يقول العلماء الذين قاموا بتحليل أعداد لا تحصى من المواد الكيماوية الموجودة في سم العناكب إنهم وضعوا ايديهم على سبعة مركبات تتميز بقدرتها على وقف خطوة رئيسية تمنع الجسم من نقل إشارات الألم الى المخ. وفي البحث الذي قالوا إنه قد يفضي يوما ما الى إنتاج طائفة جديدة من مسكنات الألم القوية ركزوا على 206 أنواع من العناكب وبحثوا في السم عن جزيئات يمكنها ان توقف نشاط الاعصاب عبر قنوات معينة.
وتشير تقديرات الخبراء الى ان واحدا من بين كل خمسة أشخاص في شتى أرجاء العالم يعاني من ألم مزمن فيما أخفقت علاجات الألم المتوافرة في التخلص من الآلام على المدى القصير أو البعيد. كما ان العبء الاقتصادي للتخلص من الألم هائل إذ ان الآلام المزمنة تكلف الولايات المتحدة وحدها 600 مليار دولار في العام. ويشعر المرء بالألم في جزء من جسمه عندما ترسل الأعصاب في هذه المنطقة إشارات الى المخ عبر مسارات الألم وهذه المسارات هي التي يسعى العلماء الى تثبيط وظائفها عند البحث عن عقاقير جديدة للتخلص من الألم.
وقال جلين كينج الذي أشرف على هذه الدراسة بجامعة كوينزلاند الاسترالية “نهتم على نحو خاص بمركب يغلق مسارات الألم”. وقال إن دراسات سابقة أوضحت عدم الإحساس بالألم لدى من يفتقدون هذه المسارات بسبب طفرات وراثية تحدث بصورة طبيعية لذا فان اغلاق هذه الممرات يمكنه وقف الاحساس بالألم لدى اشخاص لديهم هذه المسارات الطبيعية. وركز جانب من البحث عن عقاقير جديدة مسكنة للألم على أنواع العناكب في العالم التي يصل عددها الى 45 ألفا والتي تقتل فرائسها بسمها الزعاف الذي يحتوي على مئات إن لم يكن آلاف من جزيئات البروتين التي يوقف بعضها نشاط الاعصاب. وقالت جولي كاي كلينت التي شاركت كينج في هذه الدراسة “يشير تقدير متحفظ الى وجود 9 ملايين من الببتيدات (وهي مكونات بروتينية) في سم العناكب ولم يتم حتى الآن سوى اكتشاف 0.01% من هذه المجموعة الضخمة من المركبات الصيدلية”.
ونجح العلماء -الذين تنشر نتائج بحثهم في الدورية الصيدلية البريطانية في بناء منظومة يمكنها ان تحلل على وجه السرعة المركبات الموجودة في سم العناكب. وفحص العلماء سموما من 206 أنواع من العناكب ووجدوا ان 40% منها تحتوي على مركب واحد على الأقل يغلق المسارات العصبية لدى البشر. وفيما يتعلق بسبع مركبات واعدة وضعوا أيديهم عليها قال العلماء إن أحدها ذو فاعلية عالية ويتميز بتركيب كيماوي يشير الى انه مستقر من الوجهة الكيمائية والحرارية والبيولوجية على نحو يصلح لأن يكون عقارا فاعلا. وقالت كلينت “توظيف هذا المصدر الطبيعي لانتاج عقاقير جديدة يمنح آمالا كبارا لتسريع وتيرة ابتكار طائفة جديدة من مسكنات الألم”.