عقوق الوالدين: ألوانه، أسبابه وسُبُل علاجه
بقلم : خالد فلاح الصواغ
أبواك أبواك بِرَّهُما وأحسن إليهما، أمسلم تربى على الإسلام يعُق والديه؟!، والله إن ظاهرة عقوق الوالدين التي انتشرت لجريمة كبرى وزرية عظمي وإن كانا كافرين فعليك أن تصلهم فما بالك بأبوين مسلمين!
ما هو العقوق ؟
• لفظة العقوق مشتقة من العق وهو القطع والشق، فمن عق والديه قطع رحمهما وشق عصا طاعتهما، والعقوق ضد البر، وقد يعم لفظ العقوق جميع الرحم.
•العقوق هو حصول الأذى للوالدين أو لأحدهما، ويكون هذا الإيذاء بفعل أو بقول أو إشارة.
ألوان عقوق الأبناء للأباء؟
عقوق الوالدين درجات متفاوتة.
وقد حرم الله مجرد قول “أفٍ” للوالدين، ومع هذا الحكم الإلهي تجد ألواناً من العقوق تُذرَف لها الدموع:
• فتجد من يقضي حاجتهما باستنكار وتأفف وضجر، ومن يتحدث إليهما بوجه عابس،
• وهناك من يرفع صوته عليهما، وتجد من يعصي أمرهما، وتجد من يصل به الحال إلى رفع يده على أبيه الشيخ،
• ومنهم من يقطع صلته بوالديه فلا يريد أن يعرف حالهما ولا أن يعرفا حاله، والكثير والكثير ….ولا حول ولا قوة إلا بالله
ويعتقد خطاً بعض الأبناء العاقين لوالديهما أن ما دام أبوه سئ الخلق له الحق في معاملته بالمثل، ونقول لك والله حتى لو كان والديك كافرين ما رخص لك الله أن تعقّهم، ولأوجب عليك أن تحسن إليهم وتصلهم.
أسباب عقوق الوالدين:
ضعف الإيمان
• لا شك أن من عق والديه وتجرأ عليهما لم يدفعه إلى ذلك إلا ضعف إيمانه وقلة خشيته من الله،
• فمن يدرك حق والديه وفضل الإحسان إليهما وبرّهما لن تدفعه نفسه لمثل هذة الحماقات.
• ويندرج تحته أيضا الجهل، فالجهل يقتل صاحبه، فمن يجهل العقوبات الدنيوية والآخروية لعقوق الوالدين وثمرات طاعتهما وبرهما يسهل عليه تضييع حقهما وإساءة معاملتهما.
سوء التربية
• يحزنني أن أقول لك أيها الأب إن الجزاء من جنس العمل، فما تزرع أيَّاه تحصده، هل تظن أنك ستزرع شوكاً وتحصد عنباً؟! بالطبع لا، فما شب عليه ولدك من الصغر من إمكانيته إساءة خلقه معك والتطاول عليك_ وإن كان من باب المزاح _ سيأتي يوماً ويعُقك ذلك الولد.
• وفي أحيانا كثيرة تجد الأب يميز الأب الولد عن البنات بصلاحيات من أمكانيته التطاول على أخواته وأمه والرد علىيه، ولا شك في ندم الأب بعدما تمر السنون؛ لأن أول من سيغُقه الابن فيما بعد هو ذلك الأب.
التناقض
من أهم أسباب العقوق، فأحيانا كثيرة تجد الأباء يأمرون أبنائهم ويعلمونهم ما لا يفعلونه!، فتجده يحس ابنه على الصدق وهو كثيراً ما يكذب، ويحسه على اللين والرفق وهو كثيرا ما يعنف والدته أمام عينيه، وبالتالي يصبح الابن منكراً لأفعال والده عاقاً له؛ نتيجة إنقاص الوالد لقيمته وقدره أما ابنه، فالنصح ليس بكثرة القول ولكن بالفعل، فحين يرى فيك ولدك الصدق يصبح صديقا وحين يرى فيك اللين يصبح رحيماً.
صديق السوء
من أخطر أسباب العقوق الصحبة الفاسدة للأبناء، فالأصدقاء أشد تأثيراً في بعضهم لبعض، فإن ابتُلي ولدَك بصاحب فاسد فذلك الصديق هو السبب الرئيسي لسوء خلقه وعقوقه لك، فتجد منهم من يتباهى بسوء خلقه مع أهله ومن ارتفاع صوته عليهم، فيبدأ الاخر في التقليد.
عقوق الأباء للأبناء
فبعض الاباء إذا وجدوا من أبنائهم صلاحا أو إحسان لم يشجعوهم على الاستمرار والمداومة فيملّوا من طاعتهم ويقصروا في برهم. نعم بر الوالدين حق عظيم، لكن يجب أيضا إحساس الابن بقيمته وانه حسِن الخلق، فيزداد في الاحسان والطاعة والبر
التأثر بالحياة الغربية
• ومن أسباب أنتشار ظاهرة عقوق الوالدين أيضا هذا الانفتاح الذي حدث للأمة الإسلامية على الثقافات الغربية بفسادها وانحطاطها وكفرها.
• حيث أصبح الشباب والفتيات يطّلعون على الحياة الغربية من خلال أفلامهم المقيتة المُسَمِمة حيث تجد الشاب الغربي يهجر أهله ولا يراهم إلا في المواسم والأعياد، وربما إن لزم الأمر بالنسبة له دعا لهم الشرطة! مما أدى إلى تلوث أفكار شبابنا وامتزاج قلوبهم بهذا العفن.
انتشار حالات الطلاق
الطلاق الغير متبوع بالإحسان الذي يأمر به الله يؤدي إلى عقوق الوالدين، فتجد الأب حين يلقى ابنائه يذكر مساوئ والدتهم، وكذلك الأم تبدأ تحرِض الأولاد على أبيهم، فيعُق الأبناء الوالدين جميعاً.
فكما قال الشاعر:
فلا تغضبَنْ في سيرةٍ أنت سرتَها وأول راضٍ سُنَّةً من يسيرُها
التمييز بين الأولاد
فهذة المعاملة تورث الحقد والكراهية بين الأبناء مما يدفعهم إلى كراهية الوالدين المتسببين في ذلكك وقطيعتهما.
سُبُل العلاج:
كما يقولون الوقاية خير من العلاج، فعلى سبيل المثال لكي نعين الأبناء على البر:
التنشئة على القيم والأداب الإسلامية:
وذلك من خلال دراية الأباء بأهمية وكيفية التربية الإسلامية للطفل فيجب:
• الحديث معهم عن أهمية وفضل الصلاة
• الحرص على تحفيظ الأبناء كتاب الله
• الابتعاد عن مشاهدة التلفاز قدر المستطاع، وإن جلسوا أمامه يجب الانتباه لما يتابعونه، وملاحظة كيف يؤثر عليهم.
القدوة الحسنة
كي تجد في ولدك من الأخلاق الحميدة ما يقر عينك، يجب أولا أن تتحلى أنت بهذة الأخلاق، يجب أن يجد حوله من يعينه على فعل الخيرات وترك المنكرات، فمثلاً كيف لا تصلي وتضربه إن لم يصلي؟! فهذا من غير المعقول ! ويدفع الأبناء إلى وضع مسافات بينهم وبين والديهم والبعد عنهم وقطيعتهم.
المرء على دين خليله
يجب أن تتيقظ جيداً لأصدقاء ولدك في المدرسة أو النادي، فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. فاحرص دائماً على أن يكون أصدقاء أبناءك من المعروفين بحسن الخلق وصلاح الأهل. فالصديق الصالح خير مُعين لك _بعد الله_ على طاعة ابنك لك وحسن تعامله معك.
صلاح الزوجة
فالزوجة الصالحة توفر المناخ الهادئ في البيت، وتعين أولادها على فعل الخير، وتنهاهم برفق عن الشر، فتكون خير معين لزوجها على طاعة أبنائهم لهما، ولا شك أن الوالدين الصالحين يصلح الله لهما ذريتهم، ودل على ذلك قوله تعالى: “وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ”الكهف (82)
أيها الابن العاق …
هناك آداب يجب مراعاتها عند تعاملنا مع الوالدين، لماذا؟! لنرد بعض دَينهم علينا وكي تنشرح صدورنا ويجازينا بذلك الله جنته، ففي طاعة الوالدين وبرّهما الخير الكثير ويعلم ذلك من ذاق لذة طاعتهما والرفق بهما واستشعر نعم الله عليه في الدنيا نتاج ذلك، واحتسب عند الله جنته بأخلاقه ومعاملته لوالديه، ومن هذة الآداب:
• حسن طاعتهما في المعروف واجتناب معصيتهما: فالابن البارّ بوالديه يقدم طاعتهما على طاعة كل أحد من البشر ما دام لم يأمراه بمعصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
• الإحسان إليهما بالقول والفعل، و خفض الجناح بالتذلل لهما ولين الجانب والتواضع.
• التلطف بالكلام الطيب معهما والحذر من نهرهما أثناء عتابهما، أو رفع الصوت عليهما.
• الإصغاء إليهما، بحسن الاستماع والتوجه إليهما إذا تحدثا، والحذر من إظهار الملل من حديثهما ويجب عدم منازعتهما الحديث، والحذر من تكذيب حديثهما.
• الرضا بأوامرهما، وعدم التضجر أو التأفف منهما، ودل على ذلك قوله عزَّ وجل: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما {الإسراء:23.
• عدم العبوس بوجههما بمقابلتهما بالبِشر.
• التلطف والتودد لهم، ومن أمثلة ذلك: تقبيل أيديهما ورؤوسهما، والإفساح لهما في المجلس، وعدم مد اليد إلى الطعام قبلهما.