أصدرت منظمة حقوق الإنسان الدولية تقريراً عن حالة حقوق الإنسان في العام 2014، تتضمن استعراضا لإجراءات الحكومة “القمعية” ضد معارضيها، إلى الحد الذي بلغ بها تجريد بعضهم من الجنسية، كما استعرض التقرير حالات السجن الذي تعرضها لها نشطاء ومغردون ومدونون بسبب انتقادهم السلطة، وأشار التقرير إلى وضع فئة البدون التي مازال أبناؤها محرومين من التمتع بحق المواطنة، كما استعرض الوضع “السيء” للعمالة الوافدة، وخصوصاً المنزلية منها.. وهنا نص التقرير:
شنت الحكومة حملة قمعية ضد حرية الرأي على امتداد عام 2014، مستعينة ببعض مواد الدستور، وقانون الأمن الوطني، وغيرها من التشريعات لإسكات المُعارضة السياسية. كما جردت السلطات 33 كويتياً من الجنسية، وبينهم 3 أشخاص يبدو أنه قد تم استهدافهم لأنهم يُمثلون أصواتاً مُعارضة.
حرية التعبير
استخدمت السلطات عدة قوانين لملاحقة 13 شخصاً على الأقل قضائياً في عام 2014، لانتقادهم الحكومة أو مؤسسات على مدونات، أو على تويتر وفيسبوك، أو غيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي. ومن بين القوانين المُستخدمة مواد الدستور، وقانون الجزاء، وقوانين الطباعة والنشر، والتجمهر، وإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وقانون الوحدة الوطنية لعام 2013. ويواجه هؤلاء المتهمون اتهامات من قبيل الإضرار بسُمعة شخص آخر؛ وإهانة الأمير، أو غيره من الشخصيات العامة، أو إهانة السلطة القضائية؛ وإهانة الدين؛ والتخطيط أو الاشتراك في تجمهر غير قانوني؛ أو إساءة استعمال أجهزة الاتصالات. ومن بين الاتهامات الأخرى؛ الإضرار بأمن الدولة، والتحريض على الإطاحة بالحكومة، والإضرار بعلاقات الكويت بدول أخرى. وفي عام 2014، أدانت محاكم كويتية 5 أشخاص على الأقل من بين المُتهمين، وأصدرت بحقهم أحكاماً بالسجن لمدد تصل إلى 5 سنوات، وغرامات مالية.
كما اكتسبت الحكومة صلاحيات كاسحة جديدة تمكنها من حجب المُحتوى، ومنع الدخول إلى الإنترنت، وسحب تراخيص مزودي الخدمة دون إبداء أسباب؛ بموجب قانون الاتصالات الجديد الذي تم اعتماده في مايو/آيار. ويفرض القانون عقوبات قاسية على كل من يقوم بإنتاج أو إرسال رسائل “منافية للآداب”، ويمنح جهات غير مُحددة صلاحية تعليق خدمات الاتصال لأسباب تتعلق بالأمن الوطني. ويمكن مُعاقبة أي مزود خدمة اتصالات “يُساهم” في نشر رسائل تنتهك هذه المعايير الغامضة. ولا يُتيح القانون أي فرصة للمراجعة القضائية.
ولقد اتبعت الحكومة طريقة جديدة في مُعاقبة بعض مُنتقديها. فقد قامت في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول بتجريد 33 شخصاً من الجنسية، ومنهم 3 لأسباب تبدو سياسية. ولا تتيح عملية إسقاط الجنسية مجالاً للطعن أو للمراجعة القضائية.
وفي 21 يوليو/تموز، بعد أسبوع من مطالبة مجلس الوزراء للسلطات باتخاذ إجراءات بحق الأشخاص المُتورطين في “العمل على تقويض أمن واستقرار البلاد، والإضرار بمؤسساتها”، أسقط مجلس الوزراء جنسية 5 كويتيين. وكان من الخمسة أحمد جبر الشمري؛ الذي يمتلك عدة منافذ إعلامية كانت قد تحدت حظراً حكومياً. حاول الشمري أن يطعن على القرار، إلا أن محكمة كويتية قضت بعدم اختصاصها بقضايا إسقاط الجنسية. وقالت الحكومة، في 11 أغسطس/آب، إنها أسقطت الجنسية عن أكثر من 10 كويتيين؛ من بينهم نبيل العوضي، الداعية الديني المُحافظ، والمعروف على نطاق واسع بسبب برامجه الحوارية التليفزيونية. وفي 29 سبتمبر/أيلول، وقعت جولة جديدة من جولات إسقاط الجنسية، ضمت سعد العجمي؛ المُتحدث باسم السياسي المُعارض البارز مسلم البراك.
يُخول قانون الجنسية الكويتي رقم 15 لسنة 1959 السلطات صلاحية تجريد الأفراد وذويهم من الجنسية الكويتية، وترحيلهم تحت ظروف مُعينة. وعلى سبيل المثال، يُمكن للسلطات إسقاط جنسية أي شخص إذا اعتبرت ذلك في “مصلحة الدولة العليا” أو أمنها الخارجي، أو كان لدى السلطات دليل على أن الشخص المذكور قد قام بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض سلامة البلاد. ويمكن إسقاط الجنسية إذا تم الحصول عليها عن طريق الاحتيال، أو إذا أدانت محكمة الشخص المُتجنس في جريمة تخل بالشرف أو الأمانة في غضون 15 عاماً من حصوله على الجنسية الكويتية.
كما لجأت الحكومة إلى عمليات الترحيل لإبعاد من لا ترغب في وجودهم من غير الكويتيين. فقامت السلطات، في يونيو/حزيران، بترحيل إمام مصري وزوجته وأولاده بعد أن ندد بالانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2014 في خطبة ألقاها في مسجد كويتي. وقد رحلته السلطات بعد أن أصدرت وزارة الأوقاف لوائح تحظر “التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى” في الخُطب.
مُعاملة الأقليات
ومازال 105,702 من سكان الكويت “البدون” بلا جنسية حتى الآن.
بعد مرحلة تسجيل الجنسية الكويتية الأولى، والتي انتهت في عام 1960، نقلت السلطات طلبات الجنسية التي يقدمها البدون إلى لجان إدارية؛ تفادت تسوية هذه الطلبات على مدار عقود من الزمن. تقول السلطات إن أغلب البدون “سكان بصورة غير قانونية”، تعمدوا إتلاف الأدلة على جنسياتهم الأخرى بغرض الحصول على الامتيازات السخية التي توفرها الكويت لمواطنيها.
كثيراً ما يخرج أفراد من البدون إلى الشوارع احتجاجاً على إخفاق الحكومة في التعامل مع مطالبتهم بالجنسية، رغم تحذيرات حكومية بضرورة ألا يتجمع البدون في الأماكن العامة. والمادة 12 من قانون التجمهر لعام 1979، تحظر مُشاركة غير الكويتيين في التجمعات العامة. وتم إلقاء القبض على 7 أشخاص على الأقل للمُشاركة في الاحتجاجات في 2014.
حقوق المرأة
في شهري مارس/آذار، وأبريل/نيسان، حظرت وزارة العدل على السيدات، وليس الرجال، التقدم إلى وظيفة الباحث القانوني حتى تنتهي فترة تقييم لمدة عامين بالنسبة للمجموعة الأولى التي تم قبولها من السيدات في 2013. وتمنح وظيفة باحث قانوني السيدات الأهلية، للمرة الأولى، للتقدم لوظائف وكلاء نيابة بعد إتمام التقييم، ومن ثم يُمكنهن السعى للعمل كقاضيات. وفي أبريل/نيسان، قضت إحدى المحاكم بإلغاء قرار وزارة العدل، وتم قبول 21 سيدة بالفعل.
وما زالت السيدات تواجهن التمييز في العديد من جوانب حياتهن، وما زالت تدابير الحماية المخصصة للسيدات تحتوي على ثغرات قانونية. فلا توجد في الكويت قوانين تحظر العنف الأسري والتحرش الجنسي والاغتصاب الزوجي. أما التشريع المقترح في أبريل/نيسان للمعاقبة على التحرش الجنسي فلم يخضع للنقاش حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2014. كما أن السيدات الكويتيات المُتزوجات برجال غير كويتيين لا يُمكنهن تمرير الجنسية الكويتية إلى الأزواج أو الأبناء، على العكس من رجال الكويت. ولا يسمح القانون الكويتي للسيدة بالزواج من شريك من اختيارها دون إذن والدها.
العمال الوافدون
افتتحت السلطات، عام 2013، ملجأً لإيواء العمال المنزليين الفارين من أصحاب عمل مسيئين، إدراكاً منها لاستضعاف العمال الوافدين وخاصة العمال المنزليين؛ المستبعدين من قانون العمل أو أي نظام تشريعي آخر. إلا أن عدم كفاية الأطقم العاملة منعت الملجأ من العمل بشكل كامل وتقديم خدمات داخلية. ولقد تم تصميم الملجأ بحيث يستوعب حتى 700 شخصاً، وكانت تقيم به 210 سيدة في سبتمبر/أيلول 2014. ويستقبل الملجأ الضحايا بإحالة من سفارة أجنبية أو منظمة دولية. وليس بمقدور الضحايا مُغادرة الملجأ دون مرافق، إذا كانوا يرغبون في العودة إليه مرة أخرى.
الإرهاب
تتحمل الجماعتان المُسلحتان؛ جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية المعروف أيضاً باسم داعش، مسؤولية انتهاكات مُمنهجة لحقوق الإنسان؛ تشمل الاستهداف المُتعمد للمدنيين واختطافهم خلال العمليات العسكرية في سوريا والعراق في 2014. وتشير تقارير إعلامية إلى أن داعش تضم بين صفوفها أعضاءً يحملون الجنسية الكويتية، وأن أفراداً كويتيين قاموا بتمويل ودعم العمليات العسكرية لداعش وجبهة النصرة.
وقد أعلنت الكويت، في أغسطس/آب، عن تدابير جديدة للحد من تمويل المُتطرفين. ومن بين هذه التدابير حظر جمع التبرعات في المساجد؛ وإلزام الجمعيات الخيرية بمزيد من الشفافية بشأن مصادر تبرعاتها ووجوه إنفاقها، واستصدار إيصالات.
وفي 6 أغسطس/آب، عاقبت وزارة الخزانة الأمريكية 3 كويتيين لقيامهم بتمويل جماعات مُسلحة متطرفة في سوريا والعراق، عن طريق تجميد كافة أصولهم في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنع المواطنين الأمريكيين من التعامل معهم تجارياً.
الأطراف الدولية الرئيسية
ناقش البرلمان إذا ما كان على الكويت الانضمام إلى الاتفاقية الأمنية المشتركة لمجلس التعاون الخليجي لسنة 2012 أم لا، استجابة لضغوط من الحكومة للتصديق عليها. وفي 3 أبريل/نيسان، رفضت لجنة الشؤون الخارجية التابعة للبرلمان الاتفاقية، مع تأكيد الأغلبية على أنها تنتهك مبادئ الدستور الكويتي. ويمكن استخدام البنود الـ 20 من اتفاقية مجلس التعاون الخليجي في قمع حرية التعبير، وتقويض حقوق الخصوصية للمواطنين والمُقيمين.
وقامت الولايات المتحدة، في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الاتجار بالبشر لعام 2014، بتصنيف الكويت ضمن “الفئة 3” – أي من الدول الأكثر إشكالية – للعام الثامن على التوالي. وذكر التقرير إخفاق الكويت في مُلاحقة المُتجرين بالبشر قضائياً، استناداً إلى قانون مُكافحة الاتجار في البشر لعام 2013، أو غيره من القوانين المعنية بجرائم الاتجار بالبشر. وكشف التقرير عن أن جهود مُساعدة العمال الذين تعرضوا لانتهاكات لم يُصاحبها أي أنشطة إنفاذ للقانون بحق أصحاب العمل الذين فر منهم العمال. كما وجد التقرير أن السلطات الكويتية أخفقت كذلك في حماية ضحايا الاتجار بالبشر.