رغم انشغالها بوظيفتها الحكومية، وبتحضيرها لرسالة الدكتوراة، وبكونها زوجة وأم لأطفال، إلا أن ربا أبو حطب، تمتهن أيضا صناعة الدمى بهدف تحصيل مصدر رزق إضافي يعينها على الأوضاع المعيشية الصعبة في قطاع غزة.
وعلى ذات المكتب الذي تُصارع فيه الفلسطينية الثلاثينية أبو حطب، الوقت لاستكمال دراساتها العُليا، تُعيد ترتيب كرات الصوف وتلميع الصنانير المعدنية التي تستخدمها في حياكة “دُمى الأطفال”.
وبكثيرٍ من التركيز، تحاول أبو حطب، حياكة قبعة من الصوف الرماديّ، كي تضعها على رأس دُمية، اعتنت باختيار ألوانها، لتهديها لاحقاً، إلى ابنها “عبد المجيد” (6 سنوات).
وتستغل الشابة، أوقات فراغها، بعد انتهائها من دوامها الحكومي في وزارة الزراعة، والتحضير لبرنامج “الدكتوراه” بتخصص “الجغرافيا السياسية”، في حياكة دُمىً للأطفال، بصنارةِ “الكروشيه”.
وإلى جانب الأطفال، تُحيك أبو حطب، دُمىً للشابات في غزة، بناء على طلبهنّ، وبالألوان اللاتي يحبذنها.
ورغم أن صناعة دُمى الأطفال هي هواية أبو حطب، إلا أنها توفر لها، دخلاً إضافيا، يساعدها على تحمّل مشاق الحياة المعيشية في غزة، في ظل تفاقم الأزمات الإنسانية في القطاع.
ولمعت فكرة صناعة الدُمى باستخدام صنارة الكروشيه، والصوف، لدى السيدة، من اعتماد محال الألعاب في قطاع غزة، على الدُمى المستوردة غالباً من الصين، إلى جانب دُول أخرى مورّدة، وخلوّ معظم المحال من الدُمى المصنّعة محلياً.
ويعتمد قطاع غزة، على استيراد ألعاب الأطفال من الصين نظراً لانخفاض تكلفتها، بالإضافة إلى ندرة تصنيع الألعاب في القطاع، جرّاء الحصار الإسرائيلي المفروض عليه للعام الـ11 على التوالي، ومنع إدخال المواد الخام اللازمة لصناعتها.
وتعتقد أبو حطب، أن توفير دُمىً للأطفال في غزة، بجودة عالية، وبأدوات بسيطة، فيه تحدٍ لحالة الحصار المفروض، وإعادة الحياة لـ”الأمل في عيونهم”.
وتقول “كانت أولى محاولاتي في صناعة الدمى، باستخدام صنانير الكروشيه، قبل نحو سنتين، فكانت النتائج التي حصلتُ عليها من قبل الأطفال الذين امتلكوا تلك الدمى رائعة، دفعتني إلى الاستمرار”.
وتشير إلى أن شغفها بعالم الأطفال وفي تنسيق الألوان التي يُفضلها الطفل، دفعها للمواصلة، وتطوير الشخصيات الكرتونية التي تُجسّدها بوساطة “الدُمى”.
فيما لفتت إلى أنها عملت في السابق، في مجال رسم الكاريكاتير، وقصص الأطفال المصورة.
وتحتاج عملية حياكة الدُمى باستخدام الصوف والصنانير عيناً “فنية”، قادرة على تخيّل شخصيات كرتونية جديدة للأطفال، ودمج الألوان مع بعضها بطريقة “جذابة”، وفق أبو حطب.
وتعبّر عن سعادتها حينما تنتهي من صناعة دُمية معينة، ويتسارع أطفال المنطقة التي تقطنها، لاقتنائها.
ومن الشخصيات الكرتونية التي صنعتها على شكل دمى “عبقور، وعروس البحر، وشخصية الأرنوب، والمهرجين”.
وتختار أبو حطب ألوان كرات الصوف التي تستخدمها في صناعة “الدمى”، حسب الفئة العمرية التي تستهدفها، موضحةً: “إن صناعة دمية لطفل يحتاج إلى ألوان فاتحة، ومفرحة، وجذابة”.
وتشير إلى بساطة عملية صناعة الدُمى باستخدام الصنانير، لافتة إلى أن عدم حاجتها لماكينات الخياطة التي تعمل على الكهرباء، سهّل عليها عملية الحياكة، نظراً لأزمة الكهرباء التي يمرّ بها قطاع غزة.
وتضيف بهذا الخصوص “لا يحتاج (هذا العمل) إمكانيات عالية ولا آلات تعمل على الكهرباء في ظل الحصار وانقطاع التيار الكهربائي”.
ويستغرق الانتهاء من صناعة دُمية واحدة بشكلها الكامل من (3 – 4) أيام، حسب أبو حطب، فيما تقول إن سعرها ليس مرتفعاً، وفي متناول جميع الشرائح الاجتماعية.
وتصدّر أبو حطب بعض الدُمى التي حاكتها مؤخراً، إلى دول خارج قطاع غزة، كـ”الأدرن، والولايات المتحدة الأمريكية”، بناء على طلبات بعض الزبائن.
وعلى صفحتها الشخصية على “الفيس بوك” (Fekraa toy)، تصل أبو حطب طلبات خاصة من زبائن محليين وبالخارج، لتصنيع دمىً بمواصفات، وأشكال وألوان معينة.
وتطمح أبو حطب لافتتاح ورشة عمل لصناعة “الدمى بغزة، توفر من خلالها فرص عمل للنساء”.
وتضيف “هذه الورشة، إن حققت نجاحاً أوصلني لافتتاحها، سنصنع منها مشروع للنساء، وللفرح وللحياة”.
وتُحاصر إسرائيل قطاع غزة، منذ فوز حركة “حماس”، بالانتخابات التشريعية (البرلمان)، عام 2006، وشددت من حصارها عقب سيطرة الحركة على القطاع بالكامل. ويعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو 2 مليون نسمة، منذ 10 سنوات، من أزمة كهرباء حادة.