منحت الكويت المرأة حقوقها السياسية كاملة في الانتخاب والترشيح وتولي المناصب القيادية بعد مشوار طويل خاضته في سبيل إقرار حقها الدستوري والسياسي.
وأثبتت المرأة في الكويت من خلال تاريخها الحافل بالإنجازات دورها الريادي والفاعل في مسيرة التنمية التي تشهدها البلاد في شتى مجالات الشأن العام والمجتمع والاقتصاد والسياسة وغيرها.
ولم يكن للمرأة الكويتية أن تحقق هذا النجاح لولا وجود العديد من العوامل التي مهدت له في مقدمتها تطور المنظومة التشريعية والاجتماعية التي أتاحت الفرصة أمام العديد من الكفاءات النسائية في البلاد لتتبوأ أعلى المراكز محليا وإقليميا ثم يأتي دور شقيقها الرجل الذي ساندها لنيل كامل حقوقها لاسيما السياسية.
ورغم العثرات والصعاب إلا أن نجاحات المرأة الكويتية أكسبتها الريادة والسبق على مستوى الخليج لما وصلت إليه من مناصب وظيفية متعددة وقيادية ولم يقف اهتمام الكويت بالمرأة عند نقطة الحقوق السياسية فقط بل تعداه الى كل ما يتعلق بالمرأة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا.
وما تقدم نص عليه الدستور عام 1962 عندما كفل حقوق الأمومة والطفولة في المادة التاسعة منه وشدد على حمايتها من العنف من خلال قانون الأحوال الشخصية كما كفل لها حق الترشيح والانتخابات في الجمعيات الأهلية والتنظيمات التعاونية التي تمثل محورا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الدولة.
ولا يمكن إغفال دور المرأة إبان الاحتلال العراقي لدولة الكويت في أغسطس 1990 حيث وقفت في صف الرجل لمقاومة الاحتلال فكان منهن من استشهد ومن أسر حيث استشهدت 82 امرأة وكانت سناء الفودري أول شهيدة على تراب الوطن ثم أسرار القبندي وبقية شهيدات الوطن.
وشغلت المرأة في الكويت العديد من المراتب القيادية فأصبحت وزيرة ووكيلة وزارة ومديرة جامعة وسفيرة وتم انتخابها شعبيا لعضوية مجلس الأمة إضافة إلى خوض تجارب ناجحة في القطاع الخاص حتى تمكنت من حجز مواقع متقدمة إقليميا ودوليا بترؤسها وإدارتها لشركات اقتصادية عملاقة.
وتولت الدكتورة رشا الصباح منصب أول وكيلة وزارة عام 1993 لوزارة التعليم العالي كما شغلت نبيلة الملا منصب أول سفيرة للكويت لدى جمهورية زمبابوي وجنوب أفريقيا عام 1993 وتوجهت نهاية عام 2003 السفيرة الملا مندوبا دائما في الامم المتحدة وتعد بذلك أول سفيرة عربية مسلمة في الأمم المتحدة كما تولت رئاسة مجلس أمناء المركز الثقافي الإسلامي في نيويورك إضافة إلى الدكتورة فايزة الخرافي التي تقلدت منصب مديرة جامعة الكويت.
ولا يمكن نسيان دور المهندسة سارة أكبر التي عرفها العالم بأسره عندما ارتدت الخوذة الواقية واقتحمت النيران التي أشعلها الاحتلال العراقي وساهمت هي وزملاؤها المهندسون الكويتيون والأجانب في إطفاء حريق الآبار.
وعلى الصعيد الدولي نالت لولوة القطامي لقب سفيرة من منظمة اليونسكو للسنة الدولية لمحو الأمية عام 1990 وشغلت منصب مديرة كلية البنات للشؤون الادارية حتى عام 1994 وهي إحدى مؤسسات المجلس العربي للطفولة.
وفي وزارة الاعلام اعتلت أمل مجرن الحمد منصب الوكيل المساعد لشؤون الاعلام الخارجي كما اعتلت إقبال الاحمد منصب رئيس تحرير وكالة الأنباء الكويتية (كونا) في ديسمبر 1998.
وعلى صعيد الحقوق السياسية وافق مجلس الأمة في يوم 16 مايو 2005 وخلال جلسة ماراثونية على الاقتراح بقانون المقدم من الحكومة بتعديل نص المادة الأولى من قانون الانتخاب بما يسمح للمرأة بممارسة حقها في الترشح والانتخاب.
وبدأت أولى خطوات القيادة الكويتية في تمكين المرأة من تبوؤ مكانها الصحيح على خارطة العمل والتنمية في البلاد حين أعلن مجلس الوزراء في يونيو 2005 اختيار المهندسة فاطمة سعود الصباح والمهندسة فوزية محمد البحر لعضوية المجلس البلدي.
وفي الشهر ذاته دخلت المرأة الكويتية وللمرة الأولى ضمن التشكيل الوزاري في البلاد عندما أعلن مجلس الوزراء اختيار الدكتورة معصومة المبارك لشغل منصب وزير التخطيط ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
وفي أبريل 2006 مارست المرأة الكويتية للمرة الأولى حقها السياسي ترشحا وانتخابا عندما أعلنت المهندسة جنان بوشهري ترشحها في الانتخابات التكميلية لعضوية المجلس البلدي عن دائرة سلوى الانتخابية.
وفي مجلس الأمة 2008 تقدمت 27 امرأة بطلب الترشح رسميا لانتخابات المجلس ورغم عدم تمكنها من تحقيق الفوز لكن الممارسة الفعلية أكسبتها مزيدا من الخبرة التي أهلتها للفوز في مجلس 2009.
ففي ذلك المجلس استطاعت المرأة الكويتية أن تحقق نصرا في الانتخابات فاق جميع التوقعات بفوز أربع مرشحات بمقاعد مجلس الأمة هن الدكتورة معصومة المبارك والدكتورة سلوى الجسار والدكتورة أسيل العوضي والدكتورة رولا دشتي.
واستمرت المرأة الكويتية في خوض غمار العملية السياسية في البلاد حيث أصبح وجودها في التشكيل الوزاري أمرا ضروريا حيث تم اختيار الدكتورة معصومة المبارك لمنصب وزير المواصلات في يوليو 2006.
وفي حكومة 2007 تم تعيين الدكتورة معصومة المبارك وزيرة للصحة بينما تم اختيار نورية الصبيح وزيرة للتربية ووزيرة للتعليم العالي.
وعقب تلك الحكومتين استمر تعيين المرأة ضمن التشكيلات الوزارية المتعاقبة حيث تم اختيار الدكتورة موضي الحمود لمنصب وزير دولة لشؤون الاسكان ووزير دولة لشؤون التنمية في حكومة مايو 2008 واختيرت نورية الصبيح لمنصب وزير التربية ووزير التعليم العالي واستمر وجود الوزيرتين في حكومة يناير 2009 أيضا وفي مايو من العام نفسه تم تعيين الدكتورة الحمود وزيرة للتربية ووزيرة للتعليم العالي.
أما في حكومة مايو 2011 فتم اختيار الدكتورة أماني بورسلي لشغل منصب وزير التجارة والصناعة وفي نوفمبر من العام نفسه عينت وزيرة للتجارة والصناعة ووزيرة دولة لشؤون التخطيط والتنمية.
واستمر وجود المرأة الكويتية في حكومة يوليو 2012 حيث عينت الدكتورة رولا دشتي وزيرة دولة لشؤون التخطيط والتنمية ووزيرة دولة لشؤون مجلس الأمة وفي ديسمبر 2012 اختيرت أيضا الدكتورة دشتي وزيرة دولة لشؤون التخطيط والتنمية ووزير دولة لشؤون مجلس الأمة فيما عينت ذكرى الرشيدي وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل.
وفي أغسطس 2013 عينت هند الصبيح وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل ووزيرة دولة لشؤون التخطيط والتنمية واستمرت في منصبها في التشكيل الوزاري ديسمبر 2016 وانضمت إليها الدكتورة جنان بوشهري لتصبح وزيرة دولة لشؤون الإسكان ووزيرة دولة لشؤون الخدمات في ديسمبر 2017.
وتستمر المرأة الكويتية إلى اليوم في تسطير نجاح تلو الآخر تاركة بصمتها وإرادتها وعزيمتها في مختلف المجالات لتثبت لمجتمعها خصوصا وللعالم عموما أن المرأة بالفعل هي نصف المجتمع الذي لا يمكن الاستغناء عنه أو تهميشه.