أنجزت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية تقريرها الثاني المتضمن اقتراحا بقانون في شأن منع تقاضي فوائد عن قروض المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، واقتراحا بقانون بإضافة مادة جديدة برقم (69 مكررا) إلى الأمر الأميري بالقانون رقم (61) لسنة 1976 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية.
واطلعت اللجنة على الاقتراحين بقانون وتبين لها أن الاقتراحين متشابهان في الفكرة والهدف منع مؤسسة التأمينات الاجتماعية تقاضي فوائد مقابل نظام الاستبدال وإعادة جميع المبالغ التي تم دفعها إلى المؤسسة منذ تطبيق نظام الاستبدال لأصحابها، إلا أنهما يختلفان في كيفية المعالجة فالاقتراح الأول يقضي بإنشاء قانون جديدة يتكون من ثلاث مواد أما الاقتراح الثاني فيعدل في قانون التأمينات الاجتماعية بإضافة مادة جديدة.
واطلعت اللجنة على تقرير لجنة الشؤون التشريعية والقانونية رقم (10) والذي رأت أنه لا يشوب فكرة الاقتراحين بقانونين شبهة مخالفة أحكام الدستور، فخدمات التأمين الاجتماعي مكفولة للمواطنين في الدستور وفقا للمادة (11) منه.
وقد استمعت اللجنة إلى وجهة نظر ممثلي المؤسسة والذين بينوا أن الاقتراحين المقدمين يختلفان في الجوهر والمفهوم عن التأمين الاجتماعي، وذلك لأن الاقتراحين يعدان الاستبدال قرضا تتقاضى المؤسسة بموجبه فوائد ربوية ما لا سند له قانونا وذلك للأسباب التالية:
أولا: بالنسبة لما يثار من أن الاستبدال هو قرض:
1 – أن نظام القرض يخرج عن اختصاص المؤسسة، وأن المقابل الذي تحصل عليه لا يعتبر فائدة بل هو عائد استثماري، وأن المؤسسة عبارة عن شخص من أشخاص القانون العام ولا ينطبق عليهم القانون المدني والتجاري بالنسبة لذلك العائد.
2 – أن المؤسسة لا تمنح أي قروض، حيث إن منح القروض هو من اختصاص البنوك التقليدية والإسلامية وفقا لنصوص القانون رقم (32) لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية للبنوك هو ما تختص به البنوك التقليدية والمتخصصة والإسلامية.
3 – أن ما تمنحه المؤسسة المستفيدين من أنظمتها هو حق تأميني بحت يسمى بـ (الاستبدال) وفقا لما يقرره قانون التأمينات الاجتماعية، حيث استخدام المشرع في التعبير عنه مصطلح (استبدال) لطبيعته واختلافه الجوهري عن القروض وغيرها، ويقوم الاستبدال على أساس استبدال مبلغ نقدي بجزء من المعاش التقاعدي، ويتحمل المستبدل نظير صرف هذا المبلغ دفعة واحدة قبل أوانه بعبء الاستثمار ومقابل التكافل اللذين ينتقلان إليه نتيجة لذلك وتتحدد القيمة الاستبدالية المستحقة للمستبدل حسب السن ومدة الاستبدال.
4 – أن القروض التي تقدمها الجهات القائمة عليها ترتبط إما بالحاجة إليها وإما بأغراض معينة كالأغراض الاستهلاكية وإما غيرها، بخلاف الاستبدال الذي يمنح للمؤمن عليه وإما صاحب المعاش متى توافرت في شأنه شروط ذلك بصرف النظر عن حاجته والغرض الذي طلب من أجله الاستبدال باعتبار أنه حق له.
5- أن الأصل في القروض أنها لا تسقط بوفاة المقترض، في حين أن الاستبدال وكونه حقا تأمينيا بحتا مصدره المباشر القانون يسقط بالوفاة.
6- أنه وفقا للمادة 78 مكررا من قانون التأمينات الاجتماعية فإنه إذا أظهر فحص نظام لااستبدال عن وجود فائض فإنه يجوز توزيعه على المستبدلين وهو وضع لا نظير له بالنسبة للقروض التي تقدمها البنوك.
7- يمثل عائد الاستثمار المصدر الأكبر من مصادر تمويل النظام، حيث ينظر للقيمة الاستبدالية على أنها جزء من مستحقات المستفيدين من أموال الصناديق التي لا بد من استثمارها وتنميتها لذلك يتعين زيادة أقساط الاستبدال عن أصل القيمة الاستبدالية تعويضا عن استثمار المبلغ الذي صرف للمستبدل نفسه من الأموال الموقوفة لصالح المستفيدين من أنظمة التأمينات الاجتماعية، وأي إلغاء تحمل المستبدل لعائد الاستثمار ومقابل التكافل فيه مساس بالعدالة والمساواة والتكافل لنطام التأمينات الاجتماعية.
8- أما من حيث الجانب الشرعي فقد تم أخذ رأي الفتوى والتشريع ووردت عدة فتاوى في هذا الجانب وكما هو متعارف عليه فإن الفتاوى لا ينسخ بعضها بعضا وعليه فإن المستفتي هو صاحب القرار في اختيار الفتوى المناسبة له. أما الفتوى نفسها فهي خارج اختصاص المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وبناء على ما سبق فإنه لا يرد في إطار نظام التأمينات الاجتماعية الحديث عن قروض وفوائد ربوية تستحق عنها وإنما عن حقوق مصدرها هذا القانون ولها طبيعتها الخاصة.
ثانيا: التطبيق بأثر رجعي:
أما تطبيق القانون بأثر رجعي فإن المؤسسة ترى صعوبة تطبيق هذا الإجراء كون هذا النظام يطبق منذ بداية عمل المؤسسة ومن ثم فإن قيمة وحجم المبالغ سوف تكون مرتفعة جدا وإعادة هذه الأموال لها آثار سلبية خطيرة قد تمتد لتنذر بإفلاس المؤسسة لا سيما في ضوء العجز الاكتواري الذي تعاني منه المؤسسة.
وبعد المناقشة وتبادل الآراء انتهت اللجنة إلى ما يلي:
1- أن هدف الاقتراحين يتفقان هما وما تذهب إليه اللجنة من تخفيف الأعباء المالية على المتقاعدين وضرورة إيجاد قنوات أخرى غير البنوك توفر لهم تمويل منخفض التكلفة يناسب دخلهم بعد التقاعد.
2- أن إلغاء الفوائد بشكل كلي قد يدفع المؤسسة إلى إلغاء نظام الاستبدال وذلك أن الاستبدال هو ميزة إضافية لا تعد بحسب الأصل من الأغراض الرئيسية لنظام التأمينات الاجتماعية، وبالتالي فإن إلغاء الفوائد قد يلغي خيار الاستبدال والذي بلا شك سيضر المتقاعدين ويحرمهم من مصدر لتمويل احتياجاتهم الضرورية خاصة في ظل تحفظ البنوك وامتناعها عن تقديم قروض لهم.
3- تطبيق القانون بأثر فوري، ذلك أن تطبيق القانون بأثر رجعي سوف يكلف أموالا طائلة قد تشكل أضرارا سلبية على صناديق المؤسسة.
5- أن الفائدة التي تحتسب على أساسها قيمة الاستبدال هي عائد على استثمار الصناديق وهي تقريبا ثابتة منذ تطبيق القانون في عام 1976 وتتراوح ما بين 6 – 6.5 ٪ وهي تعد مرتفعة نسبيا خاصة عند مقارنتها بما تتقاضاه البنوك حاليا.
6- تعديل المادة 77 من القانون رقم 61 لسنة 1976 المشار إليه لتخفيض نسبة الفائدة من 6.5 ٪ إلى 3 ٪ وذلك لأن النسبة مرتفعة ولم تتعدل منذ إصدار قانون التأمينات الاجتماعية الأمر الذي استوجب التعديل عليه الآن.
وبعد المناقشة وتبادل الآراء انتهت اللجنة إلى الموافقة بأغلبية آراء الأعضاء الحاضرين 5/2 على الاقتراحين بقانون بعد التعديل وذلك بالاقتراح بقانون بتعديل الفقرة الأولى من المادة 77 من الأمر الأميري بالقانون رقم 61 لسنة 1976 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية على النحو الوارد في الجدول المقارن وقد انبنى رأي الأقلية على ضرورة أخذ فتوى شرعية بتوافق النص الذي انتهت إليه اللجنة وأحكام الشريعة الإسلامية.