من داخل سجن الرعب، في العراق، يشرح الصحفي الأمريكي، مايكيل ويس، والمحلل السوري، حسن حسن، في تحليل نشره موقع ديلي بيست الأمريكي الإخباري، كيف نجح متشددو داعش في التحول من مجموعة عراقية متمردة ومهزومة، إلى جيش يضم متطوعين من شتى أنحاء العالم، وهو يقوم بقطع رؤوس رهائن غربيين، ويصور عملياته في أفلام فيديو عالية التقنية، كما استطاع ذلك الجيش من غزو مساحات واسعة من الأراضي تعادل مساحة بريطانيا.
ويرجع المحللان إلى بداية تشكيل التنظيم على يد أبو مصعب الزرقاوي، مؤسس داعش، والذي أطلق عليه في البداية اسم ” القاعدة في العراق”، ثم يذكر ويس وحسن أسماء اللاعبين الأساسيين في التنظيم، بدءاً بزعيمهم أبو بكر البغدادي وصولاً للضباط البعثيين السابقين في جيش صدام، ومن أين جاءوا، وكيف استقطب التنظيم دعماً داخلياً وخارجياً، ومن أين يحصل على تمويله؟
بداية التنظيم
وبحسب التقرير ينقل الكاتبان عن مدير سجن بوكا في البصرة، الجنرال دوغ ستون، قوله إن “تنظيما القاعدة في العراق وداعش لم يستخدما فقط السجون التي أدارتها قوات أمريكية كجامعات جهادية، بل حاولا التسلل إلى تلك السجون لحشد مجندين جدد، وفي عام 2007 تولى سكوت مهمة الإشراف على برنامج الاعتقالات والتحقيقات في العراق، بهدف إعادة تأهيل السجناء، ولكن لم يؤد الكشف عن تعذيب نزلاء سجن أبو غريب، والإدانة العالمية لتلك الانتهاكات، لترك بصمة دائمة بشأن مصداقية أمريكا في الحرب، بل استخدمت السجون كمقار لعقد شبكات التواصل الاجتماعي بين الجهاديين، واشتهر معسكر بوكا في البصرة بتحوله إلى بؤرة للمتشددين”.
ولفتت ديلي بيست إلى أنه “وفقاً لتقديرات عسكرية أمريكية، ضم معسكر بوكا 1350 من الإرهابيين التكفيريين، وسط نزلاء عاديين بلغ عددهم 15 ألف معتقل، رغم أنه لم تكن هناك رقابة على من يختلط بمن، وبسبب زيادة عدد العمليات العسكرية التي تزامنت مع عملية التطهير، تضاعف تقريباً عدد نزلاء معسكر بوكا، حتى وصلوا لقرابة 26 ألف نزيل وقت تسلم ستون القيادة في عام 2007”.
وفي لقاء معه، قال ستون: “عند تسلمي إدارة المعسكر، كانت عمليات التهديد تتم أسبوعياً، وجرائم القتل تقع مرتين شهرياً، واستخدم متشددون السجائر وأعواد الثقاب لإحراق خيامهم وفرشهم، وعندما كنا نحاول إعادة تركيب الخيام، كانوا يسارعون لإحراقها، وظننا أنهم عازمون على إحراق وتدمير السجن برمته”.
برنامج لاستئصال الراديكالية
ويذكر المحللان أن “ستون أدخل برنامج لاستئصال الراديكالية، واستضاف أئمة معتدلين استعانوا بالقرآن والحديث الشريف لمحاولة ثني المتطرفين عن غاياتهم، والسعي لإقناعهم بأن تفسيرهم للإسلام مشوَّه ومحرَّف، وبدأ ستون بتقسيم السجناء إلى ما عرف باسم وحدات إسكان النزلاء، ويقول: “وقبل ذلك، كان لدينا نزلاء مهمتهم فصل من تعرضوا للتهديدات، أو للضرب، عمن هددوهم أو ضربوهم”.
ميول متباينة
وأشارت ديلي بيست إلى أنه “خلال فترة إدارته للمعسكر، والتي دامت 18 شهراً، قاد ستون أو أشرف أو استشار أكثر من 800 ألف تحقيق مع سجناء، مدوناً ملاحظاته حول وجود مختلف الميول لدى النزلاء من القاعدة، وفي عرض على برنامج باور بوينت، أعده لصالح القيادة المركزية للجيش الأمريكي، ولخص من خلاله ما توصل إليه، أيَّد ستون معظم ما أدلى به المللا نجم الجبوري لضباط الجيش الأمريكي حول تلك الفترة، وخاصةً حول عدم رضا المقاتلين الأجانب عن محاولات النزلاء العراقيين تولي مناصب قيادية”.
كما ذكر ستون في تقريره أن “البعثيين كانوا يحاولون استخدام راية داعش لاستعادة السيطرة على بعض المناطق، وأن الجهاديين كانوا يولون اهماماً أكبر بمدنهم أو مناطقهم المحلية أكثر من اهتمامهم بالإرهاب العالمي أو المناطقي.
كما أثار استخدام القاعدة في العراق للنساء والأطفال في تنفيذ تفجيرات انتحارية، اشمئزاز البعض وسخطهم. وكان المال، وليس الإيديولوجيا، هو الحافز الرئيسي وراء الانضمام إلى القاعدة في العراق. وفي نهاية المطاف، لم يعد أمير القاعدة في العراق، أبو أيوب المصري، شخصية مؤثرة بالنسبة للشباب الأصغر منه، وهو الذي قال إن “كنت تريد تشكيل جيش من الجهاديين، فأفضل مكان هو السجن”.