لجأ شاب أردني إلى أسلوب لافت وهادف لجمع رأس المال اللازم لانشاء أول متجر للكتب في مدينته عبر استخدام سيارت كلاسيكية كمكتبة متنقلة لبيع الكتب في أهم أحياء العاصمة الاردنية عمان.
وبدأ الشاب غيث بحدوشه مبادرته الاجتماعية التي أطلق عليها اسم (كتب على الطريق) مطلع العام الماضي من أجل تحويل حلمه برؤية أول متجر فاعل يوفر الكتب للسكان إلى واقع في محافظة (مأدبا) جنوب غرب عمان حيث يعيش.
وللتعرف على جوانب هذه المبادرة التقت وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الاربعاء بحدوشه (27 عاما) في شارع (الرينبو) السياحي بعمان حيث اختار ان يوقف سيارته التي يعود تاريخ صنعها لعام 1974 ويستعرض الكتب على سطحها أمام الجمهور.
وقال بحدوشه ان فكرة المبادرة بدأت عندما عقد عزمه على تحويل شغفه بالقراءة وحبه لاقتناء الكتب إلى مشروع تجاري خاص به يكون مصدرا دائما للدخل وعاملا مساعدا على نشر ثقافة القراءة في المجتمع الأمر الذي دفعه إلى تقديم استقالته من وظيفته في إحدى شركات التأمين والتفرغ للمشروع.
واضاف ان قراره بترك وظيفته ومصدر رزقه الوحيد سعيا نحو تأسيس مشروعه التجاري يعد “خطوة جريئة” رافقتها بعض الصعوبات موضحا أنه لم يكن يمتلك رأس المال اللازم لتأسيس المتجر فضلا عن حاجته إلى الخبرة العملية في مجال إدارة المكتبات وتنظيمها قبل بدء المشروع.
واوضح بحدوشه انه في سبيل الحصول على هذه الخبرة التحق بالعمل مدة زمنية قصيرة بإحدى مكتبات عمان بغية التعرف على أساليب إدارة المكتبات وتصنيفات الكتب وتنظيمها ما أكسبه خبرة ساعدته على تحديد الميزانية المطلوبة لتأسيس مشروع من هذا النوع.
وقال انه رصد حوالى سبعة آلاف دينار أردني (نحو تسعة آلاف و700 دولار امريكي) كرأسمال مبدئي لتغطية تكاليف تأسيس المتجر والبدء في تنفيذ أهم عناصره مثل تصميم الديكور الداخلي وجلب الكتب والمطبوعات وترميم المكان الواقع ضمن مبنى أثري على الطراز البيزنطي يزيد عمره على 130 عاما في (مأدبا).
وعن انطلاقة المبادرة قال بحدوشه انه بدأ بها فعليا خلال شهر فبراير من العام الماضي حين افترش أحد أرصفة شوارع مدينة عمان المكتظة بالمارة لبيع الكتب المستعملة “لكنني سرعان ما اكتشفت عدم جدوى هذا الأسلوب الدارج في البيع فضلا عن الشعور بمضايقة المشاة والتقليل من قيمة الكتاب المعنوية”.
وأضاف أن أحد أصدقائه اقترح عليه بدلا من ذلك استخدام سيارته الكلاسيكية لتسويق البضاعة بأسلوب لافت للأنظار عبر صف الكتب ورصها بطريقة “فسيفسائية” على سطح السيارة والتجول بها في الأحياء الشهيرة دون تضييق على أحد أو المساس بقيمة الكتاب وتحقيق الاستفادة من أكبر مساحة ممكنة لعرض الكتب.
واشار بحدوشه إلى أنه تبنى هذا الاقتراح سريعا وظل مستمرا في النزول إلى عمان يوميا ولمدة عشرة أشهر متواصلة لاستعراض أكثر من 300 كتاب قديم وجديد في مختلف حقول الحياة ومجالات الأدب وبلغات عدة منها كتب نادرة تبرع بها داعمون للمبادرات الشبابية وكل من يرغب بالمشاركة في نشر ثقافة القراءة في المجتمع.
وحول تحديد أسعار الكتب وعملية جني الأرباح قال بحدوشه إنه وضع أسعارا “رمزية” للكتب تتراوح ما بين نصف دينار وعشرة دنانير اردني (ما بين 70 سنتا و14 دولارا) لتشجيع الناس على القراءة موضحا أن المبادرة أتاحت للناس فرصة الاستفادة من أوقاتهم التي يقضونها في الأماكن العامة والمتنزهات في القراءة والمطالعة.
وأضاف “تمكنت خلال أقل من سنة من افتتاح متجري بأدنى الامكانيات وأطلقت عليه اسم (كون)” مؤكدا في الوقت ذاته الاستمرار في المبادرة من أجل التوسع بالمشروع وضمان استمراره. وذكر أن المكتبة تضم حاليا العديد من الكتب والموسوعات والاصدارات الخاصة لافتا إلى أن الفترة التي تجول فيها بسيارته كونت له قاعدة عريضة من الزبائن الذين باتوا يترددون على مكتبته لشراء الكتب او طلب كتب معينة لتوفيرها لهم.
وعن دعم الجهات والافراد للمبادرة في الاردن أشار بحدوشه إلى أنه لقي دعما كبيرا من المحيطين به لا سيما الشريحة المثقفة في المجتمع وبعض الجهات الشعبية التي دعته للمشاركة في مهرجانات واحتفالات ثقافية وأدبية عديدة بمختلف محافظات المملكة “كما حازت المبادرة على منحة نقدية قدمتها مؤسسة دنماركية معنية بدعم الريادة الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط”.
وشدد بحدوشه على ضرورة تبني المهتمين والمثقفين في الدول العربية لمثل هذه المبادرات وتشجيع القراءة في المجتمعات العربية خصوصا لدى الشباب الذين يمثلون الشريحة الأكبر فيها.
ودعا الشباب الى ترجمة تطلعاتهم وطموحاتهم إلى واقع لا سيما في ميدان الأعمال التجارية عبر الصبر والمثابرة والعمل المتواصل مؤكدا قدرتهم على تطوير مجتمعاتهم وتنمية القطاعات الاقتصادية فيها بالمبادرات والمشاريع الصغيرة.