أنجزت لجنة المرافق العامة تقريرها بشأن تكليف المجلس للجنة بتقديم تقرير عن موقف الحكومة تجاه الزيادة الخيالية في سعر إيجارات المحلات في سوق المباركية.
وجاء في التقرير أنه بعد الاستماع إلى آراء ممثلي الجهات المختصة، وبعد الاطلاع على التكليف ودراسة المستندات المقدمة، فقد انتهت اللجنة إلى مجموعة من النتائج والتوصيات على النحو التالي:
1- أبرمت الحكومة عقدا مع شركة مجمعات الأسواق عام 1994 لإدارة سوق المباركية، وقد انتهى العقد في 18 ابريل 2014 بقيمة 80 ألف دينار سنويا.
ثم أبرمت الحكومة ومن خلال مزايدة عقدا لإدارة عقار سوق اللحم والخضار والسمك والسوق الأبيض (سوق المباركية) مع (شركة ريل ستيت هاوس) بقيمة 3 ملايين و671 ألف دينار كإيراد سنوي، وقد أبرم العقد في 9 فبراير 2017.
2- في ضوء الإقرار بحاجة كل مجتمع إلى المحافظ على تراثه وهويته وتاريخه، فإن اللجنة تؤكد أن سوق المباركية جزء رئيس ومهم من تراث الكويت وعنوان لمسيرته ومرآة لثقافته، وهو من المعالم التراثية البارزة للكويت وله أهمية كبيرة لدى الكويتيين لما يحمله من عودة للماضي بسبب تصميمه التراثي، وقد أضحى اليوم من أكثر الأسواق شهرة بالخليج، لما يحمله من تاريخ طويل وهو قبلة لمعظم زوار الكويت.
كما أن حماية سوق المباركية والحفاظ على هويته تعلو على أي اعتبارات مالية أو استثمارية أو عوائد مالية، خاصة أن قيمة العقد 3 ملايين و671 ألف دينار كإيراد سنوي، وهو مبلغ ليس بالكبير بالمقارنة بمكانة وهوية سوق المباركية لدى الكويت وزوارها، وهنا ترفض اللجنة ما تذهب إليه الحكومة في أن فلسفة قانون الشراكة هي زيادة إيرادات الدولة وحتى لو كان هذا صحيحا فإن الأمر لا يكون من خلال سوق المباركية تحديدا.
3- ومن جهة أخرى، فإن رفع أسعار قيمة الإيجارات بأضعاف كثيرة وبنسب عالية، له آثار سلبية مباشرة وكبيرة لما يسببه من ضرر كبير بأصحاب المحلات خاصة ان عدد المحلات كبير يصل إلى 529 محلا، وسينعكس على رفع الأسعار على السلع في المباركية، وهذا كله قد يغير من شكل سوق المباركية وأنشطته التقليدية ومكوناته المعتادة والتي جذبت الناس إليه.
4- تلخص موقف الحكومة في:
أ- إن العقد تم وفقا لأحكام القانون رقم 116 لسنة 2014 بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإن حق المستثمر المتعاقد مع وزارة المالية يخضع في زيادة القيمة الإيجارية لأحكام القوانين السارية التي تنظم الطبيعة القانونية للعقد المبرم، ومن جهة ثانية فإن وزارة المالية هي التي تتولى إبرام العقد وتحصيل الثمن ومتابعة المشروع في حين أن هيئة الشراكة تتولى إجراءات الطرح والترسية.
ب- إن الوزارة لا تستطيع منع الشركة الفائزة من رفع الأسعار استنادا إلى العقد الموقع، ذلك أن العقد شريعة المتعاقدين وإنها سبق أن خاطبت الشركة لوقف الزيادة إلا أن الشركة تمسكت بحقها في رفع الأسعار وإبرام عقود جديدة إعمالا للقواعد الاقتصادية المرتبطة بقانون العرض والطلب ووفقا لسعر السوق السائد في المنطقة وللعقد المبرم مع إدارة أملاك الدولة.
ج- أصدر مجلس الوزراء قراره رقم 117 بتاريخ 28 يناير 2019، بتكليف لجنة وزارية (لجنة الشؤون الاقتصادية، لجنة الخدمات العامة) بدراسة الموضوع من جوانبه كافة بحضور كل من وزارة المالية (إدارة أملاك الدولة) وهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وموافاة المجلس بالتوصية المناسبة.
د- تتمسك الحكومة بأنها ملزمة بطرح استثمار سوق المباركية عن طريق المزايدة باعتبار أن أي عقد ينتهي يطرح للمزايدة.
واللجنة ترى أن ذلك لا يعني بحال من الأحوال ألا تضمن الحكومة المزايدة ومن بعد العقد ما تشاء من شروط ومحددات تتعلق بحماية حقوق أصحاب المحلات قبل التوقيع.
وكذلك فالحكومة تستطيع عند انتهاء عقد الشركة الماضية ألا تطرح السوق لمزايدة بل تتولى مباشرة، والقانون لا يلزمها بطرحه مزايدة مرة ثانية إن أرادت إدارته إدارة مباشرة.
5- ظهر للجنة قصور إجراءات الحكومة في التعامل مع سوق المباركية والشركة الجديدة، وذلك قبل وأثناء وبعد التوقيع مع الشركة الفائدة بإدارة السوق، الأمر الذي يجملها المسؤولية، وقد تجلى قصور الحكومة من جوانب عدة، منها:
أ- لم تلتزم الحكومة بما ورد في رأي الفتوى والتشريع ولا برأي ديوان المحاسبة فيما يتعلق بأحد أهم حقوق الحكومة في القانون والعقد وهو حق إنهاء العقد واسترداد العقار، وذلك بتحديد أسس واضحة لتقدير التعويض الذي يدفع للشركة في حال رغبت الحكومة في إنهاء العقد، إذ جاء في رأي الفتوى والتشريع بضرورة إعادة صياغة البند التاسع من المستند الثالث ليكون على النحو التالي: «يحق للطرف الأول إنهاء العقد في أي وقت تشاء وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة مع مراعاة إخطار المتعاقد مسبقا بموجب كتاب موصى عليه بعلم الوصول من دون أن يكون للمتعاقد الحق في الاعتراض، وفي هذه الحالة فإن مسؤولية الطرق الأول تقتصر على سداد المبالغ المستحقة للطرق الثاني عن الخدمات أو الأعمال محل العقد التي تم إنجازها بالفعل».
كما جاء في رأي ديوان المحاسبة بضرورة (تحديد الأسس والضوابط التي على أساسها يتم احتساب قيمة التعويض العادلة في حال رغبة الطرف الأول في إنهاء العقد لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة تفاديا لأي مشاكل مستقبلية).
وهاتان التوصيتان لم يتم الأخذ بهما، ولو تم الأخذ بهما وحددت عناصر التعويض في حال رغبت الحكومة في إنهاء العقد لوضحت الصورة وحفظت الحقوق وساهمت في حماية المال العام وهو أمر نصت عليه المادة 19 من القانون إذ جاء في آخر النص (وتقدير تعويض عادل يدفع للمستثمر المتعاقد وفقا لما تنص عليه وثائق عقد الشراكة).
ب- تراخي وزارة المالية عن القيام بدورها لتفادي المشكلة أو وضع حلول عقب حدوثها على الرغم من استمرارها لما يقارب العامين.
ج- قصور الدولة في ترك الشركة السابقة (شركة مجمعات الأسواق) تستحوذ على الإيجارات في الفترة الانتقالية، إذ استمرت بتحصيل إيجارات من الحملات في السوق (529 محلا) رغم انتهاء مدة العقد وحتى تاريخ توقيع الشركة الجديدة وقد بلغت قيمة الأموال المستحقة للخزينة و81 ألفا و120 دينارا والتي حصلتها الشركة من دون وجه حق، وذكرت الوزارة أن التنسيق جار لتحصيل تلك الأموال.
د- عدم إخبار الملاك في سوق المباركية بانتهاء العقد مع الشركة السابقة (شركة مجموعة الأسواق المشتركة) الأمر الذي دفعهم لتجديد عقودهم مع الشركة رغم انتهاء عقدها ما جعل تلك العقود تسقط ولا أثر لها في مواجهة الدولة والمستثمر الجديد، وذلك استنادا لأحكام المادة 18 من القانون.
هـ- لم تضمن الحكومة أي نص في الشروط المرجعية الخاصة بالمزايدة العامة يقيد حق المستثمر المتعاقد معه في زيادة القيمة الإيجارية للعقود أو يضع محددات أو ضمانات لعدم رفع الأسعار بشكل كبير أو مرهق على أصحاب المحلات، وهذا يشير إلى أن الحكومة لم تضع حقوق ومصالح ملاك المحلات في حسبانها.
و- لجأت الشركة (ريل ستيت هاوس) إلى مباشرة مطالبتها بإبرام عقود جديدة ورفع الأسعار ورفع مطالبات قضائية قبل الأوان، ولجأت إلى مخاطبة أصحاب المحلات ورفعت قضايا ولم تحرك وزارة المالية ساكنا، في هذا المجال حتى قال القضاء كلمته معتمدا على ما ورد في العقد ومن ذلك ما ورد في حكم محكمة التمييز (ومن ثم فإن سريان العقد في شقه المتعلق بأعمال الإدارة – وفق تفسير المتعاقدين له – إنما يكون في 1 يونيو 2018 وذلك بعد انتهاء مدة 3 أشهر من تاريخ تسلم العقار يضاف إليها من بعد سنة ميلادية كاملة يتسنى للمدعية بعدها أن تدافع وتحاج بهذا العقد كسند كافة المستأجرين في السوق المتعاقد عليه ذلك أنه لا يصح لها أن تتمسك بعقد لم تسر بنوده المتعلقة بأعمال الإدارة بعد بين عاقديه كي تسري من باب أولي وأبدي كسند ذي في صدد الغير، وهو ما لازمه أن تكون الدعوى المطروحة بهذه الحالة والمثابة مرفوعة قبل أوانها الذي لم يحن أو يبدأ بعد، ولما تقدم يتعين رفض الدعوى).