تولي دولة الكويت الأمن الغذائي أهمية خاصة وتعتبره سياسة استراتيجية أساسية في رؤيتها وتمضي بخطى حثيثة لتحقيقه بأبعاده كافة عبر شبكة أمان ووفق آلية تنفيذية فعالة وخطط وأبحاث متخصصة وضعت البلاد في صدارة الدول التي تتمتع بالأمن الغذائي.
ولا يقتصر الأمن الغذائي في الكويت على تأمين الاحتياجات والمتطلبات الرئيسية والثانوية من الغذاء بل يتعدى ذلك إلى التركيز على ما يتعلق بسلامته وإنتاجه واستدامته وتعزيز الثروة الغذائية.
وفي هذا الشأن، أكد معنيون ومتخصصون في مجال الأمن الغذائي في تصريحات متفرقة لوكالة الأنباء كويتية (كونا) اليوم الثلاثاء أن سياسة حكومة الكويت من خلال الجهات المعنية بتوفير مستوى متقدم للامن الغذائي أثمرت تبوؤ البلاد المركز الأول في مجال الامن الغذائي في المنطقة العربية للعامين 2014 و 2017.
وأكدوا أن دولة الكويت حصلت على المركز 26 عالميا في مؤشر الأمن الغذائي لعام 2017 والمركز 28 عالميا لعام 2014 بين إجمالي 113 دولة وفق ما أظهره المؤشر السنوي للأمن الغذائي العالمي لوحدة (إيكونوميست إنتليجنس) للأبحاث من حيث قدرتها على توفير الأمن الغذائي لمواطنيها ليؤكد سلامة الخطط التي تنتهجها الدولة.
من جانبه، أكد وزير الإعلام محمد الجبري الذي يشرف على الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية فى تصريح ل(كونا) أن دولة الكويت آمنة غذائيا ولديها استراتيجية مبنية على خطط شاملة مكنتها من ضمان أمنها الغذائي مشددا على حرص دولة الكويت على تطوير التعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) والاستفادة من خبراتها في تعزيز الأمن الغذائي وتنفيذ مشروعات وخطط التنمية الزراعية المستدامة.
وقال الجبري إن مفهوم منظمة الصحة العالمية للأمن الغذائي يركز على صحة وسلامة الغذاء والمعايير الضرورية اللازمة بكل مرحلة من مراحل الإنتاج الزراعي التي تشمل عمليات إنتاج وتصنيع وتخزين وتوزيع وإعداد الغذاء لضمان أن يكون الغذاء آمنا وصحيا.
من جانبه، قال الوكيل المساعد للشؤون الفنية وتنمية التجارة في وزارة التجارة والصناعة محمد العنزي ل(كونا) إن مؤشر الأمن الغذائي يستند إلى ثلاثة معايير أساسية تتمثل في مدى توافر الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفه فضلا عن معيار الجودة والسلامة.
وأكد العنزي أن الدولة أخذت على عاتقها توفير وتوزيع المواد الغذائية الضرورية على مواطنيها عبر (البطاقة التموينية) التي تعد أهم الوسائل التي ساهمت في تحقيق الأمن الغذائي والقدرة على تحمل تكاليف توفير تلك المواد مع ثبات أسعارها لدى المستفيد إضافة إلى معيار الجودة والسلامة.
وأوضح أن عدد البطاقات التموينية بلغ 371 ألفا و225 بطاقة والمسجل فيها مليون و559 ألفا و463 شخصا من المواطنين الكويتيين والخليجيين والمقيمين بصورة غير قانونية الذين يتسلمون شهريا مواد تموينية عبر 82 فرعا.
وأشار إلى أن قيمة الدعم المقدم للمواد التموينية الموزعة السنة المالية الماضية من أبريل 2016 إلى مارس 2017 بلغت 88 مليونا و578 ألفا و629 دينارا (نحو 294 مليون دولار امريكي).
ولفت العنزي إلى الدور المهم الذي تؤديه شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية في تأمين وتوفير الخبز ومشتقاته والأرز والسكر والعدس والحليب ومغذيات الأطفال والزيت والدجاج والتمور بأسعار مدعومة ومخفضة وتوفير المخازن اللازمة للسلع الضرورية إضافة إلى إيجاد مخزون سلعي ضخم يغطي حاجة البلاد في أوقات الأزمات والطوارىء مع متابعته على مدار 24 ساعة.
وأكد أن من أهم المقومات التي تم على أساسها تبوؤ الكويت تلك المكانة المتقدمة بين الأمم هو توفير السلع في السوق المحلية وتغطيتها لكامل المساحة الجغرافية إضافة إلى كفاية المخزون من السلع للسكان وصلاحية السلع للاستخدام فضلا عن الزراعة والإنتاج المحلي للسلع وتنوع خطوط الإمداد والاستيراد عبر عدة دول وانتشار منافذ البيع التي تغطي جميع البلاد.
وقال إن هذا الإنجاز جاء بتضافر جهات حكومية عدة بتحقيق الأمن الغذائي وهي الشركة الكويتية للتموين والجمعيات التعاونية البالغ عددها 64 جمعية بفروعها المنتشرة في كل مناطق البلاد والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية والهيئة العامة للصناعة واتحاد الجمعيات التعاونية والقطاع الخاص من خلال التسهيلات التي تقدم للمنتجين والمزارعين.
وأشار إلى استمرار وزارة التجارة والصناعة في تطوير منظومة الأمن الغذائي وفق أحدث التكنولوجيا واتخاذ الإجراءات لرفع المستوى إلى مراتب أكثر تقدما عالميا تنفيذا للمهام الموكلة إليها وتنفيذا للمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 1979 بشأن الإشراف على الاتجار بالسلع والخدمات والأعمال الحرفية وتعديلاته.
من ناحيته، أكد المدير العام للهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية المهندس فيصل الحساوي ل(كونا) أن الأمن الغذائي في الكويت لا يقتصر على مسألة تأمين الاحتياجات والمتطلبات الرئيسية والثانوية بل يتعدى ذلك إلى التركيز على ما يتعلق بالإنتاج واستدامته وتعزيز الثروة الغذائية المستدامة.
وقال الحساوي إن الأمن الغذائي يحتل موقعا متقدما ضمن أولويات الهيئة مبينا أن الهيئة لديها الكثير من المشاريع الحيوية ضمن خطة التنمية السنوية وذلك للنهوض بالقطاع الزراعي والحيواني والسمكي في مختلف المجالات وتطويره لتحقيق الأمن الغذائي.
وأوضح أن الهيئة اتخذت من التنمية الزراعية المستدامة غاية لها على الرغم مما تعانيه الكويت من معوقات طبيعية تتمثل بقسوة المناخ وندرة الأراضي الصالحة للزراعة وقلة خصوبتها وشح الموارد المائية المتاحة للري.
وأشار إلى قيام الهيئة بزيادة الإنتاج الزراعي المحلي وتحسين أداء القطاع الزراعي ورفع إنتاجيته بتطوير كفاءة استغلال المساحات الزراعية المتوافرة وتوسعها وتعزيز قدرات الاستحواذ على التكنولوجيا الزراعية وتطوير أساليب الزراعة المتبعة.
وذكر أن هيئة الزراعة توفر الظروف المناسبة للتمويل والاستثمار في الميدان الزراعي المحلي وتشجيع الاستثمار الزراعي الخارجي من خلال استغلال الفرص الاستثمارية المتاحة بالدول العربية والدول الصديقة.
وتطرق الحساوي إلى سعي الهيئة نحو تأمين الاستيراد الخارجي وضمان وصول السلع الزراعية ووضع النظم لاستيراد وتصدير الأغذية بما يكفل توفير مخزون استراتيجي يغطي احتياجات السكان مدة لا تقل عن ستة أشهر.
وأشار إلى وضع خطط مدروسة لرفع كفاءة الاستزراع السمكي جنبا إلى جنب مع تطوير واثراء المخزون الطبيعي للاسماك في المياه الإقليمية من خلال مشروع الاستزراع السمكي الاقتصادي المدرج ضمن خطة التنمية 2018 – 2019.
وتوقع أن يسد الاستزراع السمكي نحو 50 في المئة من العجز في الأسماك الطازجة بحلول عام 2025 وسط المشاريع التي تقوم بها الهيئة حاليا وتدرجها ضمن خطط تطويرها وتنميتها لتنشيط الاستزراع السمكي.