تنطلق رحلة احياء ذكرى الغوص السنوية يوم غد الخميس تحت رعاية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مدشنة عامها الثلاثين في تأكيد ثابت ومتواصل على أهمية تراث الكويت البحري الكويتي.
ولارتباطها الوثيق بصفحات ناصعة من تاريخ الوطن وتضحيات الآباء والأجداد يعيد أبناء الكويت عاما بعد آخر إحياء ذكرى رحلة الغوص والتراث البحري بمشاركة سفن مهداة من سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ومن الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه.
وتحظى رحلة إحياء ذكرى الغوص السنوية الذي تنظمها لجنة التراث البحري في النادي البحري الرياضي الكويتي وتستمر إلى 26 يوليو الجاري برعاية واهتمام سمو أمير البلاد لما لها من الأثر العميق في تعزيز رغبة وحماس الشباب في إحياء صور الماضي بكل ما تحمله من صعوبات ومشقات وتجسيدا للصور الرائعة والمعبرة عن تراث الوطن.
ومارس أهل الكويت قديما مهنة الغوص على اللؤلؤ بما فيها من مشقة وسفر طويل وأخطار سعيا للرزق ومواجهة شظف العيش ضاربين من خلالها أمثلة خالدة على قوة بأسهم وعزيمتهم وإصرارهم على مواجهة قسوة الحياة لاسيما أن مهنة الغوص كانت كأي مهنة أخرى تتعرض لفترات من الازدهار وأخرى من الكساد.
ولعل من أفضل سنوات ازدهار مهنة الغوص على اللؤلؤ ما شهدته الكويت في ثلاثينيات القرن الماضي إذ كان الكويتيون يخرجون للغوص في مواسم محددة على ظهر سفن خشبية شراعية تنوعت مسمياتها على حسب أشكالها وأحجامها فمنها (البقارة) و (البوم) و(الجالبوت) و(السنبوك) و(الشوعي) التي كانت تنتقل في رحلاتها لاستخراج اللؤلؤ الثمين من (مغاص) إلى آخر ومن (هير) إلى (هيرات) أخرى بحثا عن (الدانة) و(القماش) الأبيض النقي.
وكان موسم الغوص الرئيسي يبدأ في شهر مايو كل عام ويطلق عليه (الدشة) وينتهي أواخر شهر سبتمبر ب (القفال) أو (الردة) وهناك مواسم أخرى أقصر في المدة الزمنية تسمى (الخانجة) أو (باكورة).
وعرف عن أهل الكويت قديما قوة البأس والقدرة على التحمل والخبرة في أمور البحر لذا كان الغواص الكويتي يخوض غمار البحر رغم أهواله مرتديا فقط (الشمشول) وهو سروال قصير أسود ويضع على انفه (الفطام) وهي قطعة صغيرة مصنوعة من عظام السلاحف يبلغ طولها نحو اصبع لمنع تسرب الهواء من رئة الغواص أو دخول المياه إليها.
ولعل قوة التحمل عند أجدادنا كانت تظهر جلية في مواجهتهم أخطار البحر والغوص على اللؤلؤ ومنها انقطاع نفسهم وخروجهم في اللحظة الأخيرة من أعماق البحر بحالة غيبوبة تسمى (السنا) أو انفجار طبلة الأذن بسبب ضغط الأعماق القوي كما كانوا يصابون ببعض الأمراض الجلدية كمرض (السمط) الذي يؤدي الى تعفن الجلد وظهور الطفح والقروح علاوة على مواجهتهم خطر أسماك القرش.
واعتمد أهل الكويت قديما على النجوم لمعرفة الطرق البحرية واتجاهاتها وكانوا يقيسون عمق البحر ويتعرفون على نوع التربة باستخدام قطعة مستطيلة من الرصاص تسمى (البلد).
وبدأ النادي البحري مشواره في تنظيم رحلات الغوص السنوية منذ عام 1986 بخمس سفن خشبية وفرتها وزارة الإعلام تلتها سبع سفن أخرى هدية من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح عام 1987 رغبة منه رحمه الله في توسيع المشاركة الشبابية في الرحلات ليصل بذلك مجموع السفن المشاركة في رحلة الغوص الى 12.
ثم جاء الاحتلال العراقي للكويت عام 1990 لتتوقف رحلة الغوص الخامسة التي كان النادي البحري يستعد لتنظيمها إذ تم تدمير جميع سفن الغوص آنذاك فتوقفت الرحلة حتى عام 1993 عندما عاود النادي استئناف أنشطته من جديد وعلى رأسها احياء رحلة الغوص على اللؤلؤ السنوية والتي تمت في أغسطس من العام ذاته وبسفينة خشبية واحدة مقدمة من النوخذة رجب علي.
وفي عام 1994 أهدى الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح النادي البحري سفن غوص جديدة وأيضا أهدى سمو أمير البلاد سفنا أخرى إلى النادي البحري ما مكنه من مواصلة جهوده في تنظيم رحلات الغوص سنة بعد سنة لتتسع المشاركة الشبابية هذا العام بواقع 200 شاب بكل ما يعنيه ذلك من ربط بالمعاني الوطنية وتخليد ذكرى الأجداد وتكريمهم.