المشاريع الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية في أي دولة لنمو اقتصادها، وغالبا ما يقوم الشباب بقيادة هذا القطاع والمساهمة في نجاحه.
وفي الكويت العديد من المشاريع التي نجحت بفضل سواعد شابة استطاعت بالعمل الجاد والمثابرة ان تعلي شعار «صنع في الكويت» في الداخل والخارج بمنتجات نفخر بجودتها تضاهي وتنافس المنتجات المستوردة.
أثبت الشباب الكويتي قدرته على اختراق سوق العمل في القطاع الخاص وإدارته بشكل احترافي، ورغم كثرة الصعوبات التي تواجههم في تنفيذ مشاريعهم نرى اليوم العديد منهم قادرا على السير بخطوات ثابتة وصولا إلى تحقيق النجاح.
الدولة تسعى إلى تشجيع المبادرين الشباب للعمل الحر وتعمل على مساعدتهم في تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة يملكونها ويديرونها، كما تعمل من جانب آخر على الاستفادة من الأفكار الرائدة لفتح مجالات عمل قادرة على المنافسات وتحقيق عوائد مجزية تساعد في خلق فرص عمل للشباب الكويتي.
«القبس» التقت عددا من الشباب والشابات الكويتيين الذين اخترقوا مجال العمل في القطاع الخاص واستطاعوا ان يحققوا ما يصبون إليه، وسردوا لنا بدايتهم مع هذه المشروعات الصغيرة واهم المعوقات والتحديات التي واجهتهم وكيف تغلبوا عليها حتى حققوا أهدافهم.
تقول غنيمة الشطي صاحبة شركة (soap of heaven) لإنتاج وصناعة الصابون الطبيعي ومستحضرات العناية بالبشرة، ان إعجابي بفكرة عمل منتجات الصابون الطبيعي والكريمات الخالية من أي مواد كيميائية او اصطناعية دفعني إلى التفكير في تصنيعها بنفسي للاستخدام الشخصي، وبعد فترة قصيرة تمكنت من هذه الصناعة وأصبحت أستطيع تحضير أكثر من منتج، مشيرة إلى ان عددا من أصدقائها وأقاربها جربوا هذه المنتجات واثنوا عليها جميعا وشجعوها على الاستمرار في هذا المجال.
تراخيص
وأضافت الشطي بعد ذلك فكرت في الحصول على تراخيص صحية لتصنيع هذه المنتجات بشكل أوسع وحصلت عليها عام 2012 وأسست شركة (soap of heaven) لإنتاج وصناعة الصابون الطبيعي ومستحضرات العناية بالبشرة بالطريقة التقليدية القديمة بدون استخدام الآلات أو المكائن الحديثة، وبلا إضافة أي مواد كيميائية أو صناعية كمادة السلس (SLS) أو أي مواد حافظة ضارة كالبارابين. وأكدت إنها تستخدم أفضل أنواع الزيوت النباتية كزيت الزيتون البكر الصافي وزيوت أخرى مفيدة للبشرة، بالإضافة إلى الزبدة الطبيعية كالشيا والكاكاو الخام والزيوت العطرية النقية المستخلصة من النباتات والأعشاب المختلفة إلى جانب العطور الرائعة ذات الجودة العالية.
بداية صعبة
وبينت الشطي أن البداية كانت صعبة لعدم توافر معظم المواد الأولية في السوق الكويتي، إلى جانب عدم توافر الأيدي العاملة المدربة في هذا المجال مما اضطرها للعمل بمفردها، مشيرة إلى انها تسعى إلى تعليم عدد من الفتيات للعمل في هذه المهنة.
وطالبت كل شاب وشابة بالتفكير في عمل مثل هذه المشروعات الصغيرة بدلا من انتظار العمل في القطاع الحكومي، لافتة إلى انها وجدت كل الدعم الممكن من الحكومة التي وفرت لها كل سبل النجاح كدعم مادي من البنك الصناعي، ومحل في مجمع الحرفيين، مؤكدة أن بيئة الكويت صالحة للعديد من الاستثمارات التي يمكن للشباب الاستفادة منها لإثبات ذاتهم.
فكرة بسيطة
أما تيسير الزعبي مدير مبيعات في مصنع «يوركان» للسجاد، فيقول إن البداية كانت منذ 8 سنوات بفكرة بسيطة ومبتكرة، وهي تصنيع دواسات السيارات بأشكال وتصاميم مختلفة حسب الطلب، ولاقت الفكرة إعجاب الشباب وإقبالهم، فبدأنا التفكير في التوسع وتطوير منتجاتنا واختراق مجال صناعة السجاد، وانتهجنا الأسلوب نفسه وهو التصنيع حسب الطلب.
وأضاف الزعبي: بدأنا في صناعة السجاد بعد دراسة مفصلة عن أحوال ومتطلبات السوق المحلي للوصول إلى منتج جديد غير متوافر في الأسواق الكويتية والخليجية، فكانت الخطوة الأولى لنشاط مصنع يوركان للسجاد، وهي تصاميم سجاد مصنع من الصوف الطبيعي والحرير الطبيعي والحرير الصناعي والبوليستر، وأيضاً «مكس» ما بين الصوف والبوليستر أو الصوف والحرير بأنواعه وحسب ذوق العميل وباختياره للشكل والتصميم والألوان والمقاسات لقطع السجاد، بما يتناسب مع ذوق العميل والديكور الداخلي للمنازل والمكاتب والصالات والشركات والسيارات.
الأول
وبحسب الزعبي، فإن مصنع يوركان للسجاد يعتبر الأول من نوعه في الشرق الأوسط الذي ينفرد بتقديم تصاميم فريدة وعصرية للسجاد بتداخل غريب ولافت لمواد لم تستخدم من قبل في صناعة السجاد.
وأشار إلى أن منتجات المصنع الذي يعد من المشروعات الصغيرة حازت إعجاب جميع العملاء، مؤكداً أن اختياره للدخول في هذا المجال جاء بسبب أهمية الصناعة كمصدر من أهم مصادر الدخل القومي، فضلاً عن أنها تعتبر بمنزلة عصب الاقتصاد في الدولة، كونها ترتبط ارتباطاً وثيقاً وفعالاً بالأنشطة الاقتصادية المختلفة.
وقال الزعبي إن ما يميز مصنع يوركان للسجاد هو البيع المباشر تحت عنوان «من المصنع إلى المستهلك»، وتقديم استشارات في الديكور الداخلي الذي يتماشى مع التصاميم الخاصة للسجاد والكفاءة العالية في الأداء والتنفيذ للحصول على أفضل النتائج المرضية للعملاء.
وبالرغم من هذا النجاح، فقد أكد الزعبي أن البداية كانت صعبة، لأن العميل كان يشك في جودة المنتج الكويتي وقدرته على مضاهاة المستورد، ولكن مع الوقت والتجربة استطعنا أن نقنع العملاء بجودة منتجاتنا.
وختم بأن الحكومة كان لها دور في نجاح هذا المشروع، حيث حصل على دعم من البنك الصناعي عند بداية المشروع كحرفة، ثم تطور ليصبح حالياً منشأة صناعية. وناشد الزعبي من لديه أفكار من الشباب الكويتي أياً كانت نوعيتها ألا يخجل منها ويسعى إلى تطبيقها واستشارة الآخرين، ومهما كانت الفكرة صغيرة مع الإصرار والإرادة ستكبر.
المرايا والبراويز
بدورها، تقول عليا حسن صاحبة مجموعة عاليا العالمية لتصنيع المرايا والبراويز إن مشروعها عبارة عن تخصص في تشكيل الزجاج والحفر عليه وتلوينه، بالإضافة إلى فرع للزجاج التكنولوجي عن طريق وكالات خاصة، وزجاج الأسقف الملونة برسومات طبيعية كالسماء والأشجار وهو يستخدم في المستشفيات والمصحات والفنادق وغرف الاجتماعات، كونه يساهم في تهدئة الأعصاب والراحة النفسية، وإضفاء جو طبيعي على المنشأة، كما أثبتت أحدث الدراسات التي أجريت على استخدامه.
وذكرت حسن أنها بعد إنهاء دراستها في أميركا رفضت العمل في القطاع الحكومي كبقية زملائها، وفضلت التوجه إلى القطاع الخاص الذي بحسب رأيها يفتح آفاقاً واسعة للتفوق والنجاح، مضيفة: لقد فكرت في عمل مشروع واهتديت بعد دراسة لمتطلبات السوق الكويتي إلى فكرة مصنع الزجاج، وبدأت بورشة صغيرة لتصنيع وتشكيل الزجاج، وحصلت على تمويل من البنك الصناعي، وبدأنا عام 2008، ومنذ ذلك الوقت تطور العمل، وأضفنا منتجات جديدة، وحصلنا على وكالات حصرية، وأصبحت لدينا اليوم أفرع داخل الكويت وخارجها.
صعوبات
وأكدت حسن أن نجاح أي مشروع لن يأتي من فراغ، بل يحتاج إلى العمل الجاد والتعب والمثابرة، مشيرة إلى أنها في البداية واجهت الكثير من الصعوبات والمعوقات التي لم تزدها إلا إصراراً على استكمال المشروع، ومن هذه المعوقات التعامل مع التجار والعمال، باعتبارها فتاة ومشروعها صناعي يتطلب وجودها في بعض الأماكن الصناعية والحرفية، بالإضافة إلى عناء إنهاء التراخيص والأوراق المطلوبة لإقامة المشروع.
أما الصعوبات الأكثر التي واجهتني، فتقول حسن هي غلاء الأراضي الصناعية وارتفاع الإيجارات التي تستنزف معظم أرباح المشروع وغلاء الأيدي العاملة، كما أن المحلات والورش التي تسلمناها بمنطقة الفحيحيل الصناعية صغيرة لا تتعدى 45 متراً، وهي لا تكفي لمثل هذه المشاريع التي تتطلب وضع آلات ومكائن كبيرة، ونحتاج إلى مكان آخر للتخزين ومكان للعرض وهذا غير متوافر حالياً.
مشاريع أيام الدراسة
أوضحت عليا حسن صاحبة مجموعة عاليا العالمية لتصنيع المرايا والبراويز أن معظم الشباب الكويتي حاليا بدأ في الاتجاه إلى القطاع الخاص وعمل المشاريع، حتى أن البعض يفتتح مشاريع خلال أيام الدراسة وهذا يبشر بمستقبل واعد للصناعات الصغيرة والمتوسطة في الكويت.
«أطالب الحكومة بإعطائنا الأولوية في توزيع الأراضي الصناعية»
بدر الفوزان: بدأت بسلعة.. واليوم أنتج 16
يؤكد بدر الفوزان صاحب مصنع «الفازون» لتشكيل الأسلاك المعدنية وإنتاج علاقات الملابس والشماعات، وموزع للمواد المستهلكة من المصابغ ان السوق الكويتي مملوء بالفرص الاستثمارية الناجحة، ولا يحتاج الشباب الا النظر إلى المتطلبات الاستهلاكية في السوق وتبني احدى الفكر والسعي إلى تنفيذها.
ويضيف الفوزان جاءتني فكرة المشروع بعد دراسة متأنية لاحتياجات السوق، ولاحظت انتشار أعداد «المصابغ» بشكل واسع في الكويت والطلب والاستهلاك المتزايد عليها، لذلك قررت عمل مشروع يوفر احتياجات هذه المصابغ وبدأت بعمل خط إنتاج لتصنيع «علاقات الملابس او الشماعات المعدنية» التي تستخدمها المصابغ، وراعيت الجودة والمتانة والاوزان الصحيحة، وبدأت في التوزيع واختراق هذا السوق.
16 منتجاً
وأضاف: بعد هذا النجاح لم أتوقف عند ذلك، بل بدأت في توفير جميع احتياجات المصابغ، مثل مساحيق الغسيل والمواد التي تستخدم في أعمال النظافة على اختلافها، وأصبحت املك الآن حوالي 16 منتجا مختلفا إلى جانب علاقات الملابس. وكما قال سابقوه، أقر الفوزان بأنه واجه صعوبات في بداياته كتوفير الآلات والعمالة الفنية المتخصصة، ومكان المشروع والإجراءات الروتينية والدورة المستندية الطويلة، ولكنه في النهاية استطاع التغلب على كل هذه المعوقات حتى أصبح المصنع الأول في الكويت في مجاله.
وأشار إلى انه حصل على دعم مالي من البنك الصناعي وورشة في مجمع الفحيحيل للصناعات والحرف بإيجار مخفض، ولكن بعد مضي 7 سنوات على المشروع أصبح اكبر، والمكان لا يتسع لتطوير وزيادة خطوط الإنتاج ونتمنى أن نأخذ الأولوية في خطة الحكومة لتوزيع الأراضي الصناعية.
«الهيكلة»: دعم أكثر من 5 آلاف مبادر
أكد مدير إدارة المشروعات الصغيرة في برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة فارس العنزي ان البرنامج قام بدعم أكثر من 5 آلاف من أصحاب المشاريع الصغيرة، من خلال الخدمات التي يقدمها سواء قبل إقامة المشروع او بعده.
وقال العنزي في تصريح لـ القبس ان البرنامج يقدم راتبا شهريا لكل كويتي لديه رخصة تجارية مسجلة في التأمينات الاجتماعية يتراوح بين 450 و800 دينار، حسب المؤهل الدراسي والحالة الاجتماعية، مؤكدا ان الكويت تنفرد بهذه الخدمة التي لا تتوافر في أي دولة اخرى.
وبين ان دور الجهاز لا يتوقف عند افتتاح المشروع، بل يقوم بالمتابعة وتوفير فرص لتسويق المنتجات والخدمات.
وطالب العنزي بضرورة فتح المجال لترخيص الصناعات المنزلية، لاسيما ان العديد من الشباب يديرون مشروعات ناجحة من منازلهم بلا ترخيص.
من جهة ثانية، وقع برنامج اعادة هيكلة القوى العاملة، أمس الأول، مذكرة تفاهم مع اتحاد الجمعيات التعاونية بمبادرة من محافظة مبارك الكبير بشأن تطوير الإمكانات الفنية للكوادر الكويتية، وتوفير فرص عمل للمبادرين، ودعم مشاريعهم الصغيرة عبر إنشاء مكاتب خدمات زراعية وبيئية، واعتبارها كحاضنة أعمال صغيرة.