“كنت أعيش في حالة خوف وقلق في دار الرعاية لجهلي بما يخبئ لي المستقبل لكن عند احتضاني شعرت بالطمأنينة لوجود أسرة تتصدى لأي أمر وتحمي مستقبلي وأحمد الله على احتضاني”.. هذا ما عبرت عنه الطفلة سارة (12 عاما) بعد احتضانها من قبل أسرة كويتية.
أما الطفل حمد (9 أعوام) فيقول إنه لم يواجه أي صعوبات مع الأسرة المحتضنة بل تأقلم بسرعة معها “إذ غمرتني فرحة عارمة حين علمت بأني احتضنت وأن لي عائلة وبيتا وغرفة خاصة عكس دار الرعاية حيث كنا نتشارك غرفة كبيرة واحدة”.
وبمناسبة اليوم العالمي للاحتضان الذي يصادف غدا الخميس فإن مفهوم الاحتضان وتطبيق معناه في الحقيقة يتصدر جوهر أهداف إدارة الحضانة العائلية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتية التي تركز على تسهيل كل الإجراءات للراغبين في الاحتضان ممن تنطبق عليهم الشروط الموضوعة في النماذج إلايجابية للأسر الحاضنة.
ولعل الإشارة الأبرز ما كشفته إدارة الحضانة العائلية عن إقبال مطرد من مواطنين كويتيين على احتضان أطفال الدار في تطور ملحوظ ينم عن تقبل المجتمع فكرة احتضان الأطفال وإيوائهم لاسيما أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في عرض تجارب ونماذج لأسر حاضنة مما ساهم في تشجيع المواطنين على ذلك.
في هذا السياق، قال مراقب إدارة الحضانة العائلية الدكتور خالد العجمي، إن الاحتضان يعد أحد أبرز أهداف إدارة الحضانة العائلية التي تركز على تسهيل كل الإجراءات للراغبين في الاحتضان ممن تنطبق عليهم الشروط.
ورأى العجمي أن وجود نماذج إيجابية من الأسر الحاضنة تتحدث عن تجربتها في احتضان طفل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتحدث عن واقع تعيشه ساهم في ارتفاع مستوى الاحتضان.
وأوضح أن قيام سيدتين كويتيتين على سبيل المثال بعرض تجربتيهما عن الاحتضان على برنامج التواصل الاجتماعي (انستغرام) ساهم في تسليط الضوء على هذه المسألة على الرغم من الانتقادات القاسية التي تعرضن لها في بداية الأمر لكن إصرارهن على الاستمرار أثمر تسليط وسائل الإعلام الضوء عليهما كمثال يحتذى.
وأعرب عن اعتقاده بأن تسليط الضوء على هذه المسألة في برامج التواصل الاجتماعي ساهم منذ عام 2014 في زيادة نسب الاحتضان إلى 21 حالة مقارنة ب 13 حالة العام الذي سبقه مبينا أن الحالات في السنوات الأخيرة تم احتضانها بنسبة 100 في المئة.
وأوضح أن الأعمار المسموح فيها بالاحتضان هي من عمر المواليد وحتى سن الرضاعة وأما الذين هم في عمر أكبر من 4 سنوات تتم استضافتهم لدى الأسر الكويتية كأسرة صديقة ومع ثبوت التكيف والاستقرار يتم احتضانهم من قبل العائلة ذاتها.
وذكر العجمي أن هناك شروطا للاحتضان منها أن تكون أسرة كويتية مسلمة تتكون من زوجين (على أن تكون الزوجة كويتية أو من دول مجلس التعاون الخليجي) ويجوز أن تتقدم الكويتية المطلقة أو الأرملة أو من لم يسبق لها الزواج بتقديم طلب للاحتضان على أن تكون متمتعة بالنضوج العقلي والأخلاقي والقدرة المالية لرعاية الطفل وتقيم بالكويت حتى تسهل متابعة الطفل المحتضن.
وحول المصاعب التي تواجه دار الرعاية بهذا الصدد أكد العجمي أنها “غير موجودة لأن الأسر الكويتية أصبحت أكثر وعيا بأن هدف احتضان طفل يحتاج إلى وقت لتحقيقه لكن هناك حالات (مثل معلومي الأم) غير كويتية ترغب الأسر باحتضانها لكن بحكم القانون يصعب احتضان تلك الحالات لعدم الحصول على إثباتات وهذا الأمر يعوق احتضانها.
وقال إنه لا توجد رسوم تدفع من قبل الأسر للاحتضان وإنما هناك مبلغ يخصص شهريا للطفل المحتضن وهو بمنزلة مساعدة من إدارة الرعاية الأسرية للطفل.
وفي إطار المتابعة من قبل الدار بعد الاحتضان أشار العجمي إلى أن هناك متابعة دورية سواء عبر الزيارات المنزلية أو المقابلات المكتبية أو حتى الهاتفية للباحثات من قسم الحضانة المختص بمتابعة الأسر الحاضنة والأطفال المحتضنين بعد تسليمهم للأسر.
بدورها قالت الباحثة الاجتماعية في دار الرعاية الأسرية إيمان شعلان ل (كونا) إن عملها في مكتب البحث ينص على عمل (بحث حالة) للأسرة مضيفة أنه في حال ثبوت ملاءمة الأسرة للابن يتم عمل الاحتضان عن طريق قسم الحضانة العائلية.
وكشفت شعلان عن صعوبات تكتنف ذلك منها أن بعض الأسر الصديقة تخفي عن الابن أنه من أبناء الشؤون مما يترتب عليه حدوث ردود فعل سلبية تنتهي بعودة الابن إلى دار الرعاية مؤكدة أهمية مصارحة الأسرة للابن بحقيقة الأمر.
وأشادت بجهود الأسر الحاضنة وتعاونها مع دار الرعاية واصفة تجربتها بالممتازة وأنها تعمل بالدار منذ ثماني سنوات.
من ناحيتها قالت أمينة سر (جمعية كيان للرعاية الأسرية) أنيسة الجارالله ل(كونا) إن الجمعية تأسست على يد مجموعة من المتطوعات في دار الرعاية وبعض الأمهات الحاضنات وتم إشهارها في شهر مارس 2015 وهي جمعية نفع عام معنية بقضايا مجهولي الوالدين.
وأضافت الجارالله أن الجمعية تسعى إلى تشجيع الاحتضان وفي سبيل تحقيقه نظمت هذه المجموعة العديد من الأنشطة والبرامج التي كان لها دور بارز في إثارة اهتمام المجتمع بهذه القضية مما ترتب عليه زيادة الإقبال على طلب الاحتضالان.
وذكرت أن الجمعية تهدف أيضا إلى دمج مجهولي الوالدين بالمجتمع وأيضا توفير سبل المساندة والدعم النفسي والاجتماعي للأسر المحتضنة علاوة على تعزيز أواصر العلاقات بين الأسر المحتضنة لتبادل الخبرات.
وفيما يتعلق بالإنجازات المتحققة أوضحت أن الجمعية نظمت حملة إعلامية ضخمة استمرت شهرا بعنوان (لون حياة) للتشجيع على الاحتضان بالتعاون مع (مبرة خير الكويت) والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في طرح موضوع الاحتضان ودعم تجارب الأسر الحاضنة.
بدورها قالت الأم الحاضنة زينة سلطان إن عدم القدرة على الإنجاب والرغبة الشديدة في الأمومة شكلا الدافع لها للاحتضان مضيفة أن الطفل الصغير المحتضن لا يدرك معنى الاحتضان لكن مع التقدم بالعمر تبدأ الأسئلة تطرح على الأسرة الحاضنة حول احتضانه ومن هو أساسا؟ ولماذا كان في دار الرعاية؟.
وأضافت سلطان أن الطفل المحتضن بحاجة ماسة إلى الحب والحنان والقبول من الأسرة الحاضنة بالدرجة الأولى وقبوله وتقبله بكل اختلافاته عن الأسرة بعيدا عن التفرقة والتمييز لافتة إلى أن هناك صعوبات تواجه الأسر بعد الاحتضان منها التغير المفاجئ لنمط الحياة بوجود فرد جديد.
وذكرت أن الفترة الأولى لابد أن يتخللها تعارف عميق إلى حد التكيف علاوة على أن عمر الطفل يأتي بالدرجة الأولى لجهة الصعوبات ويتمحور حول أنه طفل لا يعي لكنه يتأثر بما حوله ومع تقدم الطفل بالعمر تبدأ تتضح شخصيته وميوله وهواياته.