بدأت الجولة الاولى من التصويت في الفلبين اليوم في استفتاء شعبي على قانون يمنح المنطقة الجنوبية في الفلبين ذات الأغلبية المسلمة حكما ذاتيا موسعا ويفضي إلى تأسيس كيان جديد باسم (بانغسامورو) ويعني شعب (مورو).
وقالت اللجنة العليا للانتخابات الفلبينية في بيان صادر ان اكثر من 83ر2 مليون ناخب من مسيحيين ومسلمين وطوائف أخرى مسجلين في مقاطعات جنوبية ومدن في منطقة (مينداناو) سيقومون بالتصويت في الاستفتاء على جولتين حيث ستجرى الجولة الثانية في 6 فبراير القادم.
من جهته حث المتحدث باسم الرئيس الفلبيني سلفادور بانيلو في تصريح صحفي الناخبين على الإدلاء بأصواتهم “لتحديد مصيرهم” من خلال قبول او رفض قانون يسعى لتأسيس كيان (بانغسامورو).
وأوضح بانيلو أن الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي سيحترم اي قرار سيتخذه الناخبون في الاستفتاء قائلا ان “قانون (بانغسامورو) هو تشريع تاريخي في سعينا للسلام الدائم لأن هذا سيصحح المظالم التاريخية التي ارتكبت ضد شعب (مورو)”.
في المقابل أكد رئيس اللجنة المركزية لجبهة تحرير (مورو) الاسلامية يوسوف جيكيري في تصريح مماثل التزامهم بإجراء استفتاء سلمي ومناسب على القانون وضمان السلام والتضامن والأمن في جنوب الفلبين.
وبدأت حملات الدعاية بقبول أو رفض الاستفتاء منذ العاشر من ديسمبر الماضي وشارك فيها مئات الآلاف من المسلمين في جنوب الفلبين وزعماء دينيون مسيحيون من دعاة السلام.
ووقعت حكومة الفلبين اتفاقية سلام شامل مع جبهة تحرير (مورو) الإسلامية في عام 2013 بوساطة ماليزية وكان أبرز ما فيها هو القانون الأساسي لكيان (بانغسامورو) والذي يمنح المنطقة الجنوبية في الفلبين حكما ذاتيا موسعا.
ومن المقرر ان تتقاسم في هذا الكيان الجديد حكومة (بنغسامورو) المقبلة الثروات الطبيعية مع الحكومة المركزية بنسبة 70 في المئة للحكومة المحلية و30 في المئة للحكومة المركزية فيما تمنح السلطات المحلية إدارة شؤون الجنوب بالكامل باستثناء شؤون الدفاع والخارجية والعملة.
وسيتم تعيين رئيس وزراء لكيان (بانغسامورو) الجديد لفترة أربعة أعوام والذي يختاره مجلس منتخب مؤلف من 80 شخصا أغلبهم من جبهة تحرير (مورو) فيما ستتحول الجبهة الى حزب سياسي خاضع لقانون الأحزاب.
وتنص الاتفاقية على انضمام قوات جبهة (مورو) الاسلامية الى شرطة الكيان الجديد والجيش واستيعاب من لم يقبلون منهم في مؤسسات اقتصادية ومشاريع استثمارية فيما تعهدت الجبهة بإلقاء السلاح وتفكيك ذراعها المسلح المكون من 40 ألف مقاتل فور التصديق على الاتفاقية.
ويطلق اسم مورو على المسلمين الذين يعيشون في منطقة (ميندناو) وجزيرتي (بالاوان) و(باسيلان) وأرخبيل (سولو) إضافة إلى جزر جنوبية أخرى في الفلبين حيث يشكل شعب (مورو) نسبة 11 في المئة من سكان الفلبين الذين يزيد عددهم على 100 مليون نسمة ويتحدثون 13 لغة أو لهجة مختلفة.
وبدأت أزمة شعب (مورو) بعد دخول الاستعمار الامريكي الفلبين في منتصف القرن العشرين حيث ألحق الاستعمار المناطق الجنوبية بالحكومة المركزية شمال الفلبين فصاروا أقلية مسلمة في دولة مسيحية.
ودخل شعب (مورو) في مفاوضات سياسية لاستعادة استقلاله من جديد بينما عمدت مجموعات اخرى الى الخيار المسلح ما تسبب في تعثر المساعي السلمية وتحول الهجمات ضد مسلمي (مورو) إلى “تطهير عرقي”.
ودفع ذلك العديد من ابناء الاقلية المسلمة في سبعينيات القرن الماضي الى إنشاء جبهة تحرير (مورو) الإسلامية وحمل السلاح حيث تسببت النزاعات التي استمرت اربعة عقود الى مقتل أكثر من 120 ألف من أبناء (مورو) ونزوح نحو مليونين.
وعاد المفاوضون من جبهة (مورو) والحكومة الفلبينية الى طاولة الحوار مجددا في عام 1997 تخللتها ايضا اشتباكات عسكرية الى ان توصل الطرفان في عام 2013 الى اتفاقية سلام شامل ووقف اطلاق النار بوساطة ماليزية.
وبعد تولي الرئيس الفلبيني دوتيرتي السلطة في عام 2016 دعم مشروع قانون (بانغسامورو) الأساسي حيث تم المصادقة عليه بعد مداولات في البرلمان تمهيدا لعملية الاستفتاء الجارية والتي من المتوقع ان تصب نتائجها في صالح شعب (مورو).