بعد نحو عقدين، عادت العلاقات الإثيوبية الإريترية لتفتح الطريق أمام أسر كثيرة فرقتها سنوات القطيعة التي أغلقت الحدود ووسائل الاتصال بين البلدين متنذ عام 1998م، حيث بدأت كل دولة في ترحيل جماعي لمواطني الأخرى.
وبعد عامين ومع احتدام الصراع على طول الحدود المشتركة، اختفت زوجته نتسلال أبرهة بشكل غامض مع ابنتيهما. وبدأ عبد السلام وهو صحفي في التلفزيون الرسمي الإثيوبي عملية بحث محمومة عنهن.
وبعد عدة أيام قابله أحد الجيران وسلمه رسالة من نتسلال تقول فيها إنها رحلت لإريتريا مع البنتين أزمرة ودنايت اللتين كانتا في سن المراهقة آنذاك.
ولم تفسر نتسلال في الرسالة أسباب رحيلها، لكن عبد السلام كان يشك في أنها، مثل ملايين آخرين على جانبي الصراع، وقعت أسيرة للنعرة الوطنية التي اجتاحت البلدين تحت وطأة الحرب وإراقة الدماء.
وكتبت الأم في الرسالة “في يوم ما.. قد نلتقي”.
إلا أن حلم لم الشمل أصبح حقيقة هذا الشهر عندما وقعت حكومتا البلدين، اللذين ظلا خصمين لنحو عقدين حتى مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار عام 2000، اتفاق سلام أنهى سنوات من العداء.
وبعد أن تصافح الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وتعانقا وتعهدا بإعادة العلاقات كان عبد السلام بين أكثر من 400 مسافر توجهوا إلى أسمرة يوم الأربعاء في أول رحلة طيران مباشرة بين البلدين منذ 1998.
وأمس الخميس خارج مبنى صغير في حي جيزا بندا تيليان بأسمرة، استقبل عبد السلام بالزغاريد والتهليل. تعانق الزوج والزوجة والابنتين للمرة الأولى منذ 18 عاما.
في البداية كان الحوار متحفظا. وقال لزوجته “جئت رغم شعوري بألم في الأسنان”. وردت الزوجة قائلة “أنا أيضا مريضة”. وانفجر عبد السلام بالبكاء عندما عانقته ابنتاه.
وقال “كانت سنوات من الظلام. الانفصال والشوق كانا فوق الاحتمال. تخيل أن شخصا فاز باليانصيب للتو. هذا هو شعوري الآن”.
لكن عبد السلام كان يتطلع للمستقبل. وقال “لا أهتم بذلك الآن..ألقيت بالماضي خلف ظهري وسوف أستمتع بالمستقبل مع أبنائي”.