الحرب بين المرسوم السابق واللاحق
الدستور الكويتي يقر بمشروعية الحرب الدفاعية فقط، وذلك بمقتضي المادة 68 حيث تنص “يعلن الامير الحرب الدفاعية بمرسوم، اما الحرب الهجومية فمحرمة”، وبالتالي يتبين تحريم اللجوء الي القوة في القيام بعمليات هجومية ضد اي طرف، وهذا ما يتماشى مع ميثاق الامم المتحدة ويتفق مع الاهداف التي ذكرت في ديباجته “تحقيق الامن والسلم الدوليين”، ولكن يجوز استثنائيا القيام بالعمليات الحربية للدفاع عن النفس او الدفاع عن البلاد، ويتضح ان المشرع الدستوري حينما اعطي الامير الحق بإعلان الحرب الدفاعية، اعطاه ايضا الحق بتقدير الحالة التي تستوحب الدفاع، فله السلطة التقديرية بذلك ويقرر وفق ما يري من معطيات الواقع وظروف الدول المحيطة فيستنبط الخطر الذي يحيق بالبلاد واحتمالية وصوله الي البلاد، فتأسيسا علي المادة 68 يقدر الامير حالة الخطر التي تمر بها البلاد، ويمارس حقه في اعلان الحرب بمرسوم فقط دونما اخذ لموافقة مجلس الأمة ولا يعرض علي مجلس الامة، نظرا لخصوصية ذلك المرسوم والذي يتشابه مع مراسيم اخري ويختلف مع تلك المراسيم التي يشترط لعرضها علي مجلس الأمة، ولم تبين ان المرسوم سابق ام لاحق لإعلان الحرب، لأنه من المنطقي ان الامير حينما يعلن الحرب فمعني ذلك ان البلاد تتعرض الي خطر حال لا يكون بالإمكان تفاديه إلا بالدفاع الشرعي عن النفس وذلك باللجوء لاستخدام القوة بإعلان الحرب، فيتعين البدء بالحرب فورا، للاستفادة من عنصر المفاجأة في الحرب الدفاعية، ومن ثم ليس من المعقول ان يتريث بصد الخطر لحين اصدار المرسوم فالفسحة الزمنية غير متوافرة، ولا يوجد اشتراط لإصدار المرسوم بمدة محددة قد تطول او تقصر، خصوصا ان الدستور لم يحدد شرط صدور المرسوم قبل اعلان الحرب، وبالتالي يجوز اصدار المرسوم بعد اندلاع الحرب الدفاعية، ولكن يتعين ابلاغ مجلس الامة بذلك او اعلام رئيس مجلس الامة بالحالة بهدف إطلاع المجلس علي موقف الحكومة لان ذلك قد يتسبب بتغيير الاولويات التي تؤثر في مصلحة البلاد واحتمالية وجود ضحايا بشرية جراء بدء العمليات القتالية وخسائر بالمعدات وتكاليف علي الخزانة العامة، لابد لمجلس الامة من الوقوف علي تلك التفاصيل. والدستور ايضا لم يحدد ان الخطر يشترط تهديده للبلاد فقط بل اجاز الدفاع وبالتالي يكون الدفاع الشرعي عن اي مصلحة تتعرض لأذى ولابد من القوة لصد ذلك الأذى حتى وان كان الخطر يهدد دولة صديقة او دولة مجاورة ترتبط بالكويت باتفاقات ومعاهدات دفاع مشترك.
المحامي/ عبدالله ضعيان العنزي