وسائل التواصل الإجتماعي سلاح ذو حدين، ويجب وضع منهج متكامل في المدارس لحماية فلذات أكبادنا
شهد استخدام الإنترنت بشكل عام، ووسائل التواصل الإجتماعي بشكل خاص، تصاعداً مذهلاً خلال السنوات الأخيرة، وذلك على مستوى العالم، ومن المؤكد أن المملكة ليست باستثناء، بل أن معدلات تصاعد الاستخدام تعد الأعلى في المملكة. وفي ظل تطور التقنية وارتفاع عدد المستخدمين في المملكة، أصبح لزاماً علينا وضع استراتيجية تمكننا من الاستفادة من هذه التقنيات على الوجه الأمثل، والأهم من ذلك حماية مجتمعاتنا من المخاطر التي تشكلها الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي، وبشكل خاص على فلذات قلوبنا.
ومن المؤكد أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي هي وسائل رائعة للتعلم والاستفادة من برامج والألعاب الموجهة للتعليم، كما تساعد النشء على بناء الشخصية والتواصل مع الآخرين واكتساب مهارات إجتماعية، ومشاركة الصور والفيديو، وممارسة الألعاب، وممارسة الهوايات والتعرف على هوايات جديدة. وفي ظل انتشار الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، أصبحت هذه التقنيات نمط حياة لكافة أفراد المجتمع، كباراً وصغاراً.
ولكن على الرغم من الفوائد العظيمة التي توفرها الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي، فإن هناك تحديات خطيرة يتوجب علينا التعامل معها والحد من تأثيراتها السلبية. ومن أهم تلك التحديات استقطاب النشء والشباب لتبني أفكار متطرفة من قبل الجماعات الإرهابية مثل داعش وغيرها، وسرقة المعلومات، واختراق أجهزة الغير، وسرقة أرقام بطاقات الائتمان، والواقع الإباحية والمواقع التي تبث محتوى مخالف للتعاليم الدينية، ونشر الإشاعات والصور المزيفة. ويشمل ذلك نشر المعلومات غير الدقيقة والترويج للمنتجات الضارة مثل المخدرات والعقارات المنشطة وغيرها، والمضايقات عبر رسائل التهديد عبر البريد الإلكتروني، والرسائل مجهولة الهوية. وتشمل تلك المخاطر كذلك لابتزاز وتصوير الأشخاص دون إذنهم.
ولا بد أن نضع في الاعتبار أن النشء من الصغار والشباب صغير السن هم الأكثر تعرضاً لهذه المخاطر، نظراً لأنهم الأكثر استخداماً للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ولقلة خبرتهم في التعامل مع هذه التهديدات. ومن المؤكد أن ذلك يفرض على الجهات المعنية في المملكة، وعلى رأسها الأسرة والمدرسة، مسؤولية كبيرة في حماية النشء وتوعيتهم بالطرق المثلى للاستفادة من الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي، وحماية أنفسهم.
وهناك قراصنة ومحتالين يهدفون إلى التربص بالصغار والتأثير عليهم بشكل سلبي واستغلالهم، أو جمع معلومات شخصية عنهم، وهناك آخرون هدفهم جمع المال عن طريق التحرش الإلكتروني أو التهديد بنشر صور غير لائقة، أو الترويج لمواد محظورة بين الصغار، أو دفعهم لتبني أفكار متطرفة.
وعند توفر خدمة الإنترنت في المدارس، من الضروري استخدام أنظمة تتميز بالأمان والقدرة على تنقية المواقع، بحيث يقوم هذا النظام بتنبيه الشخص المختص في المدرسة عند دخول التلاميذ إلى مواقع تحتوي على مواد غير مقبولة، وتمنع دخول التلاميذ إلى المواقع المخالفة للعادات والتقاليد، وكذلك تمنع الأشخاص غير المصرح لهم من الوصول إلى البيانات الخاصة بالمدرسة.
ومن الضروري وضع برامج توعية متخصصة وإطلاق مبادرات متكاملة هدفها توعية المجتمع بشكل عام والصغار على وجه الخصوص بهذه المخاطر والطرق الأمثل لتفاديها. وهذه البرامج والمبادرات يجب أن تبدأ من الأسرة، حيث يجب على أولياء الأمور تتبع أنشطة أبنائهم وبناتهم على الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي من أجل ضمان سلامتهم وأمنهم. وتمتد تلك المسؤولية إلى المدرسة، وفي هذا الجانب فإن من الضروري وضع منهج متكامل يعلم التلاميذ أهمية احترام خصوصية الآخرين وعدم انتهاكها، وحثهم كذلك على حماية أنفسهم وعدم الكشف عن معلوماتهم الشخصية للآخرين ممن لا تربطهم بهم معرفة حقيقية.
ويجب أن تشارك كافة الجهات المعنية في وضع هذه البرامج التوعوية، ومن بينها الجهات المتخصصة بتقنية المعلومات، والجهات التعليمية والتربوية، والجهات الأمنية، والمتخصصين في القضايا الإجتماعية وغيرهم، وذلك من أجل ضمان استيفاء البرامج والمبادرات التوعوية لكافة الاشتراطات واحتوائها على جميع العناصر التي تضمن سلامة فلذات أكبادنا وحمايتهم من الجرائم الإلكترونية.
ومن الضروري كذلك أن تتضمن هذه البرامج والمبادرات التوعية تدريب التلاميذ وكذلك أولياء أمورهم بشأن الاستخدام الآمن لشبكة الإنترنت، وأن تكون البرامج والمبادرات التوعوية قادرة كذلك على الرصد والتقييم من أجل التأكد من فعالية تأثيرها.
? ضافي بن غنيم
@Bin_GeNeM
إعلامي وخبير تقني