على الرغم من استعادة محافظة صلاح الدين، شمالي العراق، بالكامل من سيطرة تنظيم الدولة، وعودة الحياة إلى طبيعتها في بعض مناطقها التي شهدت عودة سريعة لأهلها، ما تزال مئات العائلات ممنوعة من العودة إلى مناطقهم؛ وذلك لسيطرة المليشيات على تلك المناطق.
ووفقاً لما أكدته مصادر عشائرية من محافظة صلاح الدين، فإن أهالي كل من منطقة “يثرب” و”عزيز بلد”، ممنوعون من العودة إلى مناطقهم بأمر من مليشيات تابعة لـ”الحشد الشعبي”، حتى دفع دية عن قتلى المليشيات، الذين سقطوا خلال المعارك ضد تنظيم الدولة.
وقال الشيخ محمد الوسمي، أحد زعماء العشائر في منطقة يثرب: إن “جميع المبادرات والوساطات التي أجرتها الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين للسماح لأهالي ناحية يثرب بالعودة إلى ديارهم فشلت؛ بسبب إصرار المليشيات على منع النازحين من العودة إلى مناطقهم”.
وأوضح، في حديثه أن “المليشيات استغلت قوتها وسلطتها في الدولة، وفرضت على الأهالي دفع دية عن قتلاها الذين سقطوا خلال عملية تحرير مدينة يثرب من سيطرة تنظيم داعش”، مبيناً أن المليشيات “فرضت على الأهالي دفع مبلغ قدره 15 مليار دينار (نحو 12 مليون دولار) مقابل عودتهم إلى المدينة”.
وتابع الوسمي حديثه قائلاً: إن “المليشيات لم تكتف بتدمير المدينة وسرقة ممتلكات المواطنين، بما فيها من سيارات ومواش وآليات زراعية تقدر بالمليارات، بعد سيطرتها عليها، لتطالبنا بدفع دية قتلاها”.
وأشار الوسمي إلى أن “معظم أهالي ناحية يثرب نزحوا من مدينتهم بأرواحهم فقط، وفي ظروف عصيبة، ويعيشون اليوم أوضاعاً مأساوية في مخيمات النزوح وفي هياكل أبنية، ويعتمدون على ما يقدم إليهم من المساعدات الإنسانية”.
من جهته قال مسؤول في الحكومة المحلية بمحافظة صلاح الدين، طلب عدم الإفصاح عن هويته، إن “مساعيَ حثيثة ومتواصلة أجراها كل من محافظ صلاح الدين (أحمد عبد الله الجبوري) وممثلين عن الوقف السني في المحافظة لتسهيل عودة نازحي مدينتي يثرب وعزيز بلد”.
وأضاف أن “مجلس محافظة صلاح الدين تبرع بمبلغ قدره 5 مليارات دينار، في حين تبرع الوقف السني بـ 4 مليارات دينار، ليصل المبلغ إلى 9 مليارات” لدعم النازحين، مبيناً أن “المفاوضات ما تزال جارية مع قادة الحشد الشعبي وبعض شيوخ العشائر المعترضين على عودة النازحين من أجل التوصل إلى حل لإنهاء هذه القضية”.
ولفت المسؤول النظر إلى أن “نحو 30% من نازحي محافظة صلاح الدين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم المحررة، رغم مرور أكثر من عام ونصف العام على تحريرها؛ وذلك لسيطرة المليشيات على مناطقهم إدارياً وعسكرياً”.
مجلس محافظة صلاح الدين، من جانبه، كشف عن وضع آلية جديدة لإنهاء الصراعات العشائرية في المحافظة، في حين أكد صعوبتها في مدينة يثرب.
وقال المجلس، في بيان ان العمل على حل الخلافات بدأ بجمع جميع الأطراف لعقد اجتماعات متكررة”.
وكانت ما نسبتها أكثر من 60% من مساحة محافظة صلاح الدين سقطت بيد تنظيم الدولة، منذ تمكن في مدّ نفوذه في العراق صيف 2014، ما تسبب بموجة نزوح كبيرة لسكان المناطق التي وقعت تحت سيطرته، وبات الكثير منها مسيطر عليه من قبل المليشيات.