(الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) وكذلك معقودة عليها آمال المصابين بالتوحد في جانب مشرق آخر أثبته التطور العلمي والطبي وبروز نظريات وأفكار جديدة يواصل العلماء عبرها اكتشاف فوائد جمة لركوب الخيل أو ما يسمى (الفروسية العلاجية) إن صح التعبير تساهم في علاج ذوي الاحتياجات الخاصة وخصوصا مصابي (التوحد).
ومع المحاولات العلمية العديدة لتوفير علاج لمرض (التوحد) يظهر أمل جديد للمصابين بهذا المرض من خلال ركوب الخيل كعامل مساعد إذ أكدت دراسات أن له نتائج مذهلة لتحسين وضع هؤلاء المرضى بعد عدة مراحل ويساهم في تقريبهم من محيطهم وعالمهم الخارجي وتحسين حالاتهم ودرجة تواصلهم اجتماعيا مع الأشخاص القريبين منهم.
ومن المعلوم أن طفل التوحد له عالم خاص منعزل به عمن هم حوله ولا يستطيع التواصل معهم لكن بوجود الخيل يستطيع الطفل كسر هذا الحاجز واكتشاف هذا العالم الخارجي.
ووفق الدراسات يتم في بداية الأمر اختيار أفضل الخيل المدربة والقادرة على تحمل الصراخ والعنف اللذين يصدران من المتوحد وأيضا يتم اختيار أشخاص متخصصين ومدربين في هذا المجال.
وأوردت تلك الدراسات أن المعالج المتخصص يتولى تعريف الخيل بالطفل كصديقه الجديد ليكسب من خلاله ثقته وبعد عدة مراحل يعتاد الطفل على الخيل ويعرف كيفية التحكم به والقوانين التي عليه اتباعها ليستمع إليه الخيل وينفذ ما يطلبه.
كما أن ركوب الخيل يحسن من نفسية طفل التوحد ويخلق عاملا من الترابط والثقة مما يجعله قادرا على تحسين السلوك بين المتوحد وبين الأهل والغرباء وتقبلهم.
وفي الكويت يحظى أطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة باهتمام بالغ وعناية فائقة إذ تم إنشاء مراكز عديدة منها (مركز الكويت للتوحد) منذ عام 1994 وأصبح مثالا يحتذى بين المراكز العالمية خلال فترة وجيزة.
وفي هذا الشأن قالت المديرة العامة لمركز الكويت للتوحد الدكتورة سميرة السعد لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الاثنين إن فوائد ركوب الخيل لمصابي التوحد “تعتبر نظرية وليست علاجا بالمعنى الأصح”.
وأفادت السعد بأن ركوب الخيل يساهم في مساعدة المصابين بالتوحد على تخطي عائق التواصل ولا تتعدى أنها عنصر مساهم في ذلك مشيرة إلى أن هناك نظريات أخرى لها الغاية ذاتها ولا تعتبر علاجا قائما بحد ذاته “إذ لا تشفي من شيء”.
وذكرت أن مشكلة عائق التواصل مع المصابين يحول دون تعلمهم واكتسابهم مهارات جديدة لذا لجأ ذوو الاختصاص إلى تعليم المصابين عبر برامج تواصل مختلفة عن تلك الاعتيادية.
وبينت أنه لا يوجد إحصاء رسمي يشمل جميع مصابي التوحد في الكويت معللة ذلك بعدم الوعي بهذا الاضطراب من العامة مما ساهم في عدم معرفة الحالات التي لديها بل وحتى تصنيفها بغير ما هي عليه.
وأضافت أن المركز يسعى حاليا إلى توعية أفراد المجتمع بخصائص هذا الاضطراب لحصر الحالات علاوة على توعيتهم بكيفية التعامل معه.
ونوهت السعد بالدعم الحكومي المستمر للمركز ولذوي الاحتياجات الخاصة عموما مشيرة إلى أن لهم الأولوية في كل شيء إذ توفر الدولة لهم احتياجاتهم المختلفة.
وكشفت عن اشتراك المركز سنويا مع المتاح من مراكز الفروسية سواء الحكومية أو الخاصة ووضع الخطوات لركوب الخيل والحرص على تطبيقها بما يساهم في مساعدة المصابين.
وأكدت أهمية تقبل الأسرة لمصابي التوحد أو ذوي الاحتياجات الخاصة عموما مبينة أن ذلك يساهم في فهمه أولا وتوفير احتياجاته المعنوية ومساهمته في تعليمه واندماجه مع المجتمع ليصبح عنصرا فعالا.
وعلى صعيد متصل قال الباحث في هذا المجال بتال البتال ل(كونا) إن برامج التعامل مع الخيل التي انتشرت في الآونة الأخيرة في عدة دول عربية وأجنبية أظهرت نتائج إيجابية إذ أثبتت العديد من الدراسات في هذا الشأن وجود تأثير إيجابي للخيل في تحسين وتطوير حالات أطفال اضطراب طيف التوحد من خلال التفاعل الاجتماعي والحسي والحركي.
وأوضح البتال وجود مساهمات طيبة وتعاون جيد لدى مراكز ومدارس التوحد في البلاد لناحية اختيار الأطفال حسب المعايير والمقاييس المستخدمة في البحث العلمي وتطبيقها على ارض الواقع.
وأشار إلى وجود دراسات وبرامج أخرى غير ركوب الخيل تساهم في تحسين حالة طفل اضطراب طيف التوحد ومن ضمنها التعامل مع الدلافين والسباحة.
من ناحيتها قالت المتخصصة في تدريب مصابي التوحد على ركوب الخيل سلمى العيسى ل(كونا) إن هناك إقبالا جيدا من الأهالي لتدريب الأطفال المصابين مشيرة إلى ما للبرنامج التدريبي من تأثير فعال على تلك الفئة من الأطفال لاسيما في تحسين تركيزهم وتواصلهم وولوجهم إلى العالم الخارجي.
وذكرت أن برنامج ركوب الخيل قادر على كسر الحاجز بين الطفل المتوحد والعالم الخارجي بعد عدة مراحل فالاستمرارية في ركوب الخيل كفيلة بتعليم الطفل كيفية التحكم بالجواد والقوانين الواجب عليه اتباعها ليتجاوب معه الجواد.
وتابعت أن البرنامج يزيد من قدرات التواصل البصري والإدراك لدى الطفل عموما وأيضا زيادة التركيز وتحسين سلوكه وثقته بنفسه واتباعه للاوامر.
وأوضحت أن استمرارية التدريب تعمل على تحسين تركيز الطفل وعلى استماعه للأوامر بشكل أفضل لكن مدى التحسن والمدة التي يستغرقها تختلف من طفل لآخر بناء على درجة التوحد لدى الطفل إذ تتفاوت ما بين الشديدة والمتوسطة إلى البسيطة.
من ناحيتها قالت فرح محمد وهي والدة طفل مصاب بالتوحد ل(كونا) إنها اكتشفت الحالة لدى طفلها مبكرا واطلعت على الكتب العلمية والدراسات والأبحاث المتخصصة مما ساهم في تعزيز فهمها للطفل وتوفير بيئة مناسبة له في المنزل.
وأشارت إلى تعاونها مع اختصاصي تعديل سلوك مدة أربع سنوات مما ساهم في إحداث تغير جذري في سلوك طفلها للأفضل إذ كان هناك ازدياد ملحوظ في تواصله مع المجتمع.
وأوضحت أن الطفل لديه مشكلات حسية وأهمها اضطرابات في حاسة الاتزان الحركي والادراك الجسدي ومشاكل في التركيز مبينة أنها قامت بزيارة اختصاصي علاج وظيفي ونصحها بتعليم الطفل ركوب الخيل والسباحة.
وبينت أن فترة ركوب الخيل استمرت ثلاث سنوات تعلم منها الطفل كيفية التحكم بجسده وزادت قوة العضلات لديه وأيضا زادت ثقته بنفسه وأصبح لديه توازن في حين قلت المشاكل الحسية لديه.