ثمة نمو كبير في عملية استيراد البضائع من الخارج عن طريق المواقع العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أثر بشكل ملحوظ على عملية البيع لدى المستثمرين العاملين في قطاع التجزئة.
شهد قطاع التجزئة في الكويت خلال السنوات الخمس الماضية تطوراً ونمواً ملحوظين على كل الصعد، سواء لناحية نسب الشَّغل والنشاط وحركة البيع، أو من الناحية السعرية والقيم الإيجارية.
ولا شك، تعتبر محال التجزئة في المجمعات التجارية المحرك الرئيسي للقطاع التجاري، فهي تستحوذ على النسبة الأكبر من الشغل، مقارنة بالمكاتب الإدارية والأدوار، كما أنها تحقق العائد الأكبر للمستثمرين، مقارنة أيضاً بالمكاتب.
ويأتي ذلك النشاط، نتيجة عوامل عدة، منها دخول العديد من الماركات العالمية إلى السوق المحلي، وتوجه عدد كبير من أصحاب المشاريع الصغيرة للاستثمار في هذه المجالات كالمطاعم والكافيهات، والعطور ومواد التجميل.
وشهدت البلاد أخيراً افتتاح العديد من المجمعات، التي تم تخصيصها للمطاعم والكافيهات، إضافة إلى الأنشطة الأخرى، مثل بيع الكماليات والملبوسات، حيث إن نسبة كبيرة من رواتب الموظفين من المواطنين والوافدين تذهب إلى قطاع المطاعم والكماليات.
وينقسم قطاع التجزئة إلى قسمين أساسيين، الأول الأغذية ويشمل المطاعم والكافيهات والحلويات، والثاني الملبوسات والكماليات ومواد التجميل والعطور، وغيرها من المواد الاستهلاكية الأخرى.
قطاع الأغذية
يتوقع عدد من العقاريين أن يتأثر قطاع الأغذية خلال المرحلة المقبلة، نتيجة وجود منافسة كبيرة، ودخول العديد من المستثمرين في هذا المجال، خصوصاً صغار المستثمرين وأصحاب المشاريع الصغيرة، حيث، إن النسبة الأكبر للمشاريع الصغيرة تأتي ضمن قطاع الأغذية.
وتساءل العقاريون عن ركود قادم في إيجارات محال التجزئة خلال المرحلة المقبلة؟ خصوصاً مع وجود توجه لدى المجمعات الكبيرة للتوسعة مثل الأفنيوز و360 ومجمع الكوت، إضافة إلى افتتاح العديد من المجمعات، التي تم تخصيصها لقطاع التجزئة، مؤكدين أن هناك تباطؤاً واضحاً في نمو عدد المطاعم والمقاهي، بعد ما ارتفع عددها بمقدار المئات.
وبالعودة إلى القسم الثاني من قطاع التجزئة، أي الملبوسات والكماليات والعطور ومواد التجميل، نجد أنه يعاني منافسة كبيرة جداً من قبل «التجارة الإلكترونية» والطلب عن طريق المواقع العالمية.
إذ إن هذا القطاع تأثر فعلاً نتيجة توجه العديد من المستهلكين نحو توفير احتياجاتهم عبر المواقع المتخصصة «التجارة الإلكترونية»، حيث إن أسعار المواد المعروضة في المواقع أقل بكثير من تلك المعروضة في المحال التجارية، وبنفس الجودة.
نمو الاستيراد
وتقول المصادر، إن هناك نمواً كبيراً في عملية استيراد البضائع من الخارج عن طريق مواقع العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي، مما أثر بشكل ملحوظ على عملية البيع لدى المستثمرين العاملين في قطاع التجزئة.
وتظهر التقارير، أن هناك نمواً واضحاً في «التجارة الإلكترونية على مستوى الشرق الأوسط وليس فقط السوق المحلي، حيث إن نسبة نمو «التجارة الإلكترونية» سنوياً تصل إلى 30 في المئة، موضحة أن قطاع التجزئة، في المنافسة ستشتد بعد دخول «أمازون» إلى أسواق الشرق الأوسط، خصوصاً وسط توافر فرص ومعدلات نمو مستقبلية قوية لقطاع التجارة الإلكترونية في المنطقة.
من جهة أخرى، توقعت مؤسسة «أي تي كيرني» الاستشارية في تقريرها نمو نشاط هذه التجارة في الشرق الأوسط من 5.3 مليارات دولار في 2015، إلى أكثر من 20 ملياراً بحلول 2020.
احتياجات السوق العقاري
بدورهم، قال عدد من العقاريين، إن القطاع العقاري في الكويت يفتقد إلى الدراسات، التي تبين احتياجات المستهلكين المستقبلية، إذ إن الاحتياجات والرغبات هي متغيرة وليست ثابتة، ويجب أن تكون هناك رؤية وسياسة واضحة لدى الجهات المعنية للقطاع العقاري لئلا يتأثر في المستقبل.
وأشاروا إلى أن استمرار افتتاح المطاعم والكافيهات، في ظل الوضع الحالي للدولة، والتوجه نحو فرض الضرائب على الوافدين والمواطنين ورفع الدعم عن الخدمات مثل الكهرباء والماء والبنزين، سيؤثر على طبيعة صرف المستهلكين، وبالتالي ستتأثر تلك المحلات.
وأوضحوا أنه لايمكن في الدولة المتقدمة، بناء مجمع وتخصيصه إلا بموافقة الجهات المعنية، حيث لديها الدراسات حول احتياجات المنطقة من المحال التجارية، لئلا يتأثر القطاع وذلك نتيجة لوجود معروض كبير.
أزمة المكاتب الإدارية
وذكر العقاريون أن العقارات التجارية عانت سابقاً أزمة استمرت سنوات عديدة، فبعد أن تأثرت العديد من الشركات المحلية في كل القطاعات جراء الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، ارتفع المعروض وقل الطلب، وانخفض سعر المتر التأجيري بالنسبة للمكاتب الإدارية.
وآنذاك، طالب العديد من العقاريين الحكومة بالتدخل لإنقاذ القطاع المكتبي والقطاع التجاري ككل، عن طريق التأجير وإشغال المساحات الشاغرة في الأبراج، لافتين إلى أن من المشاكل، التي مر بها القطاع التجاري هو دخول الكثير من الشركات العقارية للاستثمار في هذا القطاع خصوصاً، مما نتج عنه زيادة نسبة الأبراج، وتعثر بعض الشركات من فتح خطوط ائتمان مع الجهات التمويلية حينها.
وواجه العقار التجاري خلال تلك الفترة أزمة ركود وجمود وانخفاضات في سعر المتر التأجيري، حيث كان يتراوح قبل تلك الفترة بين 9 و14 ديناراً للمتر المربع، وانخفض ليصل إلى ما دون 6 دنانير تقريباً للمتر المربع.
ولم تتجاوز نسبة الشغل في العقارات التجارية عام 2012 الـ 58 في المئة، في حين همت الحكومة تدريجياً من ذلك الوقت بالتأجير في الأبراج، وشغل نسب كبيرة من المساحات المكتبية، فضلاً عن إنشاء أكثر من هيئة، حينها، خلال فترة قصيرة ولكل هيئة مهام معينة، حيث قام معظمها، إن لم تكن كلها بالتأجير في الأبراج التجارية.
«خلو المحلات»
وعلى الرغم من تلك التحديات التي يواجهها قطاع التجزئة في الكويت، فإن ظاهرة «خلو» لا تزال حاضرة في السوق، لكن اقتصرت على بعض المحلات ذات المواقع المميزة في بعض المجمعات الشهيرة والواجهات البحرية.
وكانت ظاهرة «الخلوات» عادت من جديدة لتغزو السوق المحلي منتصف عام 2011 تقريباً، بعد انقطاعها سنوات عديدة، حيث تدل عودة ظاهرة الخلوات إلى المحلات التجارية والمكاتب آنذاك على أن هناك طلباً شديداً من قبل المستثمرين والحرفيين، تزامناً مع تنامي المثافة حجم أعداد السكان في الكويت والانتعاش الاقتصادي الجزئي.