اجمع اكاديميون واختصاصيون كويتيون على أهمية (القمم الثلاث) المقرر عقدها خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الامريكي دونالد ترامب الى المملكة العربية السعودية يومي 20 و21 مايو الجاري نظرا لما ستسفر عنه تلك اللقاءات رفيعة المستوى من نتائج وحلول للملفات العالقة في المنطقة العربية والشرق الاوسط ككل.
وأكد هؤلاء في تصريحات متفرقة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) حالة الترقب السياسي للمشهد انتظارا للتدابير التي سيتم الاتفاق عليها خلال هذه القمم خاصة ما يتعلق بملفات ملحة كمحاربة الارهاب والتطرف وتعزيز الشراكة الاقتصادية والتعاون السياسي والأمني.
وفي هذا الصدد قال المدير التنفيذي لمجموعة (مراقبة الخليج) في الكويت الدكتور ظافر العجمي ل (كونا) ان زيارة الرئيس الامريكي لا تأتي “لتفكيك تحالفات اقليمية واعادة تركيبها” بل لتضع مسارا جديدا لسياسة امريكا الخارجية أساسه تعزيز العلاقات مع الشركاء في العالمين العربي والاسلامي.
واضاف الدكتور العجمي ان زيارة ترامب ستعمل على تجاوز مرحلة العلاقات الخليجية -الامريكية في عهد ادارة الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما والتي افتقدت خلالها “للرؤية والدراية في معالجة الامور”.
وأوضح ان الاداء السابق للادارة الامريكية خلق نوعا من الاختلاف في وجهات النظر لمعظم القضايا الاقليمية في سوريا واليمن والعراق بالرغم من كون الرؤى والاستراتيجيات الحاكمة لسياسة الادارة الامريكية السابقة هي محاربة الارهاب.
وأكد ان زيارة ترامب تحمل ابعادا ثلاثية حيث ستعقد قمة ثنائية مع المملكة ثم القمة (الخليجية – الامريكية) يعقبها قمة (عربية اسلامية – امريكية) معتبرا ان جدولة هذه القمم نجاح للدبلوماسية الخليجية التي جعلت وجهة الرئيس الامريكي الاولى خارج بلاده هي منطقة الخليج العربي.
واوضح ان ذلك يعني انتقال دول الخليج من الاطراف الى المركز والمشاركة في قيادة الاحداث التي تواجه الشركاء كمحاربة التطرف والكراهية اذ كان يراد لها ان تكون “على الهامش في عهد الرئيس السابق اوباما”.
واشار الدكتور العجمي الى ان الحوار المباشر في القمم ثلاثية الابعاد يجب ان ينظر له ك”عملية واجراء اكثر مما يرى كحدث وفعالية” تنتهي بمجرد نهاية الزيارة حتى في حال امتد اجل العمل العسكري للقضاء على ما يسمى بتنظيم الدولة (داعش) ووقف جرائم النظام السوري وعودة الحكومة الشرعية في اليمن الى صنعاء بناء على مقررات المبادرة الخليجية.
من جهته قال استاذ قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور ابراهيم الهدبان في حديث مماثل ل(كونا) ان (القمة الخليجية – الامريكية) تأتي تأكيدا للالتزام الامريكي بالأمن الخليجي اضافة الى بحث دور ايران في المنطقة في ظل “مخاوف دول الخليج ازاء هذا الدور”.
وأضاف الدكتور الهدبان ان القمة الاخرى (العربية الاسلامية – الامريكية) تثبت حرص الادارة الامريكية على التعاون مع الدول الاخرى لمحاربة الارهاب والتطرف موضحا ان الرئيس ترامب بعقده لهذه القمة سيؤكد على ان عداء ادارته “ليس للاسلام بل للارهاب”.
وبين ان هذه الخطوة ستكون اكثر مهادنة للعالم العربي والاسلامي مشيرا الى ان الرئيس الامريكي يسعى من خلال هذه القمة الى الحصول على التزام من الدول العربية والاسلامية بالعمل على محاربة الارهاب والتطرف وتعزيز التعاون لمحاربة تنظيم (داعش) الارهابي.
واوضح ان وجود قمتين مختلفتين المستوى بعد القمة الثنائية مع المملكة وهما (الخليجية – الامريكية) و (العربية الاسلامية – الامريكية) تحمل دلالات معينة من ابرزها استعادة الزخم للعلاقات الخليجية – الامريكية وايصال رسالة مفادها ان الامن الخليجي له اهمية خاصة عند الادارة الامريكية الجديدة.
وتطرق الى احتمالية طلب الادارة الامريكية بعض “الالتزامات المالية” من دول مجلس التعاون الخليجي والتي تخرج عن قدرات الدول العربية والاسلامية الاخرى.
وأضاف الدكتور الهدبان بالقول “ربما يكون هذا سببا لعقد قمة خاصة” لدول مجلس التعاون موضحا ان تلك الالتزامات المالية يمكن ان تتعلق بتكاليف الامن والحماية وصفقات الاسلحة والتدريب العسكري والتبادل المعلوماتي.
بدورها قالت استاذة قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتورة حنان الهاجري ل(كونا) ان زيارة الرئيس دونالد ترامب المرتقبة للمملكة العربية السعودية هي “زيارة تاريخية كونها المرة الاولى” التي يختار فيها رئيس امريكي زيارة دولة عربية او إسلامية في أولى رحلاته الخارجية الرسمية.
وأضافت الدكتورة الهاجري ان اختيار السعودية كأولى محطات الزيارات الخارجية بدلا من المكسيك او كندا كما كان متعارفا عليه لدى الرؤساء الامريكيين السابقين هو “اعتراف ضمني” بأهمية الدور الرئيسي الذي تلعبه المملكة في حفظ الامن والاستقرار في منطقة العربية والشرق الأوسط بشكل عام.
وأكدت ان القمم الثلاث مع الاطراف السعودية والخليجية والعربية الإسلامية ستكون محط انظار الشعوب والمتابعين والمحللين السياسيين في مختلف الدول.
وذكرت ان الجميع يتطلع لمعرفة التدابير التي سيتم الاتفاق عليها بشأن التصدي لملفات مهمة مثل الإرهاب والامن والاستقرار السياسي بالإضافة الى الملف الاقتصادي موضحة ان اللقاء (السعودي – الأمريكي) سيعزز علاقة الصداقة التاريخية بين البلدين فيما سيكون اللقاء (الخليجي – الامريكي) و(العربي الإسلامي – الأمريكي) تحت شعار واحد له دلالة واضحة وهو (العزم يجمعنا).
واوضحت ان اختيار قيام ثلاث قمم بدلا من واحدة يعد مؤشرا على أهمية القضايا التي ستطرح على أصعدة مختلفة ومع مجموعة “شركاء وحلفاء” للولايات المتحدة مشيرة الى ان عقد القمة الخليجية -الامريكية يأتي في توقيت حاسم حيث تلتهب المنطقة العربية سياسيا واقتصاديا وعسكريا بسبب حرب اليمن والأوضاع المتردية في كل من سوريا والعراق وكذلك بسبب الأزمة الاقتصادية والرغبة في تعزيز الشراكة الاقتصادية العميقة والتعاون السياسي.
وشددت على حتمية طرح ملفات مختلفة من اجل الوصول الى اتفاق مشترك يحقق التوازن في المنطقة ويضمن استمرار التعاون وحماية “المصالح” بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في ملفات مختلفة.
وتوقعت الدكتورة الهاجري ان تثمر القمة (العربية الاسلامية – الامريكية) عن تأسيس شراكة جديدة باعلان توسيع العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية والاسلامية بخصوص مواجهة الارهاب لاسيما انها تقود تحالفا دوليا يضم نحو 68 دولة لمحاربة تنظيم (داعش) الارهابي من اجل استعادة السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا. وقالت ان ملف الإرهاب في المنطقة يبقى ملتهبا وعلى رأس أولويات الولايات المتحدة حتى بعد اعلان حلف شمال الأطلسي (ناتو) الاستعداد للانضمام الى التحالف الدولي (دون انخراط في مواجهات عسكرية مباشرة).
وأكدت وجود ملفات ساخنة أخرى ينتظر ان تطرح على طاولة الحوار العربي الاسلامي الأمريكي بما فيها قضية حفظ الأمن في منطقة الشرق الأوسط لاسيما ان ترامب سيتوجه الى (تل ابيب) بعد ذلك مباشرة.