أكد حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه اليوم الثلاثاء على وجوب الدفع بآليات التعاون بين الدول العربية والصين بما يسهم في تحقيق المصالح العليا للجانبين ويعزز العلاقات التاريخية بينهما
ودعا سموه في كلمته أمام أعمال الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي – الصيني الى العمل مع الصين لتجاوز الأزمات التي تعيشها بعض الدول العربية وذلك لما تمثله الصين من ثقل وتأثير دولي والتزام صادق بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
ورأى سمو الامير أن العلاقات الاقتصادية بين الكويت والصين تمثل مدعاة للبناء عليها لتحقيق المزيد حيث بدأ البلدان في الحديث عن مشاريع مستقبلية عملاقة تجسد الشراكة الحقيقية بينهما معتبرا ان التعاون الثنائي انطلاقا من اعتبار الصين أحد أكبر الشركاء التجاريين للكويت يمثل بعدا جوهريا في العلاقة.
وأشار إلى ان التعاون الخليجي – الصيني البناء والمستمر يمثل دعما قويا للتعاون المشترك في الإطار العربي – الصيني حيث تأتي المفاوضات المتعلقة بإقامة منطقة تجارة حرة بين دول مجلس التعاون والصين كأحد أهم روافد هذا التعاون مشددا على أن الظروف والأوضاع الصعبة تدفع الى الإصرار أكثر على تحقيق التقدم والنتائج الجيدة والتطلع بأمل وتفاؤل الى اجتماع اليوم.
وفيما يلي نص الكلمة:
باسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الصديق شين جين بينغ – رئيس جمهورية الصين الشعبية الصديقة
معالي الأخ عادل بن أحمد الجبير – وزير خارجية المملكة العربية السعودية الشقيقة – رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري العربي
أصحاب المعالي والسعادة
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبوالغيط
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني بداية أن أتقدم بالشكر والتقدير لفخامة الصديق شين جين بينغ وإلى حكومة وشعب جمهورية الصين الشعبية الصديقة على ما أحاطونا به من حفاوة في الاستقبال وكرم ضيافة وعلى الإعداد المميز لهذا اللقاء الهام.
كما أشكر فخامته على دعوتنا كضيف شرف لحضور الجلسة الإفتتاحية لمنتدى التعاون العربي الصيني والتي تأتي متزامنة مع زيارة الدولة التي نقوم بها إلى بلدكم الصديق.
فخامة الرئيس
أصحاب المعالي والسعادة
يأتي اجتماعكم اليوم في إطار منتدى التعاون العربي الصيني استكمالا لمسيرة علاقات تاريخية طويلة ننظر من خلالها لتعاوننا مع أصدقائنا في الصين بأفق واسع وتفاؤل غير محدود ونؤمن بأن الدفع بآليات ذلك التعاون سوف يسهم في تحقيق المصالح العليا لأمتنا العربية ويسهم أيضا في خدمة مصالح أصدقائنا ويعزز العلاقات التاريخية بين الجانبين والتي نحرص على تطويرها ودعمها في كافة المجالات بما يتواءم مع عمقها وعراقتها والتي امتدت لزمن طويل كما أن هذا التعاون سيمكننا من تحقيق المشاورات السياسية والتنسيق حول القضايا والأزمات الراهنة بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
فخامة الرئيس
أصحاب المعالي والسعادة
ندرك تماما أن هذا التعاون الذي مضى على تأسيسه ما يقارب العقد والنصف لن يتحقق له النمو والاستمرار والوصول به إلى الغايات المنشودة من انطلاقة ونحن نعيش في ظل أوضاع متوترة وغير مستقرة في وطننا العربي حيث أن القضية الفلسطينية وهي قضيتنا المركزية الأولى لا زالت بعيدة عن دائرة اهتمام وأولويات العالم رغم ما يمثله ذلك من تهديد للأمن والاستقرار علينا ولا زالت الأوضاع المأساوية في اليمن وسوريا وليبيا والصومال تدمي قلوب أبناء أمتنا العربية لأن مصيرها لا يزال يقع ضمن دائرة المجهول الأمر الذي يدعونا إلى التوجه إلى أصدقائنا في الصين للعمل معنا لنتمكن من تجاوز ما نواجهه من تحديات وذلك لما تمثله الصين من ثقل وتأثير دولي والتزام صادق بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة حتى نستطيع معا الدفع بتعاوننا إلى الآفاق التي تحقق مصالحنا المشتركة وتضمن لنا الاستمرار في هذا التعاون.
وفي إطار الالتزامات المتبادلة لهذا التعاون فإننا ندرك مشاغل أصدقائنا في الصين المتصلة بأمنهم واستقرارهم ونتفهم تلك المشاغل ونقف إلى جانبهم مؤكدين على دعمنا لسياسة الصين ومبدأ وحدة أراضيها والتزامنا الثابت بمبدأ الصين الواحدة كما ندعم مساعي الصين لإيجاد حل سلمي للنزاعات على الأراضي والمياه الإقليمية عبر المشاورات والمفاوضات الودية وفق الاتفاقيات الثنائية وعلى أساس اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار كما أننا ننظر بارتياح لما تحقق من إنجازات لأصدقائنا على صعيد تعاملهم مع ما يمس أمنهم واستقرارهم.
فخامة الرئيس
أصحاب المعالي والسعادة
على الرغم من قناعتي بأنكم على إطلاع بما سوف أورده من حقائق وأرقام حول العلاقات الاقتصادية بين بلدي الكويت والصين على مسامعكم إلا أني أجدني سعيدا لأن أذكرها هنا لما تمثله من مؤشر تفاؤل ومدعاة لنا لأن نبني عليه لنحقق المزيد وغني عن القول إن الكويت تحظى بموقع جغرافي استراتيجي يربط آسيا بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا محاذية لتجمعات بشرية كبرى وقد كانت فيما مضى جزءا من ما يعرف بطريق الحرير وعلى المستوى الثنائي بدأنا في الحديث مع أصدقائنا في الصين عن مشاريع مستقبلية عملاقة تجسد الشراكة الحقيقية كما وباشرنا باتخاذ خطوات عملية في هذا الشأن كمشروع مدينة الحرير والجزر الكويتية وذلك لثقتنا المطلقة بتوجهات القيادة الصينية حيال التعامل معنا والمصداقية التي لمسناها من خلال ذلك التعامل.
وفي قراءة لمعدلات التبادل التجاري على المستوى الثنائي تؤكد الأرقام بأن الصين تحتل المركز الثاني لصادرات الكويت من النفط ومشتقاته في حين تبلغ قيمة الصادرات الكويتية غير النفطية إلى الصين ما يقارب 480 مليون دولار أمريكي وتبلغ قيمة الواردات الصينية إلى الكويت ما يقارب 5 مليارات ومئة مليون دولار أمريكي فضلا عن حجم الاستثمارات الكويتية الضخمة في السوق الصينية.
إن تعاوننا الثنائي إنطلاقا من اعتبار الصين كأحد أكبر الشركاء التجاريين لنا يمثل بعدا جوهريا وفق آليات التعاون مع الصين وإضافة مهمة له.
أما إذا انتقلت إلى التعاون الخليجي الصيني البناء والمستمر فهو يمثل دعما قويا لتعاوننا المشترك في الإطار العربي حيث تأتي المفاوضات المتعلقة بإقامة منطقة تجارة حرة بين دول مجلس التعاون والصين كأحد أهم الروافد لتعاوننا المشترك خاصة أن حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون والصين بلغ (127 مليار دولار) وهو رقم مرشح للازدياد في ضوء توسيع مجالات التعاون وتعزيزها.
وعلى مستوى التعاون العربي – الصيني فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين مائة وواحدا وتسعين مليار دولار لعام 2017 وتتطلع الدول العربية إلى الشراكة الواعدة في مشروع الحزام والطريق لما يمثله من أهداف إستراتيجية وفرص غير محدودة للتعاون والربط وتسهيل حركة النقل ومضاعفة فرص الاستثمار وتعزيز الاقتصاد العالمي.
ولا يغفل تعاوننا العربي – الصيني مجال الطاقة وإيلاء الأهمية القصوى لهذا القطاع بإقامة مشاريع الاستثمار الكبرى في مجال النفط والغاز الطبيعي والاستفادة من الخبرات الصينية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقة المتجددة.
وفي الختام لا بد لنا من التأكيد بأن الظروف والأوضاع الصعبة التي نواجهها اليوم جميعا تجعلنا أكثر إصرارا على تحقيق التقدم والنتائج التي ننشدها ونتطلع بأمل وتفاؤل إلى إجتماع الدورة الثامنة لمنتدى التعاون العربي الصيني.
متوجهين بكل الشكر والتقدير لكل القائمين على الإعداد لهذا الإجتماع بجمهورية الصين الشعبية والدول العربية مع تمنياتنا لإجتماعنا بالتوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.