تحتفل دولة الكويت غدا الاثنين بالذكرى ال55 لانضمامها الى هيئة الأمم المتحدة بمواصلة مساعيها وجهودها نحو تحقيق السلام والأمن والتنمية وحقوق الإنسان.
فقد كانت هذه ابرز سمات مسيرة السياسة الخارجية الكويتية منذ ان أصبحت العضو ال111 في هذه المنظمة الدولية في 14 مايو 1963.
ولطالما كانت الكويت دائما في مقدمة الدول الساعية إلى السلام والتعاون وتعزيز احترام حقوق الإنسان ومد يد المساعدة إلى الدول المحتاجة والمنكوبة حتى أعلنت الأمم المتحدة انها تعتبر مركزا إنسانيا عالميا ومنحت صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لقب قائد للعمل الإنساني تقديرا للدور الكبير للعمل الانساني الذي بلغ الذروة في عهد سموه.
وبعد صدور القرار رقم 1872 بقبول دولة الكويت عضوا في المنظمة الدولية خاطب سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان وزيرا للخارجية آنذاك الجمعية العامة قائلا “إن انتماء الكويت إلى النشاط الدولي يدل بوضوح على أن الاستقلال والعضوية في الأمم المتحدة ليسا نهاية بحد ذاتها بل هما وسيلتان للمشاركة في المسؤولية لتحقيق حياة أفضل لشعبها وشعوب دول العالم”.
وأثبتت الكويت كفاءتها ومكانتها بين الدول الأعضاء ففازت بعضوية مجلس الأمن الدولي لعامي 1978 و1979 حيث وقفت باستمرار إلى جانب العدل وأيدت حق تقرير المصير للأمم والشعوب وساندت الجهود المبذولة لإقرار السلام ونشره في ربوع المعمورة خصوصا عندما تولت رئاسة المجلس في شهر فبراير عام 1979.
وتتزامن ذكرى انضمام دولة الكويت كعضو في الأمم المتحدة هذا العام مع فترة تاريخية في الدبلوماسية الكويتية هي عضوية دولة الكويت في مجلس الأمن لعامي 2018 و2019 وتأتي هذه العضوية بعد مرور اربعة عقود على عضوية دولة الكويت الأولى في مجلس الأمن عامي 1978 و1979.
وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح أمام مجلس الأمن في شهر فبراير الماضي التزام دولة الكويت بسياستها المعهودة خلال العضوية قائلا ان “دولة الكويت تعود إلى مجلس الأمن بعد 40 عاما حاملة معها لواء ذات المبادئ في تلك الفترة التي شغلت عضويتها الأولى وذلك على الرغم من التغيرات الكبيرة التي شهدها عالمنا خلال تلك العقود الأربعة”.
وحددت دولة الكويت عددا من الأولويات قبل انضمامها لعضوية مجلس الأمن لعل أبرزها الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية كما تشكل القضايا الإنسانية ومسألة تحسين أساليب عمل مجلس الأمن وتعزيز الدبلوماسية الوقائية والوساطة ومنع نشوب النزاعات تلك الاولويات.
وخلال الأشهر الماضية استطاعت دولة الكويت أن تبرز سياستها الخارجية المتزنة والمعتدلة وأن تسلط الضوء على القضية الفلسطينية بشكل لافت حيث دعمت مشاركة فخامة رئيس دولة فلسطين محمود عباس في جلسة تاريخية واستثنائية خلال رئاستها لمجلس الامن في شهر فبراير الماضي كما دعت إلى عقد جلسات طارئة لمناقشة التطورات في غزة بهدف وضع حد للانتهاكات المستمرة من قبل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق.
وسعت دولة الكويت في هذا السياق الى استصدار بيانات صحفية عن المجلس حول قتل المتظاهرين الفلسطينيين في غزة على يد رصاص القوات الإسرائيلية.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية فقد توجت مساعي الدبلوماسية الكويتية الإنسانية باستصدار مجلس الأمن وبالإجماع القرار 2401 وهو القرار الذي قدمته الكويت والسويد ونجحتا في اعتماده بعد مفاوضات طويلة وشاقة حيث ان اعتماده نال إعجاب المتابعين والمراقبين للأوساط السياسية والدبلوماسية.
ونص ذلك القرار على مطالبة جميع الأطراف بوقف الأعمال القتالية بدون تأخير لمدة 30 يوما متتابعة على الأقل بكل أنحاء سوريا من أجل السماح بتوصيل المساعدات والخدمات الإنسانية والإجلاء الطبي بشكل دائم وبدون عوائق بما يتوافق مع القانون الدولي.
وأكد مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي في إحدى جلسات مجلس الأمن الخاصة بسوريا “التزام الكويت الكامل بالاستمرار في المتابعة الحثيثة لحالة تنفيذ القرار في التقارير الشهرية للمجلس ولن تدخر جهدا لإحراز تقدم في التنفيذ”.
ومن جهة اخرى وأمام استمرار حملة الصواريخ الباليستية على المملكة العربية السعودية من قبل جماعة الحوثي والتي شهدت تصعيدا خطيرا عندما تم استهداف الرياض وخميس مشيط ونجران وجازان بسبعة صواريخ باليستية أدانت الكويت وبأشد العبارات تلك الهجمات وطالبت مجلس امن أن يكون له موقف موحد وواضح لوضع حد لتلك الهجمات التي تهدد السلم والأمن الاقليمي.
كما كان لدولة الكويت دور قيادي في استصدار بيان رئاسي هام لمجلس الأمن حول اليمن بتاريخ 15 مارس 2018 الأمر الذي لاقى إشادة واسعة من قبل الدبلوماسيين منهم مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي الذي قال حينها “نحن ممتنون للأشقاء بدولة الكويت على الدور الكبير الذي قاموا به في إصدار البيان الرئاسي الخاص باليمن لاسيما أن المفاوضات بدأت أثناء رئاسة دولة الكويت لمجلس الأمن”.
وأكدت دولة الكويت على حل الأزمة اليمنية عبر الطرق السلمية وفقا للمجريات الثلاثة المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 2216.
وعلى صعيد آخر استطاعت دولة الكويت بعد عمل دؤوب وتنسيق مع بقية أعضاء مجلس الأمن قيادة المجلس وبالتعاون مع المملكة المتحدة وجمهورية البيرو في زيارة تاريخية تعد الأولى من نوعها إلى بنغلاديش وميانمار بهدف الاطلاع على أوضاع أقلية الروهينغيا المسلمة واللاجئين منهم.
وكانت تلك الزيارة إحدى الأولويات بالنسبة لدولة الكويت التي عملت على ترتيبها منذ انضمامها كعضو في مجلس الأمن وذلك انطلاقا من دفاعها عن القضايا الإسلامية ونصرة مسلمي الروهينغيا والقضايا الإنسانية باعتبار أن الدبلوماسية الإنسانية إحدى ركائز السياسية الخارجية الكويتية.
يذكر أن دولة الكويت حصلت على تأييد ساحق في الانتخابات التي عقدت في يونيو 2017 لاختيار أعضاء مجلس الأمن لعامي 2018 و2019 حيث حظيت ب 188 صوتا من أصل 192 الأمر الذي يبين المكانة المرموقة التي تتمتع بها دولة الكويت في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
كما انتخبت الكويت نائبا لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورتين 21 و27 وانتخبت عضوا بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي لمدة ثلاث سنوات في عام 1967 وانتخبت للمرة الثانية عضوا في هذا المجلس عام 1992 وتم قبولها عضوا في لجنة التعاون عبر القارات المنبثقة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1975.
ودعمت الكويت وبقوة برامج الأمم المتحدة التنموية والاقتصادية واستعانت بالمساعدة الفنية الدولية من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حيث شهد التعاون بينها وبين هذا البرنامج تطورا متزايدا سمح لأهداف هذا البرنامج أن تشمل العديد من القطاعات الإنمائية في الكويت.
وأكدت الكويت حضورها في المحافل الدولية فهي عضو فاعل في العديد من المنظمات الدولية مثل اتحاد البريد العالمي ومنظمة الطيران المدني الدولية ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير والاتفاقية الدولية للتعرفة الجمركية (جات) والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واعترافا من الكويت بأهمية منظمة الأمم المتحدة افتتحت في يناير 2009 بيت الامم المتحدة بمشاركة الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون الذي يضم مكاتب جميع منظمات الأمم المتحدة العاملة في الكويت تعبيرا منها عن عمق العلاقات التي تربط الكويت والأمم المتحدة وتقديرا منها لأهمية دور الوكالات والمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني.
وقررت الحكومة في ديسمبر 2007 تخصيص ما نسبته 10 في المئة من قيمة أي مساهمة تقدمها الكويت لأي دولة منكوبة للمنظمات والوكالات الدولية المتخصصة العاملة في الميدان واستجابت الكويت لمعاناة الكثير من الدول النامية الصعوبات الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة.
كما أنشأت صندوق الحياة الكريمة برأسمال قدره 100 مليون دولار لتطوير وتحسين الإنتاج الزراعي في الدول النامية وتبرعت بمبلغ 150 مليون دولار للصندوق الذي أنشئ في قمة منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) عام 2007 وخصص للقيام بأبحاث ودراسات في مجالات الطاقة والبيئة والتغير المناخي.
ومنذ انضمام الكويت للأمم المتحدة اتبعت نهجا ثابتا في سياستها الخارجية ارتكز بشكل أساسي على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية لكل البلدان المحتاجة انطلاقا من عقيدتها وقناعتها بأهمية الشراكة الدولية وتوحيد وتفعيل الجهود الدولية بهدف الإبقاء والمحافظة على الأسس التي قامت لأجلها الحياة وهي الروح البشرية.
وفي هذا السياق شكر نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق دولة الكويت اميرا وحكومة وشعبا للدور الكبير الذي تقوم به في دعم أنشطة الأمم المتحدة وخاصة في المجال الإنساني معربا عن امتنانه لما تقوم به الكويت من اعمال إنسانية.
واعرب حق لوكالة الانباء الكويتية (كونا) عن امتنانه لما تقوم به دولة الكويت من أدوار لتعزيز السلام الدولي من خلال الوساطة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والوساطة التي قامت بها لايجاد حل سياسي للازمة اليمنية والمساعي الدائمة لتقريب وجهات النظر بين الدول.
وتبلغ نسبة ما تقدمه الكويت من مساعدات أكثر من 3ر1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الكويتي متجاوزة بذلك النسب المقررة دوليا التي هي 7ر0 في المئة وخصصت الكويت 10 في المئة من مساهماتها الطوعية لدعم الأمم المتحدة ووكالاتها وضاعفت تلك المساهمات في سبتمبر 2014.
وخلال السنوات الأخيرة برزت الكويت على ساحة العمل الإنساني الدولي بصورة لم يسبق لها مثيل حيث لعبت دورا رئيسيا في هذا المجال من خلال مؤسساتها الرسمية والهيئات والجمعيات الخيرية ونظمت الكويت ثلاثة مؤتمرات عالمية لكبار المانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية.
وتقديرا للجهود الكبيرة التي بذلتها دولة الكويت بقيادة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في الجانب الإنساني على مستوى العالم أعلنت الأمم المتحدة في 2014 أن الكويت مركز إنساني عالمي ومنحت صاحب السمو لقب “قائد للعمل الإنساني”.
وبمناسبة مرور عام على تلك الاحتفالية شمل سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد بحضوره حفل تسمية مقر الأمم المتحدة في دولة الكويت باسم سمو الأمير وألقى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور مبشر شيخ رسالة من الأمين العام أكد فيها أن الشراكة بين الأمم المتحدة ودولة الكويت تتجاوز المساهمات المالية والتعاون العملي مبينا أن الكويت تتيح فرصة للحوار بين العاملين في الحقل الإنساني وأنها أصبحت مقرا مهما لفعاليات دولية ومناصرا قويا للشراكة الفعالة.
وقال مبشر في كلمته إن الكويت بقيادة صاحب السمو عملت في الصفوف الأولى في مجال الإغاثة الإنسانية واستضافت في السنوات الماضية مؤتمرات المانحين الدوليين وكانت مساهمة الكويت فيها مليارا و300 مليون دولار مشيرا الى ان مساهمة الكويت شكلت الفرق في حياة اللاجئين وساهمت في بناء المدارس والمستشفيات والمساجد في مخيمات اللاجئين.