الرئيسية / عربي وعالمي / الجملة التي رسمت معالم لقاء نتنياهو وترمب

الجملة التي رسمت معالم لقاء نتنياهو وترمب

ميزت جملة واحدة ملامح اللقاء بين الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وهي على لسان الأول “دولتان، دولة واحدة.. أحبّ الحلّ الذي يحبّه الطرفان”.
فقد ساقت الجملة عنواناً لافتاً، ربما، لكنها وضعت علامات استفهام أيضاً، ففيها تراجع للوهلة الأولى عن “حل الدولتين” الذي تقوم عليه عملية التسوية وتبنته الإدارات الأميركية المتعاقبة، للقول إن حل الدولتين ليس الصيغة الوحيدة للحل، وهنا بدا واضحاً أن نتنياهو تلقف هذا المعنى سريعاً، ورفض بإصرار النطق بحل الدولتين علناً خلال زيارته للبيت الأبيض أساساً لإرضاء بيئته اليمينية التي تطالبه بالتخلي عن حل الدولتين وضم مستوطنات الضفة الغربية.
يمكن القول إن نتنياهو تجاوز بنجاح أول لقاء مع ترمب، فمن حيث الشكل بدا احتضاناً غير مسبوق أعاد إسرائيل إلى خانة الطفل المدلل وحتى المؤتمر الصحافي المشترك عقد قبل اللقاء منعاً لأن تطفو على السطح أي خلافات في خلال المباحثات المغلقة، لكن الفرحة الإسرائيلية قد تكون مبكرة ومردها إلى أن الإدارة الأميركية لم تبلور بعد سياستها حيال مشروع التسوية المعطل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فعملياً حدد ترمب خيارين للحل، الأول معروف ولا يزال المطروح أساساً، وهو حل الدولتين لكنها كانت المرة الأولى التي يضفي فيها رئيس أميركي شرعية على فكرة قد تكون الأخطر بالنسبة للإسرائيليين، وهي فكرة الدولة الواحدة ثنائية القومية، أي إعطاء ملايين الفلسطينيين الجنسية الإسرائيلية، ما سينهي تطلع إسرائيل لتكون دولة يهودية.

ومنع هذا الخيار كان في أسباب قبول اليسار الإسرائيلي بحل الدولتين ومن بعده حتى اليمين التزم لفظياً، وإن كان نتنياهو يحاول تسويق حل دولة فلسطينية منقوصة تقوم على ما يتبقى من أرض بعد ضم جميع المستوطنات لإسرائيل، بالإضافة لذلك طالب ترمب بتجميد الاستيطان وبضرورة تقديم الطرفين تنازلات.
“العقار المقدس” أغلى ثمناً
ويرى مراقبون إسرائيليون أن ترمب لا تعنيه التفاصيل وما قد يعنيه هو إبرام صفقة، وهنا ما قد يقلق نتنياهو أنه أكد رغبته في عمل سريع وحثيث لإبرام صفقة، وبدا كرجل عقارات حين كرر أمام نتنياهو في اللقاء أن مساحة الضفة الغربية صغيرة واستمرار البناء لن يبقي مساحة كافية للفلسطينيين، وإن كان سيدرك أنه عند الحديث عن القدس مثلاً، فإن الاعتبارات لدى الجانبين لا تتوقف عند المساحات والجغرافيا بقدر الدلالات الدينية والتاريخية والسياسية للمكان.
ولأن طاقم ترمب من مؤيدي الاستيطان الإسرائيلي، فقد يقصر ذلك عمر “قصة الغرام” التي بدأها للتو الرئيس الأميركي مع نتنياهو، وهذا الأخير قد يستغل نتائج الاجتماع مع ترمب والحفاوة والضبابية التي باتت تلف شكل الحل، لمقارعة حزب البيت اليهودي وزعيمه نفتالي بينت ومعظم وزراء الليكود، ممن بدأوا يشتمون رائحة الانتخابات بسبب التحقيقات الجنائية مع نتنياهو في قضايا فساد، لكنه يدرك أن الحل الوحيد هو حل الدولتين، بعد سقوط مبكّر لبدائل أخرى كالكونفيدرالية الفلسطينية مع الأردن أو اقتطاع أجزاء من سيناء لصالح غزة، وقد اعترف لاحقاً للصحافيين المرافقين له بأنه لا يزال ملتزماً بخطاب “بار إيلان”، أي الخطاب الذي ألقاه قبل ثماني سنوات وأعلن قبوله حل الدولتين.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس – أرشيفية
من ناحيتها، أعربت السلطة الفلسطينية عن تمسكها بحل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لإقامة دولة فلسطينية. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس التقى في رام الله مع رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية CIA الذي طالب الفلسطينيين بعدم اتخاذ أي خطوات من جانب واحد ريثما تبلور إدارة ترمب سياستها تجاه حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
إيران والحل الإقليمي
وكما كان متوقعاً، عاد نتنياهو لإدارة أسطوانة “الحل الإقليمي” أي قلب المبادرة العربية رأساً على عقب، بحيث يبدأ التطبيع مع الدول العربية ومن خلال المصالحة معها يتم حل الصراع مع الفلسطينيين، وليس العكس كما نصت المبادرة التي لم تقبل بها إسرائيل منذ إطلاقها عام 2002.
وطالب نتنياهو ترمب بالاعتراف بـ”سيادة” إسرائيل على الجولان السوري المحتل كأرض إسرائيلية. وكانت إسرائيل احتلت الهضبة السورية في ثمانينيات القرن الماضي. وفي الملف الأول بالنسبة إليه نجح نتنياهو في انتزاع تصريحات لافتة من ترمب بعدم السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية، لكن بدون أي تعهد بالانقلاب الأميركي على الاتفاق النووي الموقع بين طهران والغرب، والذي لا تتعلق العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب على طهران بأي من بنوده، كما يبدو ظاهرياً.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*