• شهدت أسعار النفط ارتفاعاً بعد الانخفاض الذي شهدته في أوائل شهر نوفمبر وذلك نتيجة اتفاقية الغرب مع إيران التي استجابت لها الأسواق بالإضافة إلى بيانات ايجابية حول الاقتصاد العالمي.
• من المتوقع أن تحقق امدادات النفط من قبل الدول خارج منظمة أوبك ارتفاعاً ملحوظا في العام 2014، ما قد يرغم منظمة أوبك على خفض انتاجها لتبقي الأسعار قريبة من 100 دولار.
• إذا ما تراوح سعر النفط ما بين 103 و105 دولارات للبرميل في السنة المالية 2013/2014، فإن ذلك قد يحقق فائضا في ميزانية الكويت يبلغ حوالي 12 مليار دينار في هذه السنة المالية، ما يمثل 24٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
شهدت أسعار النفط ارتفاعاً في أواخر شهر نوفمبر الماضي، معوضة بذلك كل الانخفاض الذي حصل في بداية الشهر. وارتفع سعر خام التصدير الكويتي من 101 دولار للبرميل في بداية نوفمبر ليصل الى 107 دولارات بعد شهر، وهو أعلى من متوسط شهر نوفمبر بواقع 3 دولارات بحسب تقرير اصدره بنك الكويت الوطني. وقد سجل مزيج برنت ارتفاعاً مشابهاً من 103 دولارات في بداية نوفمبر الى 114 دولارا، وهو أعلى من النطاق المسجل لمعظم السنة. وقد جاء مزيج غرب تكساس المتوسط على عكس المسار، حيث انه لم يسجل أي ارتفاع حتى الأيام الأولى من شهر ديسمبر. وقد تم تسجيل أعلى فارق منذ شهر مارس بين مزيج غرب تكساس الذي بلغ سعره 92 دولارا وبين مزيج برنت وذلك بواقع 20 دولارا في نهاية نوفمبر.
وقد جاء الارتفاع في أسعار النفط استجابة للاتفاقية بين ايران والمجتمع الدولي حول برنامج إيران النووي في نهاية شهر نوفمبر. وتقضي الاتفاقية بعدم تضييق العقوبات الحالية وفسح المجال لعودة ما يصل إلى مليون برميل يومياً من الصادرات النفطية الإيرانية للسوق العالمي في العام القادم. وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية قد تنعكس سلبا الأسعار على المدى الطويل، إلا أنها لن تؤدي الى أي زيادة تذكر في الامددات النفطية للسوق خلال البضعة أشهر القادمة، كما ما زال من المبكر الجزم بذلك قبل الوصول الى اتفاق نهائي بحلول شهر مايو المقبل. وفي الوقت نفسه، فقد ساهمت بعض البيانات الاقتصادية الايجابية، وخاصة المتعلقة بالاقتصادات المتقدمة، بتحسين توقعات الطلب العالمي على النفط، الذي من شأنه أن يمتص الارتفاع الضخم المتوقع في الانتاج من خارج منظمة أوبك في العام القادم.
وعلى صعيد اّخر، فقد برز الفارق بين مزيج برنت ومزيج غرب تكساس في سوق النفط العالمي. حيث جاء الفارق بين أسعار تلك الخامات نتيجة ارتفاع مخزونات النفط الأميركية، الذي جاء بدوره نتيجة ارتفاع الانتاج النفطي الأميركي. بالإضافة الى ذلك، فقد شكلت عدة عوامل عالمية دعماً لمزيج برنت الذي يعتبر النفط الاسنادي العالمي، كانخفاض الانتاج في كل من ليبيا والعراق وايران. حيث خلق هذا الأمر سمة تنافسية للصناعات الأميركية المستخدمة للطاقة بشكل مكثف. وتشمل ذلك المصافي الأميركية التي تحظى بالخام الأمريكي المنخفض السعر، ولكن يتم بيع منتاجاتها النفطية المكررة بأسعار عالمية مرتفعة. ولكن ذلك يأتي في غير مصلحة منتجي النفط الأميركي الذين يجب أن يقوموا ببيع الخام في السوق المحلي لأسباب قانونية.
توقعات الطلب على النفط
لقد تباينت توقعات المحللين لنمو الطلب العالمي على النفط خلال الشهر الماضي. فقد خفضت الوكالة الدولية للطاقة من توقعاتها للعام القادم قليلاً، تماشياً مع انخفاض التوقعات بشأن النمو الاقتصادي في أميركا والصين. حيث تتوقع زيادة الطلب على النفط بواقع 1.1 مليون برميل يومياً أو 2،1٪ هذه السنة من مليون برميل يومياً في العام 2013. أما مركز دراسات الطاقة الدولي فقد قام بمراجعة توقعاته بشأن الطلب على النفط العالمي في العام 2014 ليضعها عند 1.2 مليون برميل يومياً (1.3٪) من 1.1 مليون برميل يومياً (1.2٪) في الشهر الماضي. ويعكس ذلك تنبؤات جيدة حول الاستهلاك في منظمة التعاون اﻻقتصادى والتنمية. وتفيد التوقعات مرة أخرة بهبوط الطلب في الدول المتقدمة، ولكن بشكل أقل من العام 2013. بينما يتوقع ارتفاع الطلب في الدول النامية بشكل أكثر بقليل من العام 2013.
التوقعات بشأن إمدادات النفط
تراجع إنتاج النفط لدول أوبك الإحدى عشرة (أي باستثناء العراق) للمرة الثالثة على التوالي بواقع 604 ألف برميل يوميا في أكتوبر، وذلك وفقاً للبيانات المستقاة من منظمة أوبك ومصادر وطنية. وقد جاء هذا التراجع نتيجة انخفاضات ملحوظة في في السعودية (370 ألف برميل يومياً) وإيران (317 ألف برميل يومياً). فقد سجل انتاج السعودية انخفاضاً الى أقل من 10 ملايين برميل يومياً لأول مرة منذ أربعة أشهر، وذلك نتيجة الانخفاضات الموسمية في الطلب على النفط في محطات توليد الطاقة المحلية. كما انخفض انتاج كل من الكويت والإمارات بشكل طفيف بنهاية أشهر فصل الصيف الحارة، ومن المحتمل أن يستمر هذا الانخفاض في الكويت إلى منتصف نوفمبر نتيجة أعمال الصيانة في الحقول. وتفيد المصادر بانخفاض انتاج إيران ليصل الى 3.2 مليون برميل يومياً في أكتوبر، إلا أن مصادر أخرى تفيد بمستويات انتاج اقل عند نحو 2.7 مليون برميل يومياً. ومن غير المحتمل أن تستمر الانخفاضات بذلك الشكل الكبير في انتاج إيران، وذلك بعد تخفيف أميركا للقوانين التي ترغم موّردي النفط الإيراني على التقليل من استيراداتهم.
وقد سجل كل من العراق وليبيا أكبر زيادات في الانتاج في أكتوبر بأكثر من 30 ألف برميل يومياً. ومن المتوقع أن الأوضاع الأمنية قد ساهمت في انخفاض الانتاج في نوفمبر، حيث تتجه بعض الشركات العالمية نحو التقليل من عملياتها وحتى الخروج من ليبيا. وقد اتفقت الدول الأعضاء لمنظمة أوبك في إبقاء سقف الانتاج دون تغيير عند 30 مليون برميل يوميا وذلك خلال الجلسة التي عقدت في الرابع من ديسمبر في فيينا. إلا أن هناك إجماعا على أنه من الصعب الإلتزام بالسقف المحدد وذلك مع الأخذ بعين الإعتبار كل من التخفيف من العقوبات على إيران واحتمال تعافي الانتاج في العراق وليبيا. ومن المتوقع أن تقوم السعودية بخفض انتاجها بشكل كبير في العام القادم، كونها تلعب الدور الأساسي في تحديد الانتاج الكلي للمنظمة.
ومن المتوقع أن ترتفع الإمدادات من خارج أوبك بنحو 1.6 الى 1.8 مليون برميل يوميا في العام العام 2014، حيث ستأتي 0.2 مليون برميل يومياً من سوائل الغاز الطبيعي لدول أوبك، ويرجع ذلك الى ارتفاع انتاج أميركا الشمالية. وفي حال ظل إجمالي انتاج أوبك عند مستوياته الحالية (مع خفض السعودية لانتاجها حتى تقابل الزيادة في الدول الأخرى)، فمن المتوقع أن يهبط متوسط انتاج المنظمة في العام القادم. وبالرغم من ذلك، فمن الممكن أن ترتفع الإمدادات العالمية بواقع 1.3 مليون برميل يومياً وذلك بعد نمو متوقع يبلغ 0.8 مليون برميل يومياً في العام 2013.
توقعات الأسعار
من المحتمل أن يؤدي الارتفاع في امدادات الدول من خارج منظمة أوبك والارتفاع المحتمل في انتاج بعض دول أعضاء منظمة أوبك الى تراخي أساسيات السوق في العام القادم. ما قد يرغم منظمة أوبك وخاصة السعودية أن تقلل من انتاجها من اجل إبقاء الأسعار فوق 100 دولار للبرميل. ووفقاً لتوقعات مركز دراسات الطاقة الدولي التي تفيد بزيادة في الطلب العالمي في العام 2014 بواقع 1.2 مليون برميل يومياً، وزيادة كبيرة في انتاج الدول من خارج أوبك بواقع 1.8 مليون برميل يومياً، فمن المحتمل ترتفع المخزونات العالمية بواقع 0.5 مليون برميل يومياً. وفي حالة بقاء انتاج أوبك عند مستوياته الحالية (أي انخفاض متوسط الانتاج بواقع 0.5 مليون برميل سنوياً عن العام السابق)، فقد يهبط سعر خام التصدير الكويتي بشكل طفيف من 104 دولارات في بداية 2014 الى أقل بقليل من 100 دولار بنهاية العام.
اما إذا لم تقم منظمة أوبك بتقييد انتاجها عند المستويات الحالية، فقد يرتفع المخزون بشكل أكبر بواقع 0.8 مليون برميل يومياً في العام 2014. وقد يهبط سعر خام التصدير الكويتي بشكل سريع الى أقل من 100 دولار للبرميل في الربع الثاني من العام 2014، وبشكل أكبر في ما بعد.
وعلى العكس، فقد تسجل الدول من خارج أوبك انتاجا أقل بمقدار 0.3 مليون برميل يوميا مما هو متوقع، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط في العام المقبل. في هذه الحال، قد يتسارع سعر خام التصدير الكويتي من حوالي 110 دولارات للبرميل في منتصف العام 2014 الى 120 دولارا للبرميل بحلول النصف الثاني من العام 2014. ومن المحتمل أن تدفع كل من تلك الحالتين الأخيرتين في تعديل أوبك لانتاجها، وذلك لمنع الأسعار من التحرك بشكل كبير نحو أي من الاتجاهين.
توقعات الميزانية
وتفيد السيناريوهات السابقة بتراوح أسعار النفط في نطاق ضيق ما بين 103 و104 دولارات للبرميل في السنة المالية الحالية، ولن يلتمس الأثر كاملاً إلا بحلول السنة القادمة. ومع العلم بأن متوسط أسعار النفط قد يأتي دون مستوى العام الماضي بواقع 3 الى 4 دولارات، فإنه من المتوقع أن تتراجع ايرادات الميزانية الكويتية بشكل طفيف في السنة المالية 2013-2014. وبافتراض أن الإنفاق الحكومي، كما هو متوقع، قد يأتي أقل بنسبة 5٪ الى 10٪ من مستواه المعتمد في الميزانية الذي يبلغ 21.0 مليار دينار، فقد تحقق الميزانية فائضاً يتراوح ما بين 11.6 و12.9 مليار دينار وذلك قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وسيعادل ذلك ما بين 23٪ الى 26٪ من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2013.