يفتتح حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد اليوم المبنى الجديد لبنك الكويت المركزي، حيث يكتنف افتتاحه رمزية خاصة لناحية استمرار ريادة النظام النقدي والمصرفي الكويتي بتصميمه الفريد كأيقونة معمارية على طريق تحقيق الرؤية السامية بجعل الكويت مركزا ماليا إقليميا وعالميا ورؤية (كويت جديدة 2035).
ويحاكي المبنى الجديد للبنك المركزي في تصميمه شراع السفن الخشبية القديمة ليضفي عليه قيمة جمالية عالية تزين ساحل الكويت بفيض من الرونق والجمال.
ويمثل المبنى الجديد استمرارا لهذه الريادة النقدية والمصرفية للمؤسسة ودلالة معمارية على المركز المالي والنقدي للكويت حاليا ويمتد المبنى على مساحة إجمالية 25.872 ألف متر مربع استغل منها للبناء ما مساحته 20 ألف متر مربع فيما بلغ ارتفاعه 235 مترا بـ 44 دورا ومساحة للطوابق مجموعها 140 ألف متر مربع ويتم الدخول إليه عبر 8 بوابات ومواقف للسيارات تتسع لـ 1264 سيارة.
وعن خصائصه الجمالية فقد صمم المبنى الجديد وفق أحدث المفاهيم المعمارية المتبعة عالميا باستلهام عناصر من التراث الكويتي للتأكيد على الهوية والانتماء الثقافي والحضاري لهذا الصرح ووقع الاختيار على هذا التصميم بعد منافسة بين أفضل المكاتب المعمارية العالمية وقامت لجنة من المحكمين المتخصصين في الهندسة المعمارية بتقييم العروض واختيار الأفضل منها.
واستلهم التصميم من السفينة الشراعية التي ارتبطت منذ القدم باقتصاد الكويت حيث كانت عاملا مهما في تنشيط التجارة بين الكويت ومرافئ الخليج العربي والهند وأفريقيا الشرقية لذا صمم المبنى محاكيا لشراع السفينة المرتفع وهيكلها المهيب.
وتوجت طوابق المبنى الـ 44 في قمتها بالزجاج العاكس في محاكاة لشكل المنارة ودلالاتها الرمزية، إذ تتألف جدران هذا القسم من المبنى من طبقتين من الزجاج العاكس وعشرات القطع من الحجر الطبيعي الذي يتسم بشفافية عالية ترتبط كلها بنظام ستائر متطور يتم فتحها وإسدالها آليا حسب شدة ضوء الشمس مما يجعلها مزينة برسوم الطبيعة.
ويتخذ البناء شكلا هرميا قائما على مساحة ذات شكل مثلث بقاعدة باتجاه البحر شمالا وضلعيه إلى جهتي الجنوب الشرقي والجنوب الغربي وشيدت الواجهة الشمالية بهيكل عملاق من المعدن المتقاطع على شكل معينات وهو بذلك يستلهم من الإرث الغني للزخارف الهندسية الإسلامية ما يتيح إطلالة على البحر من داخل المبنى وإنارة طبيعية وافرة.
ويرمز التصميم الجمالي للمبنى الجديد إلى قيم هذه المؤسسة، حيث ترمز الواجهات الحجرية العالية والصلبة إلى متانة الأسس التي تقوم عليها فيما ترمز الواجهة الزجاجية إلى الشفافية التي تتسم بها والتي تحرص على تطبيقها في مجال عملها.
ويحظى المبنى بموقع مميز في قلب مدينة الكويت بجوار قصر السيف العامر وبجوار مسجد الدولة الكبير وبورصة الكويت وغيرها من المؤسسات المالية والمصرفية، فضلا عن أنه على مقربة من المبنى القديم لبنك الكويت المركزي.
وفيما يخص التصميم الداخلي فهو يضاهي جمال المبنى الخارجي بأناقته وتصميمه وتمت المزاوجة بين الخطوط الحديثة في التصميم ولمسات فنية من التراث المعماري المحلي مع استخدام مدروس لبعض أنماط الزخارف الهندسية بما يضفي طابعا محليا على التصميم دون إخلال التناغم بين عناصره المتعددة.
ووظفت في سبيل التصميم الداخلي خامات غنية من الحجارة ذات الأسطح الخشبية والمصقولة إضافة إلى الخشب كما تمنح الإنارة الطبيعية المزيد من الجمال على مساحات المبنى الداخلية سواء كان مصدرها النوافذ الغائرة في الواجهتين الجنوبية والشرقية والجنوبية الغربية المعرضتين للشمس أم كان مصدرها الواجهة الزجاجية الشفافة خصوصا أنه تم توظيف الحجر (المجزع) شبه الشفاف الذي تنفذ منه إضاءة رقيقة تبرز جماله الطبيعي وتضيف مشهدا أخاذا إلى البهو الداخلي.
وهذا الحجر (المجزع) شبه الشفاف تم استيراده خصوصا من مقالع الحجارة شمال تركيا حيث أجود أنواع حجر الـ (اونيكسابلا) ثم شحنت كتل الحجارة إلى إيطاليا بغرض قصها إلى ألواح تبلغ سماكتها سنتيمترين وأرسلت الألواح فيما بعد إلى ألمانيا بغرض تشذيبها وصقلها وصولا إلى سماكة لا تتجاوز 0.5 سنتيمتر ما يمنح هذه الألواح أكبر قدر من الشفافية وظهور ألوانها والأشكال البديعة التي تتميز بها.
ويعد مبنى «المركزي» الجديد صديقا للبيئة بدءا من التصميم الخارجي والإكساء مرورا بالنظم الداخلية للتهوية والإنارة وسواها، حيث روعي أن يكون المبنى متكيفا مع ظروف المناخ المحلي خصوصا ارتفاع درجة الحرارة عبر الاستلهام تقاليد البناء الكويتية القديمة التي أثبتت كفاءتها واستخدام التكنولوجية لترشيد الطاقة.
ويتمتع المبنى بشبكة معلومات وفق أحدث الطرز من التكنولوجيا التي تتسم بسهولة الصيانة والتوافق مع كل التطورات التقنية المتوقعة على مدى العقود الثلاثة المقبلة، حيث يتألف المحور الأساسي للشبكة من الألياف الضوئية التي توفر الاتصال لأكثر من 15 ألف نقطة بيانات وبمقدور هذه الشبكة تتبع كل نقطة من نقاط الشبكة على حدة لاكتشاف الأعطال وصيانتها فضلا عن تمتع مركز المعلومات بنظام لتلافي فقدان البيانات بضمان بقاء الأجهزة المركزية في حالة اتصال 100%.
وزودت قاعات الاجتماعات البالغ عددها 35 قاعة بأحدث تقنيات العرض والاتصال المرئي بما يسهل عقد الاجتماعات الدولية عبر دائرة تلفزيونية مغلقة سواء فيما بين قاعات الاجتماعات أو داخل المبنى وخارجه كما زود المبنى بنظام (إدارة النقد) وهو نظام حديث آلي لإنجاز عمليات سحب وإيداع النقد مع تخفيض دور العنصر البشري إلى الحد الأدنى.
والعمليات في خزينة بنك الكويت المركزي آلية بنسبة 100% دون أي دور للعنصر البشري داخل الخزينة وهي بذلك الخزينة الوحيدة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط ومن بين القلائل على مستوى العالم فضلا عن نظام مراقبة عالي الدقة والكفاءة ومزايا إنشائية وتقنية أخرى تضعها على قائمة أكثر خزائن البنوك أمانا على مستوى العالم.
ويضم مبنى بنك الكويت المركزي مرافق إضافية علاوة على المكاتب وقاعات الاجتماعات الضرورية لإنجاز الأعمال اليومية لموظفيه ومنها قاعة احتفالات تتسع لأكثر من 230 شخصا وكافتيريا تتسع لأكثر من 120 شخصا وقاعة اجتماعات متعددة الأغراض تتسع لأكثر من 100 شخص علاوة على مسرح يتسع لـ 320 شخصا وهو مجهز بأحدث التقنيات السمعية والبصرية.
وتشمل المرافق الإضافية أيضا سبع قاعات تدريب بسعة لكل منها ما بين 18 و36 شخصا ومركزا إعلاميا يستوعب 48 شخصا وأربع غرف اجتماعات لكبار الشخصيات إضافة إلى 35 غرفة اجتماعات ومركز معلومات يعنى بالإصدارات والنشرات الدورية ومتحف لتاريخ النقد في الكويت ومسيرة بنك الكويت المركزي ومصلى للرجال وآخر للنساء.
يذكر أن القائمين على البنك المركزي أعدوا احتفالية خاصة لافتتاح المبنى الجديد يحضرها مدعوون من كبار المسؤولين في الدولة من الشيوخ والوزراء ورؤساء مجالس إدارة البنوك الكويتية وقيادات قطاع المال والأعمال كما يحضرها الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني ومحافظو مؤسسات النقد والبنوك المركزية لدول المجلس.