المحرر الاقتصادي – كونا — تشارك الكويت في مبادرة (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري في القرن ال21) التي أطلقتها الصين في 2013 والتي تعد فرصة تنموية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق الازدهار الاقتصادي في دول العالم لاسيما العربية.
وتتوافق هذه المبادرة مع الرؤية السامية لحضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح التي تتمثل في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي في عام 2035 ورؤية إنشاء مدينة (الحرير) التي أطلقت عام 2006 مما يجسد آفاقا جديدة وطموحا واسعا لأحياء طريق الحرير التاريخي.
وفي هذا السياق سيعقد في العاصمة الصينية بكين خلال الفترة من 14 الى 15 من شهر مايو الجاري منتدى قمة التعاون الدولي لمشروع (الحزام والطريق) بمشاركة العديد من رؤساء الدول والحكومات ووزراء وأكاديميين من اكثر من 80 دولة واقعة على طول طريق الحرير.
وستشارك دولة الكويت في القمة بوفد رفيع المستوى برئاسة وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح ووزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الشباب بالوكالة خالد ناصر الروضان وعدد من كبار المسؤولين في الدولة ورؤساء الهيئات الاستثمارية.
وتتضمن مبادرة (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري في القرن ال21) شقين الأول منها هو الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري الذي يربط الصين مع أوربا عبر آسيا الوسطى والغربية أما الشق الثاني هو طريق الحرير البحري للقرن ال21 الذي يمتد من جنوبي الصين الى جنوب شرقي آسيا وإفريقيا.
ويصل طريق الحرير الجديد بين أكثر من 60 دولة باستثمارات متوقعة تتراوح بين 4ر8 تريليونات دولار أمريكي ويخدم 4ر4 مليار إنسان ما يعادل نحو 63 % من سكان العالم.
ومن المتوقع أن تشهد التجارة بين دول الحزام والطريق خلال السنوات الخمس المقبلة نحو 10 تريليونات دولار أمريكي حيث من المتوقع أن تبلغ حجم صادرات الصين عبر هذا الطريق وحدها نحو 500 مليار دولار أمريكي.
وتتضمن المبادرة سلسلة من الخطوات لتشكيل منصة تعاونية في المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والثقافية علاوة على التركيز على السلام العالمي حيث ستوفر حافزا قويا لتحسين البنية التحتية والأساس الصناعي وتوفير فرص العمل.
وأظهرت بيانات صادرة عن الحكومة الصينية أنها استثمرت نحو 50 مليار دولار أمريكي في الدول الواقعة على طول الحزام والطريق منذ عام 2013.
وستشارك الكويت بهذا الطريق بعدة مشاريع تنموية تعكس رؤية (الكويت 2035) وتمثل خطوة مهمة نحو إعادة احياء الطريق الحرير التاريخي والمنطقة عبر مشروع مدينة (الحرير) ومشروع (الجزر الخمس) إضافة إلى مشروع ميناء مبارك الكبير.
ويضم مشروع مدينة (الحرير) الذي يعتبر اضخم مشروع واجهة بحرية في العالم أحد أطول الجسور لربط العاصمة بشمالها وهو (جسر جابر) البحري الذي سيوفر رابطا استراتيجيا بين العاصمة والمنطقة الشمالية.
ويتضمن مشروع مدينة (الحرير) التي ستتسع نحو 700 ألف نسمة انشاء برج بطول 1001 متر الذي سيكون احد أطول الأبراج بالعالم ويتوقع أن تبلغ قيمة الاستثمارات في مشروع المدينة نحو 100 مليار دولار أمريكي.
ويشكل (جسر جابر) الذي يعتبر أطول رابع جسر في العالم عنصرا رئيسيا في خطة انشاء وتطوير المنطقة الاقتصادية الحرة في شمال دولة الكويت والتي من المفترض ان تقام عليه خمس جزر كويتية تقع بالقرب من شواطئ العراق وايران.
اما مشروع (الجزر الخمس) الذي يعتبر من أهم واكبر مشاريع خطة التنمية فيتضمن انشاء مشروع ميناء مبارك الكبير الذي سيساهم في انفتاح البلاد على العالم تجاريا واقتصاديا ويخدم مصالح الكويت والعراق وايران فضلا عن كونه اقرب موانئ المياه المالحة لمنطقة آسيا الوسطى.
ويدعم هذا الميناء خطة المواصلات والمنافذ ويسع 24 مرسا وسيكون محورا رئيسيا للنقل الإقليمي يربط الأرض بالبحر بوسائط نقل متعددة كالطرق السريعة والسكك الحديد وسيشكل بعد إنشائه نقلة نوعية في قطاع تجارة الترانزيت.
وستشكل هذه المشاريع التنموية إضافة كبيرة لتحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يحقق الرؤية السامية لسمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري في شمال الخليج العربي تمتد أعماله وانشطته حتى آسيا وأوروبا.
وترتبط الكويت بعلاقات متينة مع الصين منذ القدم فهي أول بلد عربي خليجي اقام علاقات دبلوماسية مع الصين منذ عام 1971 كما انها اول دولة في العالم وقعت وثيقة التعاون في المشاركة في مبادرة احياء طريق الحرير منذ انطلاقها في الربع الأخير من عام 2013.
وشهد عام 1982 أول تعاون بين الصين مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية حيث ساهم الصندوق في تمويل 37 مشروعا بالصين قيمتها 380 مليون دينار كويتي (نحو 950 مليون دولار امريكي).
وتحرص الصين على المشاركة في المشاريع التنموية الكويتية مثل مشروعي مدينة (الحرير) وتطوير (الجزر الخمس) بقدراتها الصناعية وخبراتها الواسعة في بناء المناطق الخاصة وتعزيز التعاون في شتى المجالات.
وأظهرت احصائيات متخصصة في عام 2015 أن الصين احتلت المركز الأول في التبادل التجاري مع الكويت بصفتها أفضل شريك تجاري بحجم صادرات بلغ 5 مليارات دولار امريكي مقابل اجمالي واردات بقيمة 807 ملايين دولار.
وفي شهر فبراير من العام الماضي قفزت واردات الصين من النفط الخام الكويتي بنسبة 5ر16 % مقارنة بنفس الفترة من عام 2015 لتبلغ 07ر1 مليون طن ما يعادل 281 الف برميل يوميا.
وعلى الجانب الاخر تتمتع الصين والدول العربية بأسس متينة في التعاون المشترك لاسيما في القدرة الإنتاجية حيث شهدت الأعوام العشرة الماضية تضاعفا في التجارة بينهم بواقع تسع مرات كما تضاعفت عقود المقاولات الصينية الجديدة في الدول العربية بواقع 13 مرة والاستثمارات المباشرة غير المالية للصين في الدول العربية بواقع 122 مرة.
وتقع الدول العربية في نقطة الالتقاء الغربية لمبادرة (الحزام والطريق) وتتمتع بتفوق جغرافي فريد فهي تربط آسيا وأوروبا وإفريقيا ولديها موارد غنية وإمكانيات سوق كبيرة وعائد كبير مما سيوفر الفرصة لها للاستفادة من المبادرة.
وبلغ حجم التجارة الإجمالي بين الصين والدول العربية نحو 251 مليار دولار أمريكي في عام 2014 بزيادة قدرها 2ر5 % عن عام 2013 مما جعل الصين ثاني أكبر شريك اقتصادي للدول العربية حيث يستهدف الجانبان زيادة حجم التجارة إلى 600 مليار دولار امريكي خلال الأعوام العشر القادمة.
وفي العام الماضي أعلنت الصين في أحد المؤتمرات أنها ستخصص بالتعاون مع الدول العربية قروض خاصة قيمتها 15 مليار دولار أمريكي وقروض تجارية قيمتها 10 مليارات دولار لدول الشرق الأوسط إضافة إلى إنشاء صندوقين مع كل من الإمارات وقطر للاستثمار المشترك تبلغ قيمتهما الإجمالية 20 مليار دولار.
وأظهرت البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية أن حجم الاستيراد والتصدير الإجمالي بين الصين والدول الواقعة على طول (الحزام والطريق) بلغ نحو 914 مليار دولار أمريكي في 2016 في حين بلغت قيمة عقود المشاريع الجديدة التي أنجزتها الصين في هذه الدول نحو 126 مليار دولار مسجلة زيادة بنسبة 36 %.
وفى مطلع العام الحالي بلغ الاستثمار المباشر غير المالي بين الصين والدول الواقعة على طول (الحزام والطريق) نحو 6ر10 % من قيمة الاستثمار الخارجي الإجمالي مسجلا زيادة بنسبة 1ر2 % مقارنة بعام 2016.
وقد قامت الصين بتشغيل صندوق خاص لطريق الحرير قيمته 40 مليار دولار أمريكي منذ فبراير عام 2015 لتقديم خدمات الاستثمار والتمويل إلى الاقتصادات والشركات الخاصة على طول الطريق.
وفي 18 يناير الماضي وصل أول قطار لنقل البضائع من مدينة (ييوو) شرقي الصين إلى العاصمة البريطانية لندن بعد أن قطع قرابة 12 الف كيلومتر خلال رحلة استمرت 18 يوما وعبر القطار كازاخستان وروسيا وبيلاروسيا وبولندا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا قبل وصوله إلى لندن عبر نفق بحر المانش حاملا بضائع رئيسية.
وفي الفترة الحالية تعد الصين عدة مشاريع ضخمة مع باكستان ومنغوليا تتضمن طرق سريعة وانفاق للسكك الحديدية ومشاريع خاصة بالموانئ البحرية بالإضافة إلى مشاريع أخرى مع عدة دول حول منطقة طريق الحرير.
وبنت الصين حتى الان 56 منطقة تعاون اقتصادي وتجاري في أكثر من 20 دولة واقعة على طول الحزام والطريق وتجاوز حجم الاستثمار المتراكم في هذا المجال نحو 5ر18 مليار دولار أمريكي ما اثمر عن تحقيق نحو 1ر1 مليار دولار أمريكي من عائدات الضرائب وخلق نحو 180 ألف وظيفة في هذه الدول.