«الأناضول: شهدت الكويت نشاطا دبلوماسيا مكثفا سريعا عقب تفجر الأزمة القطرية مع عدد من الدول العربية، ومن بينها السعودية، تجلت ببدء سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وساطة لإنهاء الأزمة، ظهرت للعلن باتصاله هاتفيا بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، والطلب منه العمل على تهدئة الموقف.
الاتصال جاء بعيد استقباله الأمير خالد بن فيصل مستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة الذي نقل لصاحب السمو رسالة شفهية من الملك سلمان بن العزيز.
التعاطي القطري جاء إيجابيا مع وساطة الكويت؛ إذ قال الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير خارجية قطر أنه تم تأجيل خطاب كان من المقرر أن يلقيه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد «لإعطاء فرصة لجهود سمو أمير الكويت» للوساطة من أجل نزع فتيل الأزمة الخليجية.
كان صاحب السمو أمير البلاد أعرب، خلال اتصاله مع الأمير تميم، عن تمنياته «بعدم اتخاذ أي خطوات من شأنها التصعيد، والعمل على إتاحة الفرصة للجهود الهادفة إلى احتواء التوتر بالعلاقات الأخوية بين الأشقاء».
وأكد سمو الأمير على «ضرورة العمل لدعم مسيرة التعاون الخليجي المشترك، بما يخدم مصالح دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل ما يربطهم من علاقات تاريخية راسخة».
وسط ذلك تداولت وسائل إعلام أنباء عن زيارة مرتقب أن يجريها سمو الأمير إلى السعودية وقطر، اليوم الثلاثاء؛ حيث يلتقي فيها الملك سلمان، ثم الشيخ تميم.
الزيارة المزمعة تشبه إلى حد كبير زيارة سمو الأمير الكويت إلى عمان والإمارات عام 2011؛ حين نجح في احتواء الأزمة والخلاف القائم بينهما آنذاك بعد أنباء عن ضبط السلطنة شبكة تجسس اتهمت مسقط أبوظبي بالوقوف ورائها.
دور الوساطة، أكده مساعد وزير الخارجية، الشيخ أحمد الناصر، الذي قال إن الكويت «ستقوم بما في وسعها لتعزيز أواصر التعاون بين مختلف دول العالم والمنطقة».
وأضاف أن الكويت «تقوم دائماً بدورها، ودورها هو الاعتدال والاتزان، وجلب الجميع إلى طاولة الحوار في كل الأمور التي طرأت، والتي تطرأ في المنطقة، وخاصة أنها مشتعلة، ونسأل الله أن يقينا شرور هذه النيران وآثارها السلبية».
من جهته تفائل أستاذ الإعلام في جامعة الكويت، أحمد الشريف، بجهود سمو الأمير في نزع فتيل الأزمة الخليجية.
ولفت إلى أن «الكويت لعبت دور الوسيط عام 2014 فى حل الخلافات بين الدول الخليجية، ونجحت فى ذلك، حينما سحبت السعودية والإمارات والبحرين السفراء من الدوحة».
وأضاف، لوكالة «الأناضول»، أن صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد «يمتلك من الخبرة والحكمة والقبول لدى أطراف الأزمة ما يؤهله للنجاح في الوساطة».
ورأى الشريف أن الزيارة المزمع أن يجريها سمو الأمير إلى السعودية وقطر تؤكد وجود ملامح مبشرة في الأفق، ووجود خطوط عريضة لاتفاق تجري بلورته للخروج من الأزمة، لكنها ما زالت بحاجة للبناء عليها.
ولفت الشريف إلى أن الكويت تسير وسط دعم دولي لتغليب الحوار للخروج من الأزمة ما يعزز نجاح الوساطة الكويتية، مشيراً في هذا الصدد إلى اتصال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسمو الأمير والملك سلمان والشيخ تميم.
وأضاف: «الموقف الأمريكي أيضا دعا للحوار، وكذلك وزير الخارجية الروسي، وإيران أيضا؛ ما يعني أن للجميع مصلحة في حل الخلاف ضمن الحوار والبعد عن التصعيد».
كما أشار الأكاديمي الكويتي إلى تكامل الدور الكويتي وتنسيقه مع الدور العماني، الذي بدأ أمس، بزيارة يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بالسلطنة إلى الدوحة، واستقبال أمير قطر له.
وأعرب عن ثقته بحكمة قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربي باحتواء الأزمة غير المسبوقة وإطفاء نار التصعيد.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، عبدالله الشايجي، اعتبر من جانبه أن الأزمة الخليجية الراهنة «كشفت غياب العمل المؤسسي في الأمانة العامة لمجلس التعاون» الخليجي التي رأى أن «لا دور لها» ولا لأمينها في نزع فتيل الأزمة.
وفي سلسلة تغرديات عبر «تويتر»، رأى الشايجي أن «الحاجة باتت ملحة لتفعيل عمل مؤسسي لمجلس التعاون الخليجي، وتفعيل لجانه، كما يجب تفعيل دور محكمة النزاعات لمجلس التعاون لحل الخلافات بين الأعضاء».
وشدد على «ضرورة التوصل لحل سياسي لأزمة قطع العلاقات مع قطر داخل البيت الخليجي بضمان والتزام وبناء ثقة من الجميع وعدم السماح بتدخل قوى كبرى أو إقليمية».
في غضون ذلك، دعا وزير الشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، السلطات القطرية إلى أن تضع «خريطة طريق» وتضمن تنفيذها لحل الأزمة الراهنة.
وفي تغريدة على «تويتر»، تساءل قرقاش: «هل بالإمكان أن يغير الشقيق سلوكه؟ أن يكون حافظا للعهد والمواثيق، حريصا على الإخوة والجيرة، شريكا في العسر واليسر؟ هذا هو بكل بساطة إطار الحل».