” صناعة الوهم “
رسالة للإعلام و المغردين مع التحيّة ، أما بعد ،،
وبلا مقدمات ، أن وسائل الإعلام هو الكيان الأقوى على وجه الأرض ، لديهم القدرة على جعل المذنب بريء و الأبرياء مذنبين ، وهذه هي السّلطة ، لأنها تتحكم في عقول الجماهير ؛ هذا ما قاله مالكوم اكس.
نعلم أن الإعلام يصنع أحياناً خبراً لصالحه أو ضد غيره لا وجود له ، فيصنع انتصاراً وهمياً لمناصريه ، وهكذا ايضاً في مواقع “التخاصم” في الأزمة الخليجية ، فأحيانا يصنع المستخدِم هاشتاق بطولي لا وجود له في العالم الواقعي ، عدا كلمات منمّقة وشيلات وشتائم فيعتبر ذلك انتصاراً وفتحاً عظيماً !
فمن “العبط السّياسي” أن تعتقد أن الشّتائم و الفجور في الخصومة و شيلات “الهياط” ستحل أي قضية سياسّية ، فالإختلاف في الرؤى السياسية لا و لم و لن تُحل بالأغاني و بإعلام “واطي” كما قال سمو الأمير صباح الأحمد ، بل تُحل عبر الحوار و الجلوس على طاولة واحدة للتسوية السّياسية للأطراف المتخاصمة ، فالتعامل السياسي و حل معضلاته لن يأتي بكلمات أغنية و بحماس إيقاع شيلة.
سأعطيك مثالاً لتعرف ماهيّة و كيميائية عقل “الذباب الألكتروني“ و الفاجر في الخصومة : عندما تحبّس شخص في غرفة بدون طعام لمدة زمنية معينة و من ثم فجأة تطلق سراحه و تقول له اذهب للبيت المجاور فهناك طعامٌ سيشبعك ، فبكل تأكيد سيذهب بكل شراهة ليفترس المائدة و كل الطّعام ، هكذا تتعاطى شعوب الخليج الأزمة ؛ فعندما يغيَّب عمداً العقل النقدي البنّاء و التعاطي السّياسي و حرية الكلمة و التعبير لعقود عن الفرد و يكون مسّيراً عبداً لبشت أو لمال فيفعل ما يؤمر به كالروبوت و ليس كمواطن له حقوق و واجبات فمن الطبيعي عندما تفتح له أبواب النقد السياسي ضد الآخر على مصراعيه فلن يفّرق بين النّقد السياسي و “قلّة الأدب” ، فسيخسر أخلاقه قبل قضيته التي لم يُستشار بها أصلاً و إن فرضنا أنّها صحيحة بإدّعائاتها و مسبباتها ؛ و المضحك في الأمر أن البعض ينتقد دول و يشتم أعراض رموزها و هو في وطنه “طرطور” لا يملك الحق أن يختار نائب يمثله ويشرّع له و لا يقدر أن ينتقد شيخ مسؤول أو حتى رئيس قسم ، فإذا كان صنع القرار ليس بيدك و لم تُستشار به لأنك لربما مهمّش في وطنك أو لأنك مجرد رقم فإلزم الصمت ، فلا تكُن وقود فتنة و أنت ليس المعني بها ، فقد أقحمتم الشّعوب بلا ذنب!
و أخيراً اعلموا يا شعوب الخليج أن الخاسر الأكبر من هذه الأزمة هم “نحن” فلا فائز من يعادي أخيه في الدّم و النّسب ، و كما قال سمو الأمير صباح الأحمد : كل الإعلام الذي يخرج من هذه الدّول هو ضد الشعوب و ليس ضد الحكام ؛ إلى اللّقاء.