تحقيقا لسعي الكويت في تعزيز اقتصادها الوطني ضمن (رؤية كويت جديدة 2035) تعمل المؤسسات الحكومية جاهدة على توفير بدائل أخرى لتطوير البنى التحتية وإيجاد إطار تشريعي ملائم لتنمية الاعمال للمبادرين الصناعين وتوفير الف رص الاستثمارية الواعدة لهم في مختلف القطاعات منها صناعة إعادة التدوير.
وتعتبر صناعات إعادة التدوير من المشاريع الصاعدة والواعدة في البلاد من خلال محافظتها على البيئة ومواردها الطبيعية وتقليص من حجم النفايات وإيجاد فرص عمل جديدة فضلا عن مساندة باقي الصناعات على تحقيق الاستدامة لتحقيق اقتصاد متنوع مستدام ومتنوع للحد من اعتماد الدولة الرئيسي على العائدات من صادرات النفط.
وفي هذا السياق، أكد مدير عام الصندوق الكويتي لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبدالله الجوعان لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الثلاثاء “أن رؤية الصندوق الوطني تتمحور في بناء مجتمع ريادي يحفز على الإبداع ويحقق فرص التنمية الاقتصادية”.
وذكر أن من أهداف الصندوق الوطني المساهمة في خلق فرص عمل منتجة للكويتيين في القطاع الخاص وزيادة مشاركة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد المحلي والمساعدة في توفير بيئة ملائمة لأعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح أن (الصندوق) يقوم بتمويل كافة المشروعات الإنتاجية والخدمية والتجارية والحرفية والمهنية بشرط عدم تعارضها مع قوانين الدولة أو أحكام الشريعة الإسلامية فضلا عن مطابقة تلك المشروعات للالتزامات البيئية.
وأشار إلى بعض الانشطة التي لا يمولها الصندوق مثل بيع وشراء العقارات وبيع وشراء السيارات وبيع وشراء الأسهم والسندات المالية علاوة على بيع وشراء الأسلحة.
واضاف أن (الصندوق) يقوم بتمويل مشاريع إعادة التدوير مثل إعادة تصنيع الإطارات وإعادة تدوير كل من البلاستيك والخشب والالمونيوم والورق كجزء من المشاريع الصناعية.
من جانبه، قال المدير العام للهيئة العامة للصناعة عبدالكريم تقي ل (كونا) أن رؤية الهيئة ورسالتها تهدف الى تنمية أي نشاط صناعي في البلاد والنهوض به والاشراف عليه فضلا عن تنمية القاعدة الصناعية تحقيقا لأهداف الاقتصاد الوطني ورؤية كويت جديدة (2035).
واضاف ان الهيئة من خلال خطة الكويت الجديدة تسعى ضمن اهدافها الى دعم المبادرين أصحاب الأفكار الصناعية بالتعاون مع الصندوق الكويتي لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتوفير الأراضي الصناعية للمشاريع المستقبلية منها صناعات إعادة التدوير من خلال مشروع مدينة النعايم ومساهمته في تقليل طلبات الانتظار للقسائم الصناعية وتوفيره فرص العمل لهم.
وأوضح انه يحق لاي مبادر صناعي وفقا لنشاطه المعمول به تقديم الطلب على تلك القسائم الصناعية وممارسة نشاطه سواء كان نشاط إعادة التدوير او اي نشاط اخر مؤكدا أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في استثمارات البنى التحتية للمدن الصناعية في السنوات المقبلة.
وذكر ان الهيئة حددت خمسة قطاعات ستضمها (مدينة النعايم) والتي تقع على بعد 70 كيلومترا غرب مدينة الكويت وبتكلفة 240 مليون دينار كويتي (نحو 793 مليون دولار أمريكي) والتي سيتم تخصيص جزء منها لصناعات إعادة التدوير مؤكدا ان المنطقة ستتمتع بالاستدامة من حيث النمو الاقتصادي الملائم للبيئة والكفاءة في استخدام الموارد والمياه وتوليد الطاقة فضلا عن إعادة تدوير النفايات الصلبة والحياة والإدارة الذكية.
يذكر انه من المتوقع ان يبلغ العائد السنوي لمدينة الجديدة (النعايم) حوالي 90 مليون دينار للقطاع الصناعي وحده وستبلغ مساحتها ستة كيلومترات مربعة.
من ناحيته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت الدكتور نايف الشمري ل (كونا) أن صناعات إعادة تدوير بشتى أنواعها هي حاجة ملحة في الكويت لتعزيز القطاع الاقتصادي ودعم التنمية في البلاد لتحقيق الاستدامة التنموية تلبية لرؤية حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري فضلا عن دعم رؤية (كويت جديدة 2035) واعتلاء مكانة دولية عالية متميزة.
وفي معرض اشارته الى التحديات المستقبلية قال الشمري انها تتمثل في استحداث فرص عمل جديدة وتعزيز وتنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني موضحا انه بامكان الاستثمار في مشاريع إعادة التدوير مستقبلا المساهمة في معالجة تلك التحديات وتامين عوائد اقتصادية واجتماعية.
وأكد انه بامكان الصناعات الصغيرة والمتوسطة في البلاد على سبيل المثال الاستفادة من معالجة النفايات عبر استخدام التقنيات المفيدة والمتنوعة وبالتالي تحويل تلك النفايات الى ثروات ومنها نفايات الحديد والألومنيوم والورق والزجاج والخشب وهي من أهم المواد القابلة للتدوير.
وأشار الى قدرة الكويت على تطوير ودعم تلك الصناعات المختصة في إعادة تدوير واعتمادها كرافد قوي لتعزيز ميزانية الدولة موضحا ان إقامتها تتطلب جهودا واضحة في توفير الأراضي الصناعية وتهيئة البنى التحتية اللازمة وتشجيع الجهات والشركات الخاصة على توطين هذه الصناعة وتهيئة المناخ الاستثماري لاستقطاب المستثمر الاجنبي لتطويرها.
وأوضح أن الكويت تعاني كثيرا من حجم النفايات الكبير الذي يتم بشكل يومي مشددا على أهمية تضافر الجهود لتحويل تلك النفايات الى منتجات مفيدة واعادة تدويرها.
وقال الشمري أن حجم النفايات في الكويت في عام 2015 سجل مستويات عالية اذ قدر بحوالي 10 مليون طن من نفايات البناء و 5ر1 مليون طن من النفايات المنزلية وحوالي 369 ألف طن من نفايات القطاع التجاري فضلا عن 365 طن من نفايات القطاع التجاري.
واشار الى “العديد من الدول التي طورت برامج إعادة تدوير ناجحة مثل المانيا التي تبوأت أعلى معدلات إعادة التدوير على مستوى العالم للعام 2017 وذلك بنسبة 56 في المئة ومن ثم النمسا بنسبة 53 في المئة في حين تأتي كوريا الجنوبية في المرتبة الثالثة”.
وأضاف أنه في مقابل جهود تلك الدول في اعادة تدوير النفايات والاستفادة من صناعاتها الا ان هناك العديد من الدول الاخرى التي تهدر كميات كبيرة من النفايات فضلا عن ارسالها الى مدافن النفايات متوقعا ان تصل معدلات توليد النفايات على مستوى العالم في عام 2025 إلى 42ر1 كيلوغرام في اليوم.
من جهتها، أكدت المدير التنفيذي لمشروع (أمنية) للحفاظ على البيئة وتدوير المياه البلاستيكية سناء القملاس ل (كونا) أن (أمنية) تسعى الى ترسيخ مفهوم إعادة تدوير النفايات من خلال تقديم نموذج مختلف لتشغيل إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية المصنوعة من البولي إيثيلين في مسعى لمساعدة البلاد في إدارة تلك النفايات والاستفادة منها اقتصاديا.
واوضحت انه بامكان الكويت إعادة تدوير مايقارب 76 في المئة من النفايات والاستفادة منها في حال تحقق ذلك قائلة أن المواد الخام التي تنتجها مصانع إعادة التدوير يمكن ان تحقق للبلد إيرادات تبلغ 134 مليون دولار سنويا.
وذكرت أن التحدي الأكبر الذي واجهنا في بداية المشروع كان التمويل والعثور على ارض صناعية مناسبة الا انه تم التغلب على تلك الصعوبة من خلال دعم الصندوق الوطني لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة مؤكدة ان (امنية) تهدف أيضا الى ايجاد بيئة مستدامة نظيفة في الكويت عبر الاستثمار في أنشطتها التوعوية ونشرها للوعي.
وذكرت ن مراكز تجميع النفايات البلاستيكية الخاصة بالمشروع موزعة في 29 جمعية تعاونية في مختلف مناطق الكويت في مسعى لايجاد بيئة خالية من التلوث والمخاطر الصحية وصولا لتحقيق رؤية (كويت جديدة 2035).
اما المدير التسويقي لشركة (ري آل) المتخصصة في تجميع نفايات الألمنيوم بدر الطريجي فقال ل (كونا) أن الشركة تهدف الى إعادة تدوير نفايات الالمنيوم وتجميعها من جميع أنحاء البلاد لتحقيق التوازن البيئي في المنطقة اذ أن الالمنيوم هو من اكثر المعادن الموجودة على وجه الأرض وإعادة تدويرها توفر 75 من استهلاك الطاقة.
وأوضح أن مصادر إعادة تدوير الالمنيوم تتضمن الطائرات والسيارات والدراجات والقوارب وأجهزة الكمبيوتر وتجهيزات المطابخ والأسلاك داعيا المواطنين والمقيمين في البلاد الى عدم التردد الاتصال بالشركة في حال رغبتهم التخلص من كميات الالمونيوم الزائدة لديهم .
وأضاف ان عملية إعادة التدوير يعود تاريخها الى بدايات القرن الماضي وزادت بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية موضحا أن 31 في المئة من الالمنيوم المنتج في الولايات المتحدة الامريكية يأتي من خلال الاستفادة من الخردة المعاد تدويرها علاوة على ان 75 في المئة من الالمنيوم المصنوع في العالم الى اليوم يستخدم بسبب إعادة تدويره.
واوضح أن المرحلة الأولى للمشروع تنص على جمع أكبر كمية من نفايات الالمنيوم في جميع مناطق البلاد في حين تنص المرحلة الثانية على إعادة تدوير تلك المادة والاستفادة منها .
من جهته، قال المدير التنفيذي لشركة (أكريفاج) لاعادة تدوير المنتجات الغذائية عبدالوهاب بودي ل (كونا) أن الشركة تعمل على تحويل بقايا مخلفات المنتجات الغذائية بشتى أنواعها إلى سماد عضوي وتجهيزها ليتم بيعها والاستفادة منها من قبل المزارعين وبالتالي مساهمة الشركة في الحد من التلوث البيئي.
وقال ان العديد من البلدان إتخذت إجراءات لاعادة تدوير النفايات وإعادة تصنيعها بما يحقق العديد من الفوائد منها حماية الموارد الطبيعية وتقليص النفايات وإيجاد فرص عمل جديدة فضلا عن تحقيقها موارد اقتصادية تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني مبينا أن الكويت تنفق اكثر من 100 مليون دينار كويتي في إدارة النفايات.
وأشار بودي إلى أن الشركة التي يعمل فيها نحو 20 شابا كويتيا لا تتجاوز أعمارهم ال18 عاما قامت بتحويل حوالي 2ر3 طن من بقايا الخضار والفواكة إلى سماد عضوي خال من المواد الكيميائية عبر تقنية (بركليز ماثود).