجع صدام على غزو إيران عام 1980؟”.
وشدد “فيسك” في مقال نشر في 30 ديسمبر 2006 على أن “الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني ونظراءه الإسباني والإيطالي والأسترالي جميعهم اشتركوا في جريمة دموية بشعة عام 2003 في غزو العراق، متعللين بأسباب مزيفة وباطلة حول أسلحة دمار شامل لم يكن لها أثر في العراق”.
أميركا وتمكين إيران
أما الغزو الأميركي للعراق في 2003، فقد مهد للتغلغل الإيراني، بل الهيمنة شبه الكاملة على الدولة العراقية، وصار هناك تحالف غير معلن إيراني أميركي ضد المكون السني بالمنطقة، انطلاقا من بغداد التي هيمن عليها الحرس الثوري الذي تحالف مع شبكة من الميليشيات التابعة له فيما سمي في 2014 بالحرب على “داعش”، وخلال تلك الحرب المستمرة لليوم أتمت واشنطن ودول خمس الاتفاق النووي لتطبيع العلاقات جميعها، وهو اتفاق أدى لزيادة قدرة طهران على تهديد دول الجوار وميزانية الحرس الثوري.
اصطياد بالماء العكر
فكيف بعد كل هذا الدعم لإيران، تقول إدارة ترامب إنها مع دول الخليج ضد إيران، وسط مخاوف من اصطياد واشنطن بالماء العكر لشن حرب أميركية بالوكالة ضد إيران عبر دول الخليج، من أجل حماية الكيان الصهيوني في إعادة لسيناريو صدام حسين بأدوات أخرى، فصدام كان هو وإيران وما يسمى “حزب الله” مصدر تهديد لتل أبيب، ثم نجحت الإدارة الأميركية في إشعال الحروب الطائفية والمذهبية بالمنطقة لتحرق الدول بعضها بعضا.
تمهيد لحرب بالوكالة
ومن جهته، حذر د. محمود رفعت – المحامي الدولي ورئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية – العرب من تصديق الحرب الأميركية المعلنة ضد إيران، قائلاً: “لو صدّق العرب مسرحية ترامب ضد إيران فستجني أميركا صفقات سلاح بمليارات، وسيسفكون هم دماء ملايين كما حدث لثماني سنوات بحرب العراق وإيران”.
واعتبر – في سلسلة تغريدات له عبر “تويتر” مؤخرًا – تهديد “ترامب” باستخدام القوة ضد إيران “فيلما هوليوديا بائسا”، مشيرًا إلى أن الكل يعرف أن دخول أميركا حربا جديدة محض خيال، لكنه قد يكون تهيئة لحرب بالوكالة.
وأشار “رفعت” إلى أن تصعيد ترامب ضد إيران وتكراره استخدام القوة، تهيئة للعرب لمحاربتها بالوكالة عن أميركا كما حاربوا الاتحاد السوفياتي في أفغانستان.
بوابة الخليج العربي