كفلت المادة (100) من الدستور حق النائب في توجيه الاستجواب إلى رئيس مجلس الوزراء والوزراء عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم، وتضمن هذا الحق اللائحة الداخلية لمجلس الأمة في مادتها رقم 133)).
ويأخذ الاستجواب طابع التأزيم بين السلطتين رغم إمكانية الاكتفاء بالنقاش وتوضيح الحقائق وهو ما انتهت إليه كثير من الاستجوابات خلال تاريخ مجلس الأمة.
ويرى نواب أهمية الاستجواب باعتباره أداةً لتحقيق التوازن بين السلطتين، ومنح العمل النيابي اليد الطولى في محاسبة أي من الوزراء عن التقاعس والتراخي في أداء المهام الموكلة إليهم.
وأكد النواب في تصريحات لشبكة الدستور الإخبارية أهمية تفعيل الحكمة وحسن التقدير عند استخدام هذه الأداة الدستورية، بما يحقق الغرض منها بتقويم أداء السلطة التنفيذية.
وقال النائب محمد هايف إن أداة الاستجواب لا تفقد قيمتها إلا إذا فقدت محتواها الذي يرفع من درجة المساءلة السياسية وأهمّيتها أو يدنيها ويفقدها الأهمية.
واعتبر هايف أن الاستجواب ما هو إلا سؤال مغلظ للوزير عن مخالفات وتجاوزات، يلجأ إليه النائب بعد استنفاد كل المحاولات مع الوزير لتعديل ما لديه من أخطاء باعتبار الكيّ آخر العلاج.
وبين هايف أن طرح الثقة بالوزير مرهون بمناقشة الاستجواب، ورؤية النواب علاج التجاوزات المذكورة، مؤكدا أن نتائج المساءلة السياسية تبنى في الأساس على قوة المحاور وضعفها.
وبدوره أكد النائب أسامة الشاهين أن الدستور الكويتي حرص على الفصل بين السلطات وجعل لكل سلطة أدواتها لتحقيق التوازن فيما بينها وتحقيق الدور الرقابي الأمثل تجاه السلطة الأخرى.
وأوضح أنه قد ثبت بتجارب البشر أن السلطة المطلقة مفسدة، ومن هذا المنطلق منح الدستور ممثلَ الأمة عدة أدوات دستورية من بينها الاستجواب والسؤال البرلماني والتحقيق والاقتراحات وغيرها من الوسائل الأخرى.
وأكد الشاهين أهمية أن تحرص كل سلطة على حسن استخدام الأدوات التي منحها إيّاها الدستور وأن يخضع ذلك الاستخدام للحكمة والتقدير الجيد للأمور دون تعسف تحقيقا للمصلحة العامة.
وأعرب الشاهين عن اعتقاده بأن كثرة التلويح بوسيلة معينة قد يقلل من قيمتها وهيبتها، فلا بد من استخدامها في الموضع السليم تحسبا لتحقيق نتيجة إيجابية، مشددا على ضرورة استخدام الاستجوابات بهدف الإصلاح وتحقيق المصلحة العامة.
وطالب الشاهين الحكومة والرأي العام بعدم المبالغة في ردة الفعل تجاه الاستجوابات، والنظر إليها باعتبارها وسيلة مقررة في الدستور تحمل سؤالا مغلظا قد ينتهي إما بتأييد الوزير ودعمه وإما بالاعتراض على سياساته، وكلاهما حق مشروع.
ومن جانبه أكد النائب صلاح خورشيد أن الاستجواب حق دستوري للنائب ومن يحكم على أن هذه الأداة فقدت بريقها أم لا هم ممثلو الشعب داخل المجلس من خلال أداء كل من المستجوب والمستجوب ومحاور الاستجواب.
وبين خورشيد أن الاستجواب يقوم الأداء إلى جانب أدوات أخرى مثل لجان التحقيق والأسئلة البرلمانية وهذه كلها أدوات وضعها المشرع لمراقبة أداء السلطة التنفيذية.
وقال إنه في السابق حينما كنا نسمع بأن هناك استجوابا كان الكل يترقب ذلك باهتمام، أما الآن فاختلف الأمر، وأصبح الاستجواب أقل وطأة، وذلك أتى بعد تعديل اللائحة والمواد المتعلقة في الاستجوابات وتحديدها بوقت معين.
وأكدت بدورها النائبة صفاء الهاشم أن كثرة التلويح بالاستجواب لن يفقد هذه الأداة الدستورية المهمة بريقها، لافتة إلى أن التلويح بالاستجواب قد يكون جزءا من الحل من دون الوصول إلى تفعيل الأداء وصعود الوزير المنصة.
وأوضحت الهاشم أن طرح النائب وطريقة أدائه وعرضه بالإضافة إلى ما تحتويه مسودة الاستجواب يحدد ويصنع قيمة الاستجواب.
ودعا النائب طلال الجلال النواب إلى التهدئة وعدم التلويح أو استخدام أهم أداة دستورية وهي الاستجواب على كل شاردة وواردة، وأن يكون استخدامها بعد التدرج في المساءلة السياسية وفي القضايا المصيرية.
وأعرب الجلال عن رفضه استخدام الاستجواب وسيلة للتهديد، مؤكدا في الوقت نفسه أن الاستجواب حق دستوري للنائب ويعتبر أداة لتقويم الاعوجاج في الأداء الحكومي.
وشدد على ضرورة المحافظة على هذه الأداة واستخدامها في محلها الصحيح، مؤكدا أن جميع الأمور والمشاكل والقضايا تحل بالحوار والتفاهم بعيدا عن التصعيد السياسي، معتبرا أن كثرة التلويح باستخدام الاستجواب يفقدها بريقها وينتقص من أهميتها.
يذكر أن الحياة البرلمانية الكويتية شهدت تقديم 86 نائبا 86 استجوابا وجهت إلى 56 وزيرا، كان آخرها استجواب واحد قدم خلال الفصل التشريعي الحالي إلى وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب السابق الشيخ سلمان الحمود وانتهى إلى تقديم استقالته.