أن تكون في إندونيسيا خلال شهر رمضان فهذا يتيح لك فرصة مشاهدة مظاهر احتفالية لن تراها في باقي أنحاء العالم، فهذه البلاد هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان المسلمين والذين يشكلون 85 بالمائة من العدد الإجمالي لسكانها..
وتبدأ الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان حتى قبل إعلان وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية عن موعد بدء الشهر بأكثر من أسبوعين حيث تستند في ذلك إلى الرؤية الشرعية للهلال من خلال اللجان التي تبعث بها إلى مختلف مناطق إندونيسيا لاستطلاع الهلال, كما تضع في اعتبارها أيضا الحسابات الفلكية عند تحديد أول أيام الصوم.
تقاليد
ومن التقاليد والعادات الرمضانية في إندونيسيا قيام المطاعم والمقاهي بإغلاق أبوابها في نهار رمضان كما تغلق النوادي الليلية خلال الشهر كمظهر من مظاهر الاحترام, كما تقدم المساجد وجبات الإفطار المجانية للصائمين, وتستقبل إندونيسيا الشهر الكريم بقرع الطبول الإندونيسية التقليدية المعروفة باسم «البدوق» وهي طبول ضخمة يتم قرعها فور الإعلان عن حلول شهر رمضان حيث تجوب الشوارع شاحنات صغيرة تحمل «البدوق» ويقوم الشباب بقرعها للاحتفال بقدوم رمضان كما تقرع هذه الطبول قبيل أذان المغرب مباشرة إيذانا بحلول موعد الإفطار وتعتبر هذه الطبول رمزا للشهر الكريم في إندونيسيا.
مظاهر رمضان
وتعد جلسات الصلح من أهم مظاهر رمضان، إذ تُعقد جلسات الصلح في المساجد الإندونيسية ويتسارع الجميع للصلح والسعي في إصلاح ذات البين، طلبًا للأجر والثواب وتسمى هذه الجلسات «حلال بحلال»، ويتقلص حجم الجرائم في إندونيسيا في هذا الشهر الفضيل، وتقل مظاهر المعاصي، وتُغلق الملاهي الليلية احترامًا لشهر الطاعات.
ولا تتخلف المدارس والمعاهد الدينية عن الظهور في المشهد حيث يقوم المسؤولون بتنظيم تجمعات حاشدة لطلاب تلك المدارس والمعاهد لتقديم البرامج المناسبة لهم من أجل توعيتهم بآداب وعظمة الشهر الكريم. ومن العادات المحمودة لدى بعض الأسر الميسورة الحال الذهاب إلى أحد ملاجئ الأيتام لتناول طعام الإفطار معهم.
وتختلف موائد الإندونيسيين في أيام رمضان حيث يقبلون على تناول أنواع معينة من المشروبات والأطعمة والفواكه ويبدأ الصائمون إفطارهم بأنواع مختلفة من المشروبات مثل شراب «تيمون سورى» وهو نوع من الشمام, كما يحرص الكثيرون منهم على الإفطار على التمر واللبن اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويقبل الإندونيسيون على تناول البطاطا حيث يقومون بسلقها وخلطها بالسكر البني وجوز الهند ويطلق الإندونيسيون على هذا النوع من حلوى البطاطا «الكولاك».
الأرز
ويحتل الأرز مكانا رئيسيا على موائد الإندونيسيين سواء في رمضان أو في شهور السنة الأخرى ويقدم في صور عديدة أشهرها الأرز المسلوق الأبيض والأرز المحمر الذي يعرف باسم «ناسى جورينج», ويقدم إلى جانب الأسماك أو الدجاج أو اللحوم.
وعادة ما يؤدي الإندونيسيون صلاة المغرب مباشرة بعد تناول المشروبات والحلوى الرمضانية سريعا ثم يعودون للتجمع على مائدة الإفطار لتناول الوجبة الرئيسية.
ويستعد الإندونيسيون بعد الإفطار لأداء صلاة العشاء والتراويح في المساجد والزوايا الصغيرة أو في ساحات المنازل الواسعة, ويكثر الإندونيسيون من الذكر وتلاوة القرآن وحضور الندوات والدروس الدينية بالمساجد والتي تعرف باسم «تدارس». ويخلدون للنوم عقب صلاة التراويح والاستيقاظ قبل الفجر لتناول وجبة السحور.
أناشيد
أما الشباب فيتجمعون بالقرب من المساجد لترديد الأناشيد والابتهالات الدينية حتى موعد السحور, حيث يوقظون النائمين من أجل السحور مستخدمين الطبول التقليدية الكبيرة «البدوق».
ويتميز سكان العاصمة الإندونيسية جاكرتا وخاصة سكانها الأصليين الذين يعرفون باسم «البتاويين» بترحيبهم الخاص برمضان الذي يغير من عاداتهم اليومية المعروفة لتظهر عاداتهم وتقاليدهم التي ارتبطت بالشهر الكريم.