اكدت دولة الكويت مواصلتها دعم مساعي الامم المتحدة للتصدي لتحديات ظاهرة التغير المناخي إيمانا منها بأن التصدي لهذه الظاهرة مسؤولية مشتركة وان كانت بدرجات متباينة بما يتوافق مع الاولويات والقدرات الوطنية تحقيقا لطموحات الشعوب.
جاء ذلك في كلمة دولة الكويت التي ألقاها المندوب الدائم لدى الامم المتحدة السفير منصور العتيبي في جلسة مجلس الامن حول صون السلم والامن الدوليين والمخاطر الامنية المرتبطة بالمناخ مساء امس.
وقال العتيبي “كدولة مجاورة للعراق نتفق على تأثيرات تغير المناخ على النظام الايكولوجي وخصوصا منطقة الاهوار وهو ما يستدعي تعاونا وثيقا على مختلف المستويات للحد من تداعياته على البيئة والسكان والعمل على انعاش هذه المنطقة وتنميتها”.
واضاف ان مجلس الامن متفق على ان تغير المناخ ظاهرة حتمية اصبحت هاجسا لجميع الدول بل الشغل الشاغل لجميع شعوب العالم نظرا لخطورة الآثار الضارة لتلك الظاهرة التي تعتبر من اكبر التحديات في العصر الحالي لأنها تهدد امن بل ووجود العديد من الدول وتنذر بحدوث كارثة انسانية.
واوضح العتيبي انه “لا يوجد هناك احد في مأمن من مخاطر هذه الظاهرة الآخذة في التغير ورغما عما يعتقده البعض فإن الانشطة البشرية هي السبب الاساسي لهذا التغيير اذ لم تعد الحروب والصراعات السبب الوحيد في عدم الاستقرار وانعدام الامن”.
واشار الى دور مجلس الامن الذي عهد إليه ميثاق الامم المتحدة الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ السلم والامن الدوليين على الرغم من ان المجلس ليس الآلية المثالية لمعالجة ظاهرة تغير المناخ نظرا لتشعب ابعاد هذه الظاهرة والتي هي بحاجة الى مناقشة واسعة النطاق في سياق التنمية المستدامة.
واكد العتيبي ان جهود المجلس تعتبر جزءا لا يتجزأ من الجهود التي تقوم بها اجهزة ووكالات الامم المتحدة الاخرى حسب الاقتضاء وفي نطاق ولاية كل منها للنظر في موضوع تغير المناخ والتصدي له بما في ذلك تداعياته المحتملة على الامن.
وذكر ان تلك الجهود تستند لمتطلبات مبادئ واحكام اتفاقية الامم المتحدة الاطارية لتغير المناخ وبروتوكول كيوتو واتفاق باريس التي تمثل في مجموعها الصكوك القانونية التي تلزمنا بالتعاون المشترك في هذا المجال.
واضاف “لا نستطيع الحديث عن الاجراءات الدولية للتصدي لظاهرة تغير المناخ دون التأكيد على مبدأ التنفيذ المتمثل في تحمل الدول المسؤولية المشتركة والمتباينة ازاء هذه الاعباء والتي تم تجسيدها في سياق اتفاق باريس عام 2015 الذي يسعدنا دخوله حيز التنفيذ في فترة قياسية”.
ولفت العتيبي الى ان السعي نحو التنمية المستدامة بمختلف ابعادها يتطلب توفير الظروف المناسبة خاصة تلك المرتبطة بتغير المناخ لما له من انعكاسات خطيرة على حياة البشر.
واستذكر العتيبي الجفاف والتصحر وتفاقم المجاعة والاضطرابات السياسية والنزاعات حول الموارد والنزوح الجماعي والاعاصير والفيضانات وموجات الحر الشديدة وارتفاع منسوب المياه وانعدام الامن الغذائي.
وبين انه على الرغم من الجهود التي بذلت لمواجهة ظاهرة تغير المناخ فإن الطريق لا يزال طويلا للتمكن من تخفيف آثاره وانه لا مناص من العمل الدولي المتكاتف لتخفيف آثاره الضارة وانعكاساته الخطيرة على كوكب الارض والذي يتطلب ارادة سياسية وتعاونا وتضامنا دوليا لتحقيق اهداف هذا الاتفاق.
وذكر ان البلدان النامية تبذل جهودا استثنائية للتصدي لتغير المناخ وتعزيز قدراتها للتأقلم معه اذ هي اول المتضررين من تلك الظاهرة واشدهم تضررا ولاسيما اقلها نموا وكذلك الدول الجزرية الصغيرة وعدد من دول القارة الافريقية.
واعرب العتيبي عن امله أن تلتزم الدول المتقدمة بالوفاء بالتزاماتها وان تأخذ بزمام الريادة اذ يتعين عليها اتخاذ اجراءات عاجلة وجريئة لتخفيف انبعاثات الغازات الدفيئة والحفاظ على مستوى ارتفاع درجات الحرارة المتفق عليه.
وتابع قائلا “لقد واكب الاهتمام العالمي لتغير المناخ اهتمام مماثل من جانب دولة الكويت كونه امرا واقعا ونحن كغيرنا من الدول متأثرون به لذا شاطرت بلادي الكويت المجتمع الدولي في الحد من تداعيات التغير المناخي دون ان تدخر جهدا على المستويين المحلي والدولي”.
واضاف ان الكويت حرصت على تأصيل العمل الجماعي منذ انطلاق المفاوضات وصولا الى تصديقها على اتفاق باريس التاريخي وصاحب هذا ترجمة للالتزامات التي يمليها الاتفاق كأساس واولوية في برامج ومشاريع وطنية للحفاظ على البيئة وحمايتها.
واكد العتيبي “ان هذه الجهود تأتي انطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه مستقبل الأجيال القادمة وإيمانا منا بدورنا الصديق للبيئة في اطار التخفيف والتكيف مع تغير المناخ”.