يترقب المستثمرون بشغف انطلاقة السوق الكويتي في العام الجديد 2018، يحذوهم أمل في تحسن الوضع العام بالبورصة وخاصة فيما يتعلق بالجوانب الإجرائية والرقابية وضوابط العمل في إطار منظم يسمح بتشجيع المستثمرين على ضخ مزيد من السيولة التي تراجعت بشكل لافت في العام الماضي.
واتفق المحللون على أن السوق الكويتي يستحق مكانة أفضل مما هو فيها الآن بين أسواق المنطقة، وذلك على الرغم من تحقيقه (مكاسب – خسائر) جيدة في العام الماضي، إلا أنهم يرون تلك المكاسب وهمية في ظل سيولة متواضعة وأداء يغلب عليه الطابع المُضاربي الذي يضر بمصلحة المتعاملين في معظمه.
كما أجمعوا على أن العوامل الجيوسياسية المُحيطة بالمنطقة وما يكتنفها من غموض المشهد السياسي يؤثر بشدة على نفسيات المُتعاملين في أسواق المنطقة بشكل عام والكويتي بالتبعية.
وتوقع المحللون أن تكون بدايات 2018 وخاصة في ربعه الأول، مقياساً لأداء الأسواق مع اتضاح المشهد العام سواء من الناحية السياسية أو المتغيرات الاقتصادية المتوقعة من نتائج أعمال سنوية للشركات المُدرجة، وتطبيق ضريبة القيمة المُضافة في بعض بلدان دول مجلس التعاون مروراً بالتحركات السعرية المنتظرة للنفط وغيرها من العوامل الأخرى.
بدايةً، أوضح المُحلل الفني لأسواق المال، إبراهيم الفيلكاوي، أن عام 2017 شهد سيولة ساخنة في مطلعه بدأت من السوق السعودي ثم انتقلت إلى الكويتي خلال يناير، ثم قطر ومسقط في فبراير حتى توقفت مع نهاية الربع الأول من العام.
وأضاف الفيلكاوي أن نشوب الأزمة الخليجية وتفاقم الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة قلص من مستويات السيولة بشكل ملحوظ بسبب التخوف من الآثار المترتبة على نشوب أي حروب أو نزاعات بالمنطقة قد تقودها إلى مصير مجهول.
وتوقع أن تتحسن مستويات السيولة في العام المُقبل ولكن بشكل طفيف نظراً لاستمرار حالة الترقب لما سيحدث على الساحة السياسية محلياً وإقليمياً، خاصة أن القمة الخليجية الأخيرة بالكويت لم تُسفر عن أي جديد.
وأكد على أن حدوث مصالحة خليجية شامل ستعم على أسواق المنطقة بالخير، وخاصة البورصة الكويتية مُشيراً إلى أن الثقة شبه معدومة في السوق نظراً لعدم وجود رقابة كفاية، موضحاً بأن الرقابة ترصد فقط المتداولين دون السيطرة على ما يحدث بالمؤشرات أو تلاعبات التداول.
وأشار الفيلكاوي إلى أن ابتعاد المحافظ والصناديق عن السوق الكويتي يعود إلى عدم وجود شفافية كاملة في السوق، لافتاً إلى أن الجهات الرقابية تسعى للمناصب والكراسي بينما إعادة الثقة للمستثمر تغيب عن الأذهان وبالتالي نحن بحاجة لعمل جاد يُعيد الثقة بالبورصة ومن ثم جذب المستثمرين مرة أخرى لضخ سيولة قوية في السوق.
ولفت إلى أن السيولة الحقيقة في السوق الكويتي لا تتجاوز 5 ملايين دينار، ولكن بسبب عملية التدوير على الأسهم القيادية تصل إلى 10 و 12 مليون دينار بسبب عمليات التدوير، إلا أن هذه السيولة لا تعتبر حقيقية في واقع الأمر.
وأشار إلى أن المضاربات في الوقت الحالي تتركز أكثر في الأسهم القيادية وربما تنتقل إلى الأسهم الصغيرة كنوع من التدوير.
وأكد الفيلكاوي أن التحركات في السوق تتمثل في المحافظ والصناديق المحلية والتي تتحرك بنسبة 25% من قيمتها الفعلية، لكن الأجانب ما يزالوا في حالة ترقب للأوضاع منتظرين تحسنها لضخ السيولة في الوقت المناسب.
من الناحية الفنية، قال الفيلكاوي أن السوق الكويتي يتحرك بشكل أفقي موضحاً بأن الحركة خلال يناير المُقبل وحتي نهاية الربع الأول من 2018 سيكون بين مستوى الدعم 6000 نقطة ومستوى المقاومة 6700.
وأضاف أن المؤشر السعري للبورصة الكويتية إذا نجح في اختراق المقاومة 6700 نقطة فسوف يعود للانتعاش مرة أخرى والوصول إلى مستويات 7400 نقطة، بينما إذا كسر دعمه المهم عند 6000 نقطة فسوف يشهد هبوطاً بواقع 500 نقطة إلى مستويات 5500 ثم 5250 نقطة، وهو أمر يعتمد على تحركات المتداولين ومستويات السيولة بالبورصة.
وأشار الفيلكاوي إلى أن المؤشر السعري يتحرك بالتبعية بشكل أفقي نتيجة حالة الترقب الحالية في السوق، لافتاً إلى أن المتحكم في حركة المؤشر حالياً هي الأسهم الخاملة، وفي حال تم تقسيم السوق وفقاً للمشروع الأخير قد يكون ذلك سبباً للانتعاش الجيد، مع الأخذ في الاعتبار أن عملية التقسيم ستشهد حالة من الترقب في بدايتها.
وتوقع نائب رئيس قسم بحوث الاستثمار في “كامكو”، رائد دياب أن تكون إعلانات أرباح الشركات المُحفز الرئيسي للسوق الكويتي، إضافة إلى انتظار تقسيم البورصة إلى 3 أسواق حيث سيعطي ذلك قراءة أوضح للأسهم ووقف التلاعب.
كما توقع دياب أن تحظى بورصة الكويت بتدفقات مالية إضافية مع قرب إدراجها من قبل “فوتسي” بالأسواق الناشئة في سبتمبر 2018، كما أن عودة العلاقة الصحية بين مجلس الأمة والحكومة الكويتية سوف يعطي بعض الدفع الإيجابي.
وأكد على أن استقرار أسعار النفط سوف يكون له أثر إيجابي على السوق الكويتي لأنه سيُساعد على تنفيذ بعض المشروعات الكبيرة بالبلاد، إضافة إلى توقعات إدراج شمال الزور الأولى في الربع الأول من العام 2018 مما قد يجلب بعض الزخم والسيولة إلى البورصة.
ولفت دياب إلى ترقب الجميع للأوضاع الجيوسياسية في المنطقة والتي قد تؤثر في وقت لاحق على التدفقات في الأسواق الخليجية بشكل عام والسوق الكويتي على وجه الخصوص.
وأوضح مُحلل سوق المال، ناصر الخميس، أن الدورة الاقتصادية تقوم على 3 ركائز أساسية وهي: الأسهم، والعقار، والودائع والسندات الحكومية والرهون العقارية، مُشيراً إلى نزول العقار في الآونة الأخيرة ومتوقعاً أن تلحق بها السندات في نهاية 2018 بما يُسمى “مرحلة الكساد”.
وأشار الخميس إلى أن مرحلة الكساد تُعد مرحلة تجميع بالأسهم لبدء دورة اقتصادية جديدة وعندها تكون معنويات المستثمرين في اتجاه سلبي هابط، حيث تكون القاعدة العامة لدى غالبية المستثمرين هي “ما زال الوقت مبكراً … سأراقب السوق!”.
وتوقع الخميس أن تنتهي مرحلة تجميع الأسهم في عام 2018، حيث تتجه بعدها المعنويات إلى التفاؤل والتي تُعبر عن بداية صعود الأسهم، حيث تتبدل مشاعر المستثمرين إلى الحماس والثقة لتُعبر عن ذروة ارتفاعات الأسهم فيما بين عامي 2019 و2021.
وفيما يخص المؤشر السعري للبورصة، أكد الخميس أن هذا المؤشر لا يعكس حقيقة التداول ببورصة الكويت ولا يجب أن نبني قراءة حاضرة أو مستقبلية لمؤشر بياناته خاطئة، مؤكداً أن السوق بشكل عام يمر بمرحلة تجميع ومنها إلى صعود تدريجي.
وقال المُحلل الفني لسوق المال، محمد العنزي إن مؤشر بورصة الكويت حقق قفزة مميزة بداية 2017 إلا أنه تراجع وفقد معظم مكاسبه في نهاية العام حيث ساهم تفاقم الأزمة الخليجية في تراجع الأسعار رغم نمو معظم أرباح الشركات بشكل واضح.
وأوضح أن توالي إعلانات مجموعة الخير الوطنية عن تخارجها من “زين” والتخارج المُرتقب من “أسمنت الخليج” و”سفن”، بالإضافة إلى انضمام الكويت لمؤشر فوتسي للأسواق الناشئة وتحسن أسعار النفط بشكل ملحوظ، كلها عوامل لم تشفع للبورصة الكويتية في تحسن أداءها في نهاية العام.
وتوقع العنزي أن تشهد البورصة في شهر يناير 2018 قفزة كما حدث في مطلع العام الماضي، متوقعاً تجاوز القمة السابقة مدعومة بأرباح سنوية مميزة كما يُتوقع لها، مُشيراً إلى أن العزوف الحالي عن السوق يعود إلى عوامل نفسية أكثر من كونها فنية.