يبحث الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته الرسمية المقررة الى الولايات المتحدة يوم غد الثلاثاء ملفات عدة أبرزها مسألتا تسليم زعيم ما يسمى ب(الكيان الموازي) فتح الله غولن إلى أنقرة وتسليح واشنطن للقوات الكردية في سوريا.
وتشكل هاتان المسألتان “حساسية بالغة” لدى الجانب التركي اذ تتهم حكومة أنقرة غولن بالضلوع بالمحاولة الانقلابية الفاشلة التي حدثت في منتصف يوليو الماضي فيما تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني في سوريا وترفض مشاركتهما في عملية تحرير الرقة السورية.
ونظرا لأهمية الموضوعين فقد أرسلت تركيا وفدا رفيع المستوى إلى واشنطن في الخامس من الشهر الجاري ضم رئيسي هيئة الاركان خلوصي اكار وجهاز الاستخبارات هاكان فيدان والمتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين للتحضير لاجتماع اردوغان الأول مع ترامب منذ تولي الاخير منصبه في يناير الماضي.
وبحث الوفد التركي مع مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض هربرت ماكماستر مستجدات الأوضاع في سوريا والعراق وسبل محاربة “الارهاب” والقضايا الأمنية الأخرى الى جانب العلاقات الثنائية بين البلدين.
وإلتقى وزير العدل التركي بكر بوزداغ الاثنين الماضي في واشنطن مع نظيره الأمريكي جيف سيشنز وبحث معه تسليم غولن المقيم في بنسلفانيا الى أنقرة.
وطلب بوزداغ خلال الاجتماع ان تنقل الى المحاكم الأمريكية “في أسرع وقت ممكن” الملفات المتعلقة بالاعتقال المؤقت لغولن وتسليمه الى تركيا.
كما بحث وفد من وزارة العدل التركية الأربعاء الماضي برئاسة نائب المدير العام للقانون الدولي والعلاقات الخارجية بالوزارة فارس قراق وبمشاركة ثلاثة مدعين عامين اتراك التفاصيل الخاصة بتسليم غولن وقدم لنظرائهم الامريكيين معلومات حول الاطار القانوني للمسألة في اجتماع استغرق ست ساعات.
وكان اردوغان قد اعرب في ال20 من الشهر الماضي عن اعتقاده بأن الرئيس الأمريكي الجديد سيفعل ما فشل الرئيس السابق باراك أوباما في القيام به بشأن غولن في حين اعتبر مسؤولون اتراك ان ترامب ينظر الى المقترح التركي ب “ايجابية”. وفي الملف الاخر سيجدد الرئيس التركي دعوة بلاده وقف دعم الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية خاصة بعد شن المقاتلات التركية غارات جوية في ال 25 من أبريل الماضي على مواقع القوات الكردية في سوريا ما أثار انتقادات عدة دول بينها روسيا والولايات المتحدة التي قالت ان الغارات لم تتم بالتنسيق مع واشنطن وقوات التحالف الدولي ضد ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش).
وشهدت الأيام الأخيرة تطورات على هذا الملف بعد ان اعلن البيت البيض الثلاثاء الماضي أن الرئيس ترامب أعطى الإذن لوزارة الدفاع (بنتاغون) بتسليح عناصر القوات الكردية في سوريا “لضمان تحقيق نصر واضح” في هجوم مقرر لاستعادة مدينة الرقة معقل (داعش) في سوريا.
وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر يوم الثلاثاء الماضي أن الولايات المتحدة مدركة تماما المخاوف التركية إزاء تسليح القوات الكردية مضيفا “نريد طمأنة تركيا حكومة وشعبا بأننا ملتزمون بالحيلولة دون وقوع مخاطر أمنية لتركيا”.
وأثار هذا القرار انتقادات المسؤولين الاتراك واحزاب المعارضة حيث قال الرئيس التركي الأربعاء الماضي ان عملية محاربة تنظيم (داعش) لا ينبغي ان تتم باستخدام جماعات “ارهابية” أخرى فيما اعتبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ان “أي مبادرة لتقديم الدعم المباشر أو غير المباشر للقوات الكردية الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني تعد أمرا غير مقبول بالنسبة لنا”.
وفي ذات السياق اعرب نائب رئيس الوزراء التركي نور الدين جانيكلي عن امل بلاده ان تعدل الادارة الامريكية عن قرارها “الخاطئ” المتعلق بتزويد أسلحة للقوات الكردية في سوريا في حين اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ان كل سلاح تحصل عليه وحدات الحماية الشعبية الكردية في سوريا يعد تهديدا يستهدف تركيا.
ودعا المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري أكبر احزاب المعارضة التركية بولنت تزجان الرئيس التركي الى إعادة النظر في اجتماعه مع الرئيس ترامب ومراجعة زيارته الى واشنطن في حين اعتبر نائب رئيس حزب الحركة القومية المعارض اركان أكجاي ان هذا القرار يمثل موقفا “عدائيا” لتركيا مشيرا ان “الأسلحة سوف تتحول الى تركيا في المستقبل” بينما رأى نائب رئيس حزب الشعوب الديمقراطي (ذي الغالبية الكردية) هيسيار أوزسوي ان “القرار كان متوقعا وليس مفاجئا”.
واعرب وزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس الأربعاء الماضي عن ثقة بلاده في حل التوترات القائمة مع تركيا بشأن تسليح القوات الكردية مؤكدا العمل عن كثب مع أنقرة لدعم أمن حدودها الجنوبية.
واجرى رئيس الوزراء التركي اجتماعا مغلقا استغرق نصف ساعة مع ماتيس الخميس الماضي في العاصمة البريطانية لندن على هامش انعقاد مؤتمر دعم الصومال بعد يومين من انتقاد أنقرة قرار واشنطن تسليح القوات الكردية في سوريا. وفي اطار التحضير لزيارة اردوغان الى واشنطن بحث وزير الدفاع التركي فكري ايشق مع ماتيس الثلاثاء الماضي الحملة العسكرية المقررة ضد تنظيم (داعش) في الرقة وآخر التطورات على الساحتين السورية والعراقية في حين ناقش وزير الخارجية التركي مع نظيره الامريكي ريكس تيلرسون الاثنين الماضي آخر تطورات الشأن السوري ومباحثات أستانا. ومن المقرر ان يبحث اردوغان أيضا عملية تحرير الرقة السورية من سيطرة تنظيم (داعش) وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حيث اكد ترامب في ابريل الماضي خلال اتصال هاتفي مع اردوغان أهمية أنقرة كحليف وصديق للولايات المتحدة والعمل معها لخلق اطار جديد لتعزيز العلاقات الثنائية. وحفل برنامج الرئيس التركي في نهاية أبريل الماضي ومايو الحالي بنشاط خارجي بدأه بزيارة رسمية الى الهند ثم الى روسيا والكويت والصين قبل ان يتوجه غدا الى الولايات المتحدة ليختتم جولته بحضور قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العاصمة البلجيكية بروكسل في 25 مايو الجاري.